تقرير العفو الدولية: دعوة إلى الشركات لوقف التواطؤ مع إسرائيل

18 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 16:18 (توقيت القدس)
منظمة العفو الدولية (إسحاق لورنس/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- دعت منظمة العفو الدولية إلى وقف الأنشطة التي تدعم "نظام الفصل العنصري ضد الفلسطينيين" و"الإبادة الجماعية في غزة"، مشيرة إلى تورط 15 شركة إسرائيلية وأجنبية.
- أوصى التقرير بحظر الشركات المتورطة في جرائم إسرائيل، وسحب الاستثمارات، ووقف المشتريات، وفرض حظر على تزويد إسرائيل بالأسلحة والمعدات العسكرية.
- وثقت المنظمة استخدام منتجات شركات مثل بوينغ في الهجمات على غزة، ودعت لتعليق المبيعات ومنع مشاركة هذه الشركات في المعارض التجارية، وحثت المجتمع المدني على محاسبة المتورطين.

دعت منظمة العفو الدولية، في تقرير نُشر اليوم الخميس، الدول والشركات إلى وقف أنشطتها "التي تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر" في "نظام الفصل العنصري ضد الفلسطينيين" تحت السيطرة الإسرائيلية، وفي "الإبادة الجماعية في غزة". وقالت المنظمة إنّها جمعت أدلة موثوقة على مساهمة 15 شركة إسرائيلية وأجنبية في الإجراءات غير القانونية التي تقوم بها إسرائيل.

وقالت المنظمة في التقرير، إن الدول والمؤسسات العامة والشركات حول العالم تساهم في تمكين الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة للقانون الدولي، أو تجني أرباحا منها، وتشمل هذه الانتهاكات الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، والاحتلال غير المشروع لكامل الأرض الفلسطينية، ونظام الفصل العنصري الذي تفرضه على جميع الفلسطينيين الذين تتحكم بحقوقهم، وذلك من خلال التواطؤ أو الدعم أو العجز الذي فرضته على نفسها.

وفي السياق، صرحت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنياس كالامار: "لقد آن الأوان كي تضع الدول والمؤسسات العامة والشركات والجامعات وغيرها من الجهات الخاصة، حدا لإدمانها القاتل على الأرباح والمكاسب الاقتصادية بأي ثمن. ما كان للاحتلال غير المشروع أن يستمر 57 عاما ولا لنظام الفصل العنصري أن يترسخ على مدى عقود، لولا الدعم العميق والمستدام الذي حظيت به إسرائيل من خلال علاقاتها الاقتصادية والتجارية".

وأضافت أنه "لم يكن لـ23 شهرا من القصف المتواصل والإبادة الجماعية أن تستمر (في قطاع غزة) لولا تدفق لا ينقطع للأسلحة ومعدات المراقبة، مدعوما بعلاقات تجارية تفضيلية مع دول وشركات لا تمانع غض الطرف عما لا يمكن الدفاع عنه". ودعت منظمة العفو الدولية كافة أعضائها ومؤيديها حول العالم إلى المطالبة بإنهاء الاقتصاد السياسي الذي ترتكز عليه إسرائيل في ارتكاب جرائمها الدولية فورا.

ويحدد التقرير، إجراءات يتوجب على الدول اتخاذها للوفاء بالتزاماتها، بدءا من حظر ومنع الشركات التي تساهم في جرائم إسرائيل أو ترتبط بها بشكل مباشر، مرورا بإصدار تشريعات وتنظيمات فعالة، ووصولا إلى سحب الاستثمارات ووقف المشتريات أو فسخ العقود، ويرد في التقرير الإجراءات التي ينبغي للشركات اتخاذها، مثل تعليق المبيعات أو العقود أو سحب الاستثمارات. ويشمل التقرير أسماء 15 شركة حددتها منظمة العفو الدولية بوصفها شركات تساهم في الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع، أو في جريمة الإبادة الجماعية، أو غيرها من الجرائم التي يشملها القانون الدولي.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وتشمل هذه القائمة الشركتين الأميركيتين متعددتي الجنسيات "بوينغ" و"لوكهيد مارتن"، وشركات السلاح الإسرائيلية "إلبيت سيستمز" و"رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة"، وشركة صناعات الفضاء الإسرائيلية (IAI)، والشركة الصينية "هيكفيجن"، والشركة الإسبانية المصنعة "كونستروكثيونس إي أوكسيليار دي فيروكاريلس" (CAF) والشركة الكورية الجنوبية العملاقة "إيتش دي هيونداي"، وشركة البرمجيات الأميركية "بالانتير تكنولوجيز"، وشركة التكنولوجيا الإسرائيلية "كورسايت"، وشركة المياه المملوكة للدولة الإسرائيلية "ميكوروت".

وأشار التقرير إلى أن هذه الشركات الـ 15 لا تمثل سوى عينة بسيطة من الجهات المسؤولة عن دعم حكومة قد صممت المجاعة والقتل الجماعي للمدنيين وحرمت الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية على مدى عقود. فقد أسهم أو استفاد كل قطاع اقتصادي، والغالبية الساحقة من دول العالم، والعديد من الكيانات الخاصة، عن دراية، من الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، واحتلالها الوحشي ونظام الأبارتهايد الذي تفرضه في الأرض الفلسطينية المحتلة.

