تقلبات مقلقة لسعر الدينار العراقي.. إليك الأسباب والتداعيات

تقلبات مقلقة لسعر الدينار العراقي.. إليك الأسباب والتداعيات

15 يناير 2023
المصارف تبدأ الامتثال للمتطلبات الدولية (Getty)
+ الخط -

يشهد سعر صرف الدينار العراقي منذ نحو شهرين تقلبات مقابل الدولار، يعزوه خبراء إلى بدء العراق الامتثال لإجراءات دولية على التحويلات المالية بالعملة الصعبة، فيما تحمّل أطرافٌ في البلاد واشنطن مسؤولية هذا التراجع.

وفيما سعر الصرف الرسمي المثبّت 1470 ديناراً مقابل الدولار الواحد، تراجع سعر الدينار في السوق منذ منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني إلى 1600 دينار مطلع الأسبوع، قبل أن يستقرّ عند نحو 1570، بحسب وكالة الأنباء الرسمية، أي إن العملة العراقية فقدت نحو 10% من قيمتها.

ولا يعتبر هذا التراجع ضخماً، لكنه بدأ يثير قلق العراقيين من ارتفاع أسعار المواد المستوردة، كالغاز والحنطة على سبيل المثال.

يقول مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية مظهر صالح لفرانس برس إن "السبب الجوهري والأساسي" لهذا التراجع "قيد خارجي". لكن بعض السياسيين العراقيين يعتبرون أن الولايات المتحدة تقف خلف هذا التقلب.

واتهم هادي العامري، رئيس تحالف الفتح، الممثل للحشد الشعبي الذي يضمّ فصائل موالية لإيران منضوية في الدولة، في تصريح الثلاثاء، الأميركيين بممارسة "الضغوط على العراق لمنع انفتاحه على أوروبا ودول العالم". واعتبر أن الأميركيين يستخدمون "الدولار كسلاح لتجويع الشعوب".

في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي أحمد طبقشلي أنه "على عكس الشائعات والمعلومات المغلوطة، لا دليل على وجود ضغط أميركي على العراق"، الشريك الاقتصادي والتجاري المهم لإيران المجاورة.

في الواقع، يرتبط تقلّب الدينار ببدء امتثال العراق لبعض معايير نظام التحويلات الدولي (سويفت) الذي بات ينبغي للمصارف العراقية تطبيقه منذ منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني للوصول إلى احتياطات العراق من الدولار الموجودة في الولايات المتحدة.

وليتمكّن العراق من الوصول إلى تلك الاحتياطات التي تبلغ 100 مليار دولار، عليه حالياً التماشي مع نظم "تتطلب التزام أحكام مكافحة غسل الأموال العالمية، وأحكام مكافحة تمويل الإرهاب، وتلك المرتبطة بالعقوبات، كتلك المطبّقة على إيران وروسيا"، وفق طبقشلي.

ويضيف أن الأمر يتعلق بدخول العراق "ضمن نظام تحويلات مالي عالمي يتطلب درجة عالية من الشفافية"، لكن ذلك "سبّب صدمةً" للعديد من المصارف العراقية "لأنها غير معتادةٍ هذا النظام".

وأوضح مظهر صالح أنه ينبغي للمصارف العراقية حالياً تسجيل "تحويلاتها (بالدولار) على منصة إلكترونية، تدقق الطلبات.. ويقوم الاحتياطي الفدرالي بفحصها، وإذا كانت لديه شكوك يقوم بتوقيف التحويل".

ورفض الاحتياطي الفدرالي منذ بدء تنفيذ القيود "80% من طلبات" التحويلات المالية للمصارف العراقية، بحسب صالح، على خلفية شكوك متعلقة بالوجهة النهائية لتلك المبالغ التي يجري تحويلها، كما قال.

أثّر هذا الرفض بعرض الدولار في السوق العراقية. في المقابل، تراكم الطلب، لكن العرض لم يكن متسقاً معه، وبالتالي تراجع سعر الصرف مع تراجع تحويلات المصارف بالدولار.

تحدّث البنك المركزي العراقي في بيان له الثلاثاء عن عودة سعر الصرف إلى ما كان عليه خلال أسبوعين، واصفاً "اضطراب أسعار الدولار" بأنه "حالة مؤقتة".

في غضون ذلك، اتخذت السلطات العراقية إجراءات، منها تسهيل تمويل تجارة القطاع الخاص بالدولار من خلال المصارف العراقية، وفتح منافذ لبيع العملة الأجنبية في المصارف الحكومية للجمهور لأغراض السفر.

وقرر مجلس الوزراء كذلك "إلزام الجهات الحكومية كافة ببيع جميع السلع والخدمات داخل العراق بالدينار وبسعر البنك المركزي البالغ (1470) ديناراً للدولار الواحد".

على الرغم من تراجع الدينار، لا تزال نسبة التضخم ضئيلة، حيث بلغت 5.3% بوتيرة سنوية في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، وفق وزارة التخطيط، لكن المخاوف الفعلية تتعلق بالقدرة الشرائية للسكان.

(فرانس برس)

المساهمون