استمع إلى الملخص
- ستُستخدم 767 مليون شيكل لشراء المحروقات ومبلغ مشابه لتسديد ديون الكهرباء، وجاءت هذه التفاهمات نتيجة ضغوط أمريكية وأوروبية على الاحتلال.
- تواجه الحكومة الفلسطينية تحديات مالية بسبب الاقتطاعات الإسرائيلية وتسعى لتجنيد الموارد المالية لتغطية النفقات، مع تحسين الحوكمة وتفعيل الشركة الوطنية لنقل الطاقة.
توصلت السلطة الفلسطينية إلى تفاهمات لاستخدام 1.5 مليار شيكل (420 مليون دولار)، من الأموال الفلسطينية المخصصة لغزة والتي احتجزها الاحتلال الإسرائيلي، حيث تم تجميدها في حساب خاص في النرويج، حيث ستستخدم الأموال لدفع ديون ومتأخرات على الشركات والهيئات المحلية الفلسطينية لصالح شركة الكهرباء الإسرائيلية، ولشراء الوقود المستخدم في الأراضي الفلسطينية خلال الأشهر المقبلة، ما سيوفر للحكومة الفلسطينية مزيداً من السيولة المالية بشكل غير مباشر.
ولا تشمل التفاهمات 2.1 مليار شيكل (نحو 570 مليون دولار)، محتجزة لدى الاحتلال منذ أغسطس/ آب 2024، أي بعد اعتراف النرويج بدولة فلسطين، وتوقف الحكومة الإسرائيلية عن العمل باتفاق، أبرم في يناير/كانون الثاني 2024 بالتنسيق مع الولايات المتحدة، لنقل الأموال المخصصة لغزة المحتجزة إلى حساب في النرويج وتقدر بـ275 مليون شيكل شهريا (74.5 مليون دولار)، تقتطع منذ بدء الحرب على غزة.
مسارات استخدام الأموال الفلسطينية
وبحسب بيان لوزارة المالية الفلسطينية، أمس الأحد، ستستخدم 767 مليون شيكل (208 ملايين دولار)، من الأموال المودعة في النرويج في شراء المحروقات للأشهر المقبلة، ومبلغ مشابه لتسديد متأخرات وديون الكهرباء. وأوضح مدير مركز الاتصال الحكومي محمد أبو الرب لـ"العربي الجديد"، أن الاحتلال يقتطع شهرياً متوسط 120 مليون شيكل (32.5 مليون دولار)، للكهرباء إضافة إلى اقتطاعات أخرى.
وأشار إلى أن "الحكومة الفلسطينية تعمل على برنامج كبير لتحقيق تسويات مع شركات الكهرباء وهيئات الحكم المحلي التي تزود المواطنين بالكهرباء"، مؤكدا أنه "تم بالفعل عمل تسوية مع 25 هيئة محلية أو شركات بعملية تقاص، لتقوم تلك الشركات والهيئات بدفع الديون للحكومة على دفعات وليس بشكل فوري". وبحسب أبو الرب، فإن ذلك "سينظم المال، ويقلل من اقتطاعات المقاصة، وخصوصاً أن الشركات والهيئات المحلية تحصل على ثمن الكهرباء بالدفع المسبق".
وحول أسباب وحيثيات التفاهمات، قالت مصادر لـ"العربي الجديد"، إن "أي خطوات لتحويل الأموال الفلسطينية المجمدة في الحساب الخاص إلى البنوك الفلسطينية لصالح السلطة الفلسطينية، قد يقود إلى مخاطر سيطرة الاحتلال عليها واحتجازها مرة أخرى، فضلاً عن الأزمة المالية التي تمر بها السلطة نتيجة لتراجع الإيرادات لعوامل عدة أهمها الاقتطاعات الإسرائيلية من المقاصة".
في المقابل، قال الباحث الاقتصادي مؤيد عفانة لـ"العربي الجديد"، إن "الاحتلال وافق على هذه التفاهمات بسبب ضغوط أميركية أوروبية، فضلاً عن الحصول على متأخرات الشركات الإسرائيلية بشكل كامل، وهو فعلاً ما روج له وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش بأنه نجاح في تحصيل الديون".