وقالت "العفو الدولية" إنها تنشر هذه الجملة من الدعوات العاجلة للدول والشركات في الذكرى السنوية لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 18 سبتمبر/أيلول 2024، والذي طالب إسرائيل بإنهاء احتلالها غير المشروع للأرض الفلسطينية المحتلة في غضون 12 شهرا من تاريخ اعتماد القرار.

وقد اعتمد القرار تنفيذا للفتوى الصادرة عن محكمة العدل الدولية في يوليو/تموز 2024، التي أعلنت عدم شرعية احتلال إسرائيل للأرض الفلسطينية، واعتبرت أن القوانين والسياسات التمييزية التي تنتهجها إسرائيل ضد الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية تشكل انتهاكا للحظر المفروض على الفصل العرقي والعنصري، وأنه يتعين إنهاء وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية على وجه السرعة.

ودعت الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول الأعضاء آنذاك إلى اتخاذ خطوات ملموسة لتنفيذ إعلان المحكمة، بهدف إنهاء احتلال إسرائيل للأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك اتخاذ تدابير لمنع مواطنيها وشركاتها والكيانات الخاضعة لولايتها القضائية من الانخراط في أنشطة تدعم الاحتلال الإسرائيلي أو تطيل أمده، ووقف استيراد المنتجات الآتية من المستوطنات الإسرائيلية، وتعليق نقل الأسلحة والذخائر والمعدات ذات الصلة إلى إسرائيل متى وُجدت أسباب معقولة للاشتباه في إمكانية استخدامها في الأرض الفلسطينية المحتلة، وكذلك فرض عقوبات، مثل حظر السفر وتجميد الأصول، على الأفراد والكيانات المتورطة في الحفاظ على الوجود غير المشروع لإسرائيل في الأرض الفلسطينية.

كما دعت المنظمة الدول إلى فرض حظر فوري على تزويد إسرائيل بجميع أنواع الأسلحة والمعدات والخدمات العسكرية والأمنية، وكذلك جميع معدات المراقبة، وتقنيات الذكاء الاصطناعي والبنى التحتية السحابية المستخدمة في دعم أنشطة المراقبة والأمن والعمليات العسكرية. ويشمل ذلك حظر عبور أو شحن الأسلحة والمعدات العسكرية والأمنية والأجزاء والمكونات ذات الصلة المتجهة إلى إسرائيل عبر المناطق الخاضعة لولايتها عبر موانئها، أو مطاراتها، أو مجالها الجوي، أو أراضيها.

وطلبت إلى وقف جميع أشكال التجارة والاستثمار مع الشركات، أينما وجدت حول العالم، التي تسهم في الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، أو في نظام الفصل العنصري الذي تفرضه، أو في احتلالها غير المشروع، ويشمل ذلك، في الحد الأدنى، الشركات الواردة في تقرير المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، وكذلك في قاعدة بيانات الأمم المتحدة للشركات المساهمة في المستوطنات غير القانونية. ويتوجب على الدول أن تكفل التزام الشركات الخاضعة لولايتها بفرض هذه العقوبات.

وقالت المنظمة إنها وثقت على مدى سنوات الانتهاكات التي ارتكبتها عدد من الشركات الواردة في هذه القائمة، وراسلت المنظمة جميع الشركات المذكورة في هذا التقرير، طارحة أسئلة حول أنشطتها في إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة، ومعبرة عن قلقها إزاء انتهاكات حقوق الإنسان المبيَنة في هذا التقرير. وفي عام 2025، أرسلت خمس شركات فقط ردودًا.

ووثقت منظمة العفو الدولية استخدام قنابل وأجهزة توجيه من إنتاج شركة بوينغ في غارات جوية غير مشروعة نُفذت في قطاع غزة المحتل. وعلى وجه التحديد، يرجح أن جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدم أسلحة من تصنيع بوينغ، بما في ذلك ذخائر الهجوم المباشر المشترك، وقنابل GBU-39 صغيرة القطر، في سلسلة فتاكة من الغارات الجوية التي قتلت عشرات المدنيين الفلسطينيين في كافة أنحاء غزة، بينهم العديد من الأطفال.

وتزود أكبر ثلاث شركات أسلحة إسرائيلية -وهي إلبيت سيستمز، ورافائيل للأنظمة الدفاعية المتقدمة المملوكة للدولة، وشركة صناعات الفضاء الإسرائيلية– الجيش الإسرائيلي سنويا بسلع وخدمات عسكرية وأمنية تقدر بمليارات الدولارات. وتشمل هذه الطائرات المسيرة الاستطلاعية والمسلحة، والذخائر الجوالة، وأنظمة أمن الحدود، التي واصلت إسرائيل استخدامها في هجومها العسكري على قطاع غزة وبقية الأرض الفلسطينية المحتلة. وكانت إلبيت سيستمز الشركة الوحيدة التي ردت على طلب منظمة العفو الدولية للحصول على مزيد من المعلومات، حيث نفت المخاوف التي أثارتها منظمة العفو الدولية، وأصرت على أنها تعمل بصورة قانونية، مؤكدة أنها تزود حكومة ذات سيادة، غير خاضعة للعقوبات، ومعترف بها من المجتمع الدولي، على حد تعبيرها.

