تفاقم الانقسام الأوروبي حول الغاز الروسي.. والنمسا تنضم إلى المعارضين

18 يونيو 2025   |  آخر تحديث: 10:06 (توقيت القدس)
ميناء نوفوروسيسك الروسي، 2024 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تتزايد الخلافات داخل الاتحاد الأوروبي حول واردات الغاز الروسي، حيث تعارض النمسا والمجر وسلوفاكيا خطة القطع النهائي، مع دعوة النمسا لإعادة تقييم السياسة في حال تسوية النزاع الأوكراني.
- يشير كيريل دميترييف إلى أن الخسائر الأوروبية من مقاطعة الغاز الروسي قد تتجاوز تريليون يورو بحلول 2025، بينما تصر المفوضية الأوروبية على تنفيذ خطة التخلي عن الغاز الروسي.
- ارتفعت أسعار الغاز في أوروبا لأعلى مستوى منذ أبريل بسبب التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، مما يعقد المشهد الطاقي العالمي.

تتعمق الخلافات داخل الاتحاد الأوروبي بشأن مستقبل واردات الغاز الروسي، حيث تواصل النمسا رسمياً انضمامها إلى صفوف المعارضين للخطة الأوروبية التي تهدف إلى القطع النهائي للغاز الروسي، لتكون ثالث دولة تعبر عن تحفظاتها بعد المجر وسلوفاكيا. وصرحت وزيرة الدولة النمساوية لشؤون الطاقة، إليزابيث زيتنر، للصحافيين، يوم الاثنين، خلال اجتماع مع نظرائها الأوروبيين ضرورة إعادة تقييم سياسة التخلي الكامل عن الغاز الروسي حال تحقيق تسوية للنزاع الأوكراني، وأشار دبلوماسيون أوروبيون إلى أن هذه المبادرة تمثل أول موقف علني صادر عن دولة أوروبية خارج دائرة المعارضين التقليديين منذ بدء العمل بالعقوبات في فبراير/شباط 2022.

من جهته، صرح كيريل دميترييف، رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي والممثل الخاص للرئيس لشؤون الاستثمار والتعاون الاقتصادي مع الدول الأجنبية، بأن النمسا دعت رسمياً الاتحاد الأوروبي إلى التحضير لاستئناف واردات الغاز الروسي فور توقيع اتفاقية سلام، مؤكداً أنها أصبحت ثالث دولة عضو في التكتل، بعد المجر وسلوفاكيا، تنضم إلى جبهة الداعين إلى الحوار البناء مع موسكو. وأضاف في تعليقه المنشور على قناته في "تليغرام"، أمس الثلاثاء: "رغم المعارضة العلنية من المفوضية الأوروبية، تمثل هذه التصريحات مؤشراً بالغ الأهمية على تنامي الوعي بضرورة استمرار التعاون الاقتصادي مع روسيا"، مشيراً إلى أن الطريق الوحيد لسلام مستدام يكمن في "إقامة شراكات متبادلة المنفعة ونبذ أيديولوجيات الطاقة العقيمة".

وتابع المسؤول قائلاً: "أوروبا تحتاج إلى إمدادات طاقة مستقرة، وروسيا تحتاج إلى شركاء مسؤولين يتسم سلوكهم بالشفافية والقدرة على التنبؤ"، معتبراً أن استعادة هذا المنطق هو السبيل الوحيد لاستقرار الأسواق. واستشهد في هذا السياق بتقديرات صندوق الاستثمار المباشر الروسي التي تشير إلى أن "الخسائر الأوروبية المتراكمة بسبب مقاطعة الغاز الروسي تجاوزت تريليون يورو مع مطلع عام 2025"، مؤكداً أن هذه الأرقام تثبت فشل سياسات القطيعة.

من جانب آخر، لا تزال المفوضية الأوروبية تصر على تنفيذ خطة التخلي عن الغاز الروسي. وذكرت وكالة "رويترز"، أمس الثلاثاء، أن الشركات الأوروبية ستمنع من إبرام عقود توريد غاز جديدة اعتبارًا من 1 يناير/كانون الثاني 2026. ويتعين استكمال العقود قصيرة الأجل الموقعة قبل 17 يونيو/ حزيران من هذا العام في غضون عام، والعقود طويلة الأجل بحلول 1 يناير/ كانون الثاني 2028. ولا تؤيد سلوفاكيا والمجر هذه الخطط. وأكد دان يورغنسن، المفوض الأوروبي للطاقة، أن "إبرام اتفاقية سلام لا ينبغي أن يؤدي إلى استئناف واردات الغاز الروسي".

في سياق متصل، وصلت أسعار الغاز في أوروبا إلى أعلى مستوى لها منذ إبريل/ نيسان، حيث ارتفعت إلى 470.92 دولارًا لكل ألف متر مكعب. وجاءت هذه الزيادة في الأسعار نتيجةً للأنباء الواردة من إيران. بحسب صحيفة "أر بي كا" الروسية، أمس الاثنين. وصرح سيرجي شامين، المحلل في BCS World of Investments، لموقع Finance Mail عن ارتفاع تكلفة الغاز للمستهلكين الأوروبيين في حال تفاقم الصراع. وأشار شامين إلى أنه في حال تفاقم الوضع في الشرق الأوسط، فقد ترتفع أسعار الغاز بحدّة. وأكد أن كل شيء سيعتمد على مدى خطورة الصراع وتوسعه.

ولفت شامين الانتباه إلى أن أحداثًا مماثلة قد حدثت بالفعل في عام 2024، في إبريل/نيسان وأكتوبر/تشرين الأول. ففي إبريل/نيسان، وصلت أسعار الغاز إلى 370 دولارًا لكل ألف متر مكعب، بزيادة قدرها 10% عن قيمتها السابقة. وفي أكتوبر/تشرين الأول، وعلى الرغم من استئناف الصراع، لم تشهد أسعار الغاز أي زيادة حادة. ويُرجح أن يكون ارتفاع تكلفة الغاز العام الماضي ناتجًا عن التغيرات الموسمية واقتراب الطقس البارد.

تتجلى في هذه التطورات المتلاحقة تعقيدات المشهد الطاقي العالمي الذي يزداد تشابكاً يوماً بعد يوم، فبينما تصر المؤسسات الأوروبية على تحويل القطيعة مع الغاز الروسي إلى سياسة دائمة بغض النظر عن التطورات السياسية في أوكرانيا، تدفع مجموعة متنامية من الدول الأعضاء نحو ربط سياسات الطاقة بالتسويات الدبلوماسية، وفي الخلفية تظل الأسواق حبيسة التقلبات الحادة التي تسببها العوامل الجيوسياسية المتشابكة من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط، مما يضع الدول الأوروبية أمام تحديات وجودية تتعلق بأمن الإمدادات واستقرار الأسعار وقدرة الاقتصادات على امتصاص الصدمات المتتالية في عالم يزداد تقلباً.

المساهمون