وقالت وزارة المالية الفلسطينية إن الاقتطاعات الإسرائيلية من أموال المقاصة ارتفعت منذ بداية العام الجاري إلى حوالي 70%، ومع تراجع الإيرادات المحلية منذ العدوان على غزة، فإن الحكومة تسعى إلى تغيير هذا الوضع وتجنيد كل ما أمكن من موارد مالية للإيفاء بالتزاماتها من رواتب للموظفين ومخصصات مختلف الفئات والموردين والقطاع الخاص والنفقات التشغيلية للمستشفيات والمؤسسات التعليمية وغيرها.
وأضافت: "أما في ما يتعلق بالأموال المحتجزة في إسرائيل من مخصصات قطاع غزة، فإن الحكومة ستواصل العمل مع مختلف الجهات الدولية والتي تضغط باتجاه ترتيبات سيتم بموجبها الإفراج عن رصيد هذه الأموال في أقرب فرصة". وتوقع الباحث عفانة إبقاء الاحتلال لباقي الأموال الفلسطينية محتجزة، ما لم يحصل على مقابل سياسي، أو ضغوط حقيقية من الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي على إسرائيل، أو الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار".
وعلق عفانة على التفاهمات بأنها "جيدة، بالنظر إلى أنه استثمار بإيرادات محتجزة وميتة، حيث ستوفر أموالاً من أصحاب محطات الوقود الذين يدفعون ثمن ما يشترون نقداً، فضلاً عن قرض ستحصل عليه شركة كهرباء محافظة القدس من البنوك، مكافئ لقيمة الديون عليها والتي ستدفعها السلطة من خلال التفاهمات"، وبذلك سيوفر الاتفاق، حسب عفانة، "إعادة تمويل للخزينة بطريقة غير مباشرة".
وقال عفانة: "نحن الفلسطينيين لم نكن لنحصل على هذه الأموال بأي حال، وقد ثبت أن كل الجهود والمسارات التي عملت عليها السلطة الفلسطينية خلال الفترة السابقة لم تجد مع إسرائيل". وقالت وزارة المالية إنه وفي حال تنفيذ مبادئ هذه التفاهمات، فإن ذلك سينعكس بشكل إيجابي على توفر السيولة النقدية التي من شأنها المساهمة في تغطية جزء من نفقات الحكومة التشغيلية وتعزيز قدرتها على الإيفاء بالتزاماتها خلال الفترة المقبلة.
قصة ديون الكهرباء
ويؤكد مدير مركز الاتصال الحكومي أن الحكومة تدفع فاتورة كهرباء المخيمات، وهي تقارب 12 مليون شيكل (3.2 ملايين دولار)، وأن الهيئات المحلية تعمل على الحوكمة، مشيراً أيضاً إلى مبادرة حكومية لاستدامة هيئات الحكم المحلي، ومن ضمنها جباية تلك الهيئات لضريبة الأملاك بشكل مباشر، ما يوفر لها السيولة اللازمة لعملها.
قيم مختلفة لفواتير الكهرباء
أما مشكلة اختلاف قيمة فواتير الكهرباء لصالح شركة الكهرباء الإسرائيلية بين ما تطالب به تلك الشركة وما يستهلكه الفلسطينيون، فيؤكد عفانة أنها "مشكلة ستتواصل، حيث تقوم الشركة الإسرائيلية بقراءة العداد عند نقاط الربط، وهي قرب المناطق الإسرائيلية، بينما تدون الهيئات والشركات الفلسطينية القراءات عندها، وفي الطريق قد يكون هناك ضياع للطاقة أو سرقات"، وما يزيد التعقيد، بحسب عفانة، "وجود 250 نقطة ربط منفصلة بين هيئات فلسطينية والشركة الإسرائيلية، باتفاقات تجارية منفصلة، بما لا يحقق وفورات حجم الطاقة ويزيد من الفاقد".