استمع إلى الملخص
- تعرقل إسرائيل إدخال المساعدات الإنسانية الضرورية، بما في ذلك الخيام والبيوت المتنقلة، مما يزيد من معاناة الفلسطينيين في ظل الظروف المناخية القاسية.
- تعتمد عملية الإعمار على المفاوضات السياسية والضغوط الدولية، وتواجه الجهود القطرية صعوبات بسبب التكلفة والمعوقات الإسرائيلية، بينما تستخدم إسرائيل إعادة الإعمار كورقة ضغط.
يراهن الإسرائيليون ومن خلفهم الإدارة الأميركية الجديدة الساعية لدفع الفلسطينيين للهجرة من غزة على إطالة أمد الإعمار وإعاقة وتعطيل تنفيذ أولى خطواته من خلال تأمين خيام وبيوت متنقلة "كرفانات"، وذلك من أجل دفع الأهالي إلى التفكير بالهجرة الطوعية، بعد أن فشلت إسرائيل طوال 15 شهراً بدفعهم إلى الهجرة بالقصف والتجويع.
ويعيش الفلسطينيون هذه الأيام ظروفاً غاية في ظل تعقيدات عديدة، خاصة بعد عودتهم إلى منازلهم المدمرة بعد 15 شهراً من النزوح جنوب ووسط القطاع، وصعوبة توفير متطلبات الحياة الآدمية، خاصة المياه في ظل تدمير البلديات ومعداتها وتدمير البنية التحتية وآبار المياه وغياب الدعم الجديد من أجل إعادة دورة الحياة المدنية، وتواصل الحصار الاقتصادي الإسرائيلي على القطاع.
خيام مهترئة في غزة
نصب فلسطينيون خيامهم المهترئة في مناطقهم المدمرة في محافظتي غزة والشمال، في محاولة للتغلب على الظروف القاهرة التي وجدوا أنفسهم فيها من دون عون حقيقي، وذلك يمكن أن يسبب مآسي في ظل عدم تدعيم المباني الآيلة إلى السقوط وصعوبة التعامل مع مخلفات الحرب وما تركته من تدمير شبه كامل لمناطق واسعة في القطاع.
وبينما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنّ الولايات المتحدة ستسيطر على القطاع بعد إعادة توطين الفلسطينيين في أماكن أخرى، تعرقل إسرائيل إدخال الخيام والبيوت المتنقلة للإيواء إلى السكان المدنيين الذين يكتوون بنار تدمير بيوتهم وبرودة الطقس والمنخفضات الجوية التي تضرب المنطقة، فيما يبدو وكأنه تبادل أدوار بين الجانبين.
وقبل أيام أعلن رئيس المكتب الإعلامي الحكومي سلامة معروف، في مؤتمر صحافي أنّ قرابة 171 ألف وحدة سكنية هُدمت كلياً جراء القصف الإسرائيلي طيلة الحرب التي استمرت 15 شهراً، بالإضافة إلى 80 ألف وحدة تضررت بشكل بليغ، و200 ألف تضررت بشكل جزئي، وبلغت تقديرات الأضرار والخسائر أكثر من 25 مليار دولار.
عرقلة دخول البيوت المتنقلة إلى غزة
ويحتاج القطاع، وفق أحد بنود اتفاق وقف إطلاق النار المبرم بين المقاومة والاحتلال عبر الوسيطين القطري والمصري وبالرعاية الأميركية، وبشكل عاجل إلى إدخال 200 ألف خيمة و60 ألف بيت متنقل وكل مستلزمات الإيواء، في ظل حالة الدمار التي طاولت القطاع الإسكاني وعدم توفر بيوت تكفي للفلسطينيين في القطاع، لكن الاحتلال لم يلتزم بتنفيذ هذا الأمر حتى الآن ويعرقل كل التدخلات الحقيقية لتخفيف وطأة ما جرى على المدنيين.
وقال مصدران لـ"العربي الجديد" إنّ سلطات الاحتلال الإسرائيلي أعاقت حتى الآن طلبات من الأردن ومصر، المسموح لهما بإدخال المساعدات الإنسانية لغزة، لإدخال خيام بشكل عاجل إلى القطاع، وإنها سمحت بإدخال أعداد محدودة فقط من نوعيات سيئة ورديئة المصنوعية وليست من النوع المطلوب للبقاء طويلاً والتي يمكنها أن تشكل مأوى أقل سوءاً في هذه الظروف.
وذكر أحد المصدرين أنّ الأردن ينتظر موافقة إسرائيل على إدخال نحو 20 ألف خيمة بشكل عاجل، لكن الاحتياجات أكبر والخيام لن تفي بالغرض بشكل دائم، خاصة مع التوقعات بأن يأخذ إعمار القطاع في حال تم البدء فيه لسنوات، مشيراً إلى أنّ الحل الأهم حالياً هو إدخال البيوت المتنقلة من أجل إيواء أصحاب البيوت المدمرة.
وتضغط قطر، وفق مصدر من غزة تحدث لـ"العربي الجديد" للدفع باتجاه إدخال البيوت المتنقلة للمدمرة بيوتهم، لكنها تواجه صعوبات عدة، ومنها التكلفة المبالغ فيها لسعر البيت الواحد، إضافة إلى المعيقات الإسرائيلية والاشتراطات، والتنصل من بنود الاتفاق، لكن جهودها وآخرين في هذا السياق مستمرة ويمكن أن تنتج حلاً.
طواقم حكومية تحصر الأضرار والاحتياجات
وعلى الأرض، تعمل طواقم حكومية ومن القطاع الخدمي على حصر الأضرار وتسجيلها وتوثيق احتياجات الناس، لكن أي تقدم في ملف الإعمار بات مرهوناً بمن يدير قطاع غزة في اليوم التالي، وبانتظار ما ستنتج عنه المرحلة الثانية من المفاوضات التي أجلها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو حتى لقائه مع ترامب، والذي نتج عنه تصريحات دعم كاملة من الأخير للاحتلال في حربه وتوجهاته ضد الفلسطينيين.
ورغم الحديث من كثيرين عن خطط للإعمار والإغاثة النافعة للسكان، يتحكم الإسرائيليون على أرض الواقع في كل شيء، وهم يملكون ورقة ضغط على الفصائل الفلسطينية لا يبدو من ممارساتهم وسلوكهم السياسي أنهم سيتركونها بسهولة.
واتهمت الفصائل الفلسطينية في الأيام الماضية أكثر من مرة سلطات الاحتلال الإسرائيلي بمواصلة مراوغتها في تنفيذ المسار الإنساني في اتفاق وقف إطلاق النار وتعمد تأخير وإعاقة دخول المتطلبات الأكثر أهمية وإلحاحاً، خاصة الخيام والبيوت الجاهزة، والمعدات الثقيلة لرفع الأنقاض.