تعليق الرحلات مع فرنسا اعتباراً من الأحد يُعمّق أزمة سياحة المغرب

تعليق الرحلات مع فرنسا اعتباراً من الأحد يُعمّق أزمة السياحة المغربية

26 نوفمبر 2021
يعتمد المغرب أساساً على السياحة في استقطاب العملات الصعبة (Getty)
+ الخط -

ينتظر أن يفضي القرار الذي اتخذته الحكومة المغربية بتعليق الرحلات الجوية مع فرنسا اعتباراً من مساء بعد غد الأحد، إلى تعميق أزمة قطاع السياحة الذي يتطلع الفاعلون فيه إلى تدابير إنقاذية عاجلة من الحكومة.

فقد أعلن المغرب، أمس الخميس، عن تعليق الرحلات الجوية المنتظمة للمسافرين من وإلى فرنسا، حيث كان هذا القرار سيدخل حيز التنفيذ مساء اليوم الجمعة، غير أنّ السلطات عادت كي تكشف، في وقت متأخر أمس، عن تعديل في القرار يقضي بإرجاء تفعيله إلى مساء الأحد المقبل.

وبررت اللجنة الوزارية للتنسيق وتتبع لوائح السفر الدولية أثناء الجائحة، القرار بهاجس الحفاظ على المكاسب التي حققها المغرب في مجال تدبير جائحة كورونا، ومواجهة تدهور الوضع الصحي الذي تعرفه بعض بلدان الجوار الأوروبي.

ويأتي اتخاذ هذا القرار في ظل سعي فرنسا للتصدي للموجة الخامسة من العدوى التي تتقدم بطريقة مخيفة، ما أفضى إلى تسجيل أكثر من 32 ألف إصابة في البلد الأوروبي.

وأعلن وزير الصحة الفرنسي، أوليفيه فيران، أمس الخميس، عن تدابير لمواجهة تلك الوضعية، من بينها فتح باب التلقيح بجرعة معززة ثالثة ضد الفيروس لجميع البالغين 18 عاماً، وإلزامية وضع الكمامة في الأماكن المغلقة اعتباراً من اليوم الجمعة.

وكان المغرب قرّر، قبل شهر، تعليق الرحلات مع بلدان أوروبية، ممثلة في ألمانيا وهولندا والمملكة المتحدة وروسيا، حيث سوّغ ذلك بتدهور الوضعية الوبائية في تلك البلدان.

ويبدي المغرب في الفترة الأخيرة حرصاً بعد تحسن الوضعية الوبائية، غير أنّ وزارة الصحية والحماية الاجتماعية، دعت، أول أمس الأربعاء، إلى "التحلّي بالحذر" إزاء الانتكاسة الوبائية في بعض البلدان الأوروبية.

وتواصل في الفترة الأخيرة تراجع حالات الإصابة والوفيات بالفيروس، بحسب بيانات وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، حيث تمّ، أمس الخمس، تسجيل صفر حالة وفاة و115 إصابة جديدة و115 حالة شفاء.

وكان مستثمرون في القطاع السياحي، اعتبروا أنه كان يمكن عدم أخذ قرار تعليق الرحلات الجوية، والاكتفاء بطلب شهادة اختبارات كوفيد- 19، مشيرين إلى أنّ البلد منافس وفتح حدوده أمام حركة السياحة، ما يعني أنّ المغرب يفقد حصصاً في سوق ذلك النشاط.

ويذهب لحسن زلمات، رئيس الفيدرالية المغربية لأرباب الفنادق، إلى أنّ تعليق الرحلات الجوية مع فرنسا "يمثل ضربة قوية لقطاع السياحة، علماً أنّ سياح ذلك البلد واصلوا الحلول بالمملكة وإن بوتيرة منخفضة، مقارنة بما كان عليه الحال قبل الجائحة".

ويؤكد زلمات، لـ"العربي الجديد"، أنّ المهنيين في القطاع السياحي، كانوا يراقبون الوضع ويستشعرون احتمال اتخاذ قرار ما، لا سيما بعد القرار الذي اتخذ قبل شهر بتعليق الرحلات الجوية مع ألمانيا وهولندا والمملكة المتحدة.

ويذهب إلى أنّ "السياح الفرنسيين سيكفّون عن الحلول في الفترة التي سيسري فيها القرار، علماً أنّ مدناً مثل مراكش تستعد في هذه الفترة من العام لاستقبال السياح إلي غاية نهاية العام، غير أنّه ينتظر الآن أن تلغى حجوزات سياح من ذلك البلد بعد قرار أمس الخميس".

ويراهن المغرب كثيراً على جذب السياح الفرنسين، فقد مثلوا قبل الجائحة 33%، حيث وصل عددهم في عام 2019، إلى أكثر من 4.2 ملايين سائح من بين 12.9 مليون سائح استقبلتهم المملكة في تلك السنة.

وتشمل البيانات حول السياح القادمين من فرنسا، المغتربين المغاربة المقيمين بذلك البلد الأوروبي، والذي ألف بعضهم التردد على المملكة، حيث ينشطون النشاط السياحي والطلب على المطاعم والمقاهي.

ويلاحظ المرشد السياحي رشيد مزيل، أنه "خلافاً لما حدث في الصيف الماضي، سيصعب على المهنيين في السياحة التخفيف من آثار تعثر تدفق سياحة الأجانب بالتعويل على المغتربين الذين ساهموا في إنعاش القطاع في الصيف، ما دام من يقيمون بفرنسا وهولندا والمملكة المتحدة وألمانيا مشمولين بقرار تعليق الرحلات".

ويشير مزيل، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "سيتعذر التعويل على السياح المحليين، الذي كان لهم دور كبير في تنشيط السياحة في العديد من المدن في الصيف، على اعتبار أنّ أرباب الأسر لا يسعون إلى السفر في هذه الفترة من العام، خاصة في ظل تمدرس الأبناء".

ويتوقع أن يفضي تعليق الرحلات الجوية مع فرنسا وبلدان أخرى، إلى التأثير على إيرادات السياحة المغربية، في نهاية العام الحالي التي بلغت في نهاية سبتمبر/أيلول المنصرم 2.5 مليار دولار، بعدما بلغت 2.7 مليار و6 مليارات دولار في الفترة نفسها من عامي 2020 و2019. 

وينتظر أن تستقر إيرادات السفر المتأتي من السياحة في حدود 3.5 مليارات دولار في نهاية العام الجاري، منخفضة بنسبة 8.6% مقارنة بالعام الماضي، و53.7% قياسا بعام 2019.

وكان اجتماع عقد قبل أسبوعين بين الفاعلين في القطاع السياحي، ووزيرة السياحة المغربية فاطمة الزهراء عمور، التي وعدت بتبني تدابير استعجالية وبلورة خطة إنعاش القطاع، الذي يوفر 500 ألف منصب شغل، غير أنّ زلمات يؤكد أنّ "المهنيين ما زالوا ينتظرون ترجمة الوعود" من أجل إنقاذ القطاع الذي يمثل 7% من الناتج الإجمالي المحلي.