ووفقا للتقرير، تستخدم إسرائيل كذلك منتجات وخدمات المراقبة التي توفرها شركة هيكفيجن لدعم نظام الفصل العنصري ضد الفلسطينيين، بينما تختص شركة كورسايت في تطوير برمجيات التعرف على الوجه وبيعها، وهي التقنيات التي يستخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال هجومه على قطاع غزة. وأما شركة بالانتير تكنولوجيز الأميركية، والمتخصصة في الذكاء الاصطناعي، فتزود جيش الاحتلال الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بمنتجات وخدمات ذكاء اصطناعي مرتبطة بأنشطة إسرائيل العسكرية في قطاع غزة.

وتساهم شركة ميكوروت في الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع للأرض الفلسطينية، وذلك من خلال إدارة البنية التحتية وشبكات المياه في الضفة الغربية بطرق تمييزية ضد الفلسطينيين وتخدم المستوطنات الإسرائيلية غير المشروعة. وتدعم شركة كونستروكثيونس إي أوكسيليار دي فيروكاريلس مشروع القطار الخفيف في القدس، الذي يسهل التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، بينما تنتج شركة إيتش دي هيونداي آليات ومعدات ثقيلة تستخدم في عمليات الهدم غير المشروعة في الأرض الفلسطينية المحتلة، وتوفر خدمات صيانة لهذه الآليات.

وفي هذا الصدد، قالت كالامار: "يتعين على هذه الشركات أن تفي بمسؤولياتها تجاه حقوق الإنسان أو أن تواجه تبعات أفعالها. وعليها أن تضمن عدم تورطها، بأي شكل من الأشكال، في الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع والجرائم التي ترتكبها إسرائيل ويشملها القانون الدولي. إذا تقاعست عن فعل ذلك، تواجه الشركات وموظفيها وأعضاء مجالس إدارتها خطر تحمل المسؤولية المدنية، وفي بعض الحالات، حتى المسؤولية الجنائية المحتملة بتهمة المساعدة أو التواطؤ في ارتكاب جرائم إسرائيل".

ودعت العفو الدولية تلك الشركات إلى تعليق جميع المبيعات وطلبات التسليم إلى إسرائيل فورا، بما يشمل الأسلحة وغيرها من المعدات العسكرية والأمنية ومعدات المراقبة، أو أي آليات ثقيلة أخرى، أو أجزاء أو سلع وخدمات تساهم أو ترتبط بشكل مباشر بانتهاكات حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة. وينبغي للدول، والمؤسسات العامة، والشركات الأخرى أن تستخدم نفوذها من خلال استثماراتها في تلك الشركات، وذلك بما يشمل ويصل إلى سحب الاستثمارات ووقف المشتريات منها، من أجل وقف هذه المبيعات.

وقالت المنظمة إنه يتعين على الدول منع تلك الشركات من المشاركة في المعارض التجارية، والاجتماعات الحكومية، وإبرام العقود، والحصول على منح البحث، والأنشطة مع الكيانات العامة المرتبطة بالمنتجات التي تورد لإسرائيل. ويجب أن تظل جميع تلك التدابير سارية إلى أن تتمكن تلك الشركات من إثبات أنها لا تساهم في الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع أو الجرائم التي يشملها القانون الدولي.

وصرحت كالامار: "تدعو منظمة العفو الدولية الناس حول العالم إلى المبادرة بالتحرك سلميا. وعلى المجتمع المدني والجمهور عموما حشد الدعم وتنظيم الحملات لضمان التزام جميع الدول بواجباتها، ومحاسبة الشركات التي تساهم في الجرائم التي ترتكبها إسرائيل أو ترتبط بها بشكل مباشر.. فمن غير المقبول أن تكون الدول والشركات على دراية بأن أرباحها تجنى من موت الفلسطينيين وتدمير حياتهم ومعاناتهم القاسية، ثم تختار أن تغض الطرف عن ذلك، وتتمسك بنماذجها التجارية غير آبهة بالكلفة الإنسانية ومنغمسةً في ثرواتها.. لا يمكننا السماح بعد الآن بتجاهل ما يقاسيه الشعب الفلسطيني من معاناة لا يمكن تصورها".

ويأتي تقرير منظمة العفو الدولية بعد تقرير آخر أصدرته الإثنين أكثر من 80 منظمة غير حكومية، من بينها أوكسفام ورابطة حقوق الإنسان، دعت فيه الدول والشركات، وخصوصا الأوروبية، إلى إنهاء "تجارتها مع المستوطنات غير القانونية" الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وللمرة الأولى، اتهمت لجنة تابعة للأمم المتحدة الثلاثاء إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في غزة، في تقرير وصفته الدولة العبرية بأنه "منحاز ومضلل".

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون