استمع إلى الملخص
- تحسن متفاوت في مستوى المعيشة: بين 2014 و2022، تحسنت معيشة الفئات الأكثر فقراً ويسراً، بينما لم تستفد الطبقة المتوسطة بنفس القدر، مما أدى إلى زيادة الهشاشة الاقتصادية التي شملت 4.75 ملايين شخص في 2022.
- الحاجة إلى سياسات إعادة توزيع فعالة: توصي المندوبية بسياسات تستهدف الطبقة الوسطى للحد من الفوارق، مع إصلاح جبائي ومواكبة الأجور للتضخم، ودعم القدرة الشرائية للأسر في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة.
تفضح آخر البيانات حول مستوى معيشة الأسر في المغرب، تفاقم الفوارق الاجتماعية، واتّساع دائرة الأسر التي تعاني من الهشاشة الاقتصادية والمهددة بالسقوط في الفقر.
وتؤكد المندوبية السامية للتخطيط الحكومية، في تقرير صادر عنها أمس الاثنين حول مستوى معيشة الأسر في المغرب، أن الفوارق الاجتماعية لم تتراجع، رغم تحسن مستوى المعيشة في الأعوام العشرة الأخيرة.
وتضيف أن الفقر تراجع في المغرب، غير أن الفئات الاجتماعية التي لم تستفد من السياسات الاجتماعية ازدادت هشاشةً، وتواجه خطر السقوط في الفقر.
وتأتي بيانات المندوبية كي تؤكد على تأثيرات ضعف النمو الاقتصادي في المغرب، الذي لم يتجاوز 3% في الأعوام الأخيرة، هذا في الوقت الذي تراهن المملكة على 6% بهدف معالجة مشكلة البطالة التي وصلت إلى 13.3% في العام الماضي.
وتشير المندوبية إلى أن المستوى المعيشي للأسر تحسن بشكل ملحوظ بين 2014 و2019، ثم تباطأ بين 2019 و2022، خلال فترة الأزمة الصحية، مؤكدة على أن السلوك الاستهلاكي للأسر تغير، إذ أضحت توجِّه نفقات أكثر للتغذية والسكن، فيما انخفضت نفقات الترفيه والثقافية والرعاية الصحية.
ويؤكد التقرير على أنه بين 2014 و2022، تفاقمت الفوارق الاجتماعية، فقد سجّل مستوى معيشة 20% من السكان الأقل يسراً ارتفاعاً سنوياً بنسبة 1.1%، وعرف مستوى معيشة فئة 20% الأكثر يسراً تحسناً سنوياً بنسبة 1.4%.
ولاحظت المندوبية أن "الفئات الأكثر فقراً والفئات الأكثر يسراً عرفت تحسناً عاماً في مستوى معيشتها، في حين لم تستفد الطبقة المتوسطة بنفس الوتيرة، سواء من ثمرات النمو أو من سياسات إعادة التوزيع المعتمدة".
ورغم تراجع الفقر المطلق من 4.8% إلى 3.9%، والفقر متعدد الأبعاد من 9.1% إلى 5.7%، إلا أن المندوبية تلاحظ تزايد حدة الهشاشة في المدن، وهي ظاهرة تشير إلى مدى تعرض الأسر لخطر الوقوع في الفقر عند غياب شبكات الأمان التي تمكنها من مواجهة الصدمات الاقتصادية والاجتماعية.
وتضيف أن الهشاشة الاقتصادية شملت 4.75 ملايين شخص في عام 2022، مؤكدة أن تلك الظاهرة أضحت غالبة في المدن، ففي سنة 2022، كان 47.2% من عدد الأفراد المصنفين في وضعية هشاشة من سكان المدن أي ما يقارب النصف، مقابل 36% سنة 2014.
الطبقة الوسطة في المغرب
وتسجل المندوبية أن "السياسات الاجتماعية التي تستهدف فئة الفقراء مكّنت هذه الفئة الاجتماعية من الاستفادة من ثمرات النمو"، مؤكدة على تواضع مستوى معيشة الطبقة الوسطى.
وتشدد على ضرورة "اعتماد سياسات عمومية لإعادة التوزيع موجهة لهذه الطبقة، بغية الحد من الفوارق الاجتماعية".
ويؤكد الخبير الجبائي محمد الرهج، في حديثه لـ"العربي الجديد" أنه بالإضافة للسياسات العمومية لشبكات الأمان، يفترض السعي لتقليص الفوارق وتفادي وقوع الأسر في الهشاشة والفقر، عبر إصلاح جبائي حقيقي و مواكبة الأجور للتضخم.
ويوضح أن التقليص من حجم الفوارق يستدعي خفض الضغط الجبائي عبر العدالة على مستوى الضريبة على الدخل، وتسخير الضرائب غير المباشرة لدعم القدرة الشرائية للأسر، خاصة بالنسبة لبعض السلع والخدمات الأساسية.
وسبق لمراقبين أن حذروا من انزلاق مغاربة إلى دائرة الفقر تحت تأثير الأزمة الصحية، وارتفاع الأسعار، والجفاف في الأعوام الأخيرة، إضافةً إلى تأثيرات هشاشة النمو الاقتصادي الذي لا يخلق ما يكفي من فرص العمل، ما يوسّع دائرة الفوارق في ظل ضعف عملية إعادة التوزيع.
وشدّد مراقبون على الخوف من اتساع دائرة الفقر في المغرب، إذ يعتبرون أن الطبقة الوسطى مرشحة للانزلاق إليها، في ظل ارتفاع تكاليف التعليم الخاص والصحة والسكن والنقل.