تعرفة الكهرباء تزيد تكلفة المعيشة في عُمان

13 يناير 2025
مواطنون يعانون من غلاء المعيشة (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعرفة الكهرباء الجديدة في سلطنة عمان تفرض 32 بيسة لكل كيلوواط ساعة للأسر التي تستهلك أكثر من 6000 كيلوواط ساعة، مما يؤثر على الأسر الكبيرة ويجبرها على إعادة تقييم ميزانياتها لتلبية احتياجاتها الأساسية.

- ارتفاع تكاليف الكهرباء والماء والوقود يضعف تنافسية الاقتصاد العماني، ويؤثر سلباً على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مما يستدعي تنويع مصادر الدخل ودعم الصناعات المحلية.

- الشرائح الحالية لاستهلاك الكهرباء منخفضة نسبياً، مما يؤدي إلى ارتفاع الفواتير، ويستلزم تعديل الرواتب وتقديم حوافز للقطاعات الإنتاجية لتجنب تأثيرات سلبية على الاقتصاد.

وفقاً لتعرفة الكهرباء الجديدة في سلطنة عمان، والتي دخلت حيز التنفيذ في بداية الشهر الجاري، ستشهد الأسر التي تستهلك أكثر من 6000 كيلوواط ساعة زيادة في فواتير الكهرباء، حيث سيتم تطبيق تعرفة 32 بيسة (الريال = 100 بيسة) لكل كيلوواط ساعة للحسابات الأساسية والإضافية. 

ويؤشر ذلك إلى تأثير أكبر على الأسر الكبيرة أو تلك التي تعتمد على أجهزة تكييف الهواء بشكل مكثف، خاصة في أشهر الصيف الحارة، إضافة إلى تحديات تعوق جاذبية الاستثمار في السلطنة في ظل ارتفاع تكلفة الإنتاج، وفقاً لما أورده تقرير نشرته منصة كونسيكت (Connsect)، المتخصصة في خدمات تسجيل الشركات والاستشارات الاستثمارية. 

وبحسب بيان لهيئة تنظيم الخدمات العامة في السلطنة، فإن التعرفة الجديدة تهدف إلى تحقيق التوازن بين التكاليف وتعزيز الكفاءة والاستدامة في مختلف القطاعات، وتشمل عدة فئات، بما في ذلك السكنية وغير السكنية والزراعية والسمكية، مع تحديد أسعار مختلفة حسب مستوى الاستهلاك. وقد تضطر الأسر إلى إعادة تقييم ميزانياتها بسبب الزيادة المحتملة في فواتير الكهرباء، مما قد يؤثر على قدرتها على تلبية احتياجاتها الأساسية الأخرى مثل الغذاء والرعاية الصحية، بحسب تقرير نشرته صحيفة "عمان أوبزرفر" الحكومية.

وفي سياق متصل، أصدر سلطان عمان، هيثم بن طارق، في 11 يناير/كانون الثاني الجاري، قراراً بمنح يستفيد منها أكثر من 100 ألف مواطن عُماني بقيمة 463 مليون دولار، بمناسبة الذكرى الخامسة لتوليه مقاليد السلطة. وتضمن القرار رفع المخصصات المالية لبرنامج المساعدات السكنية لعام 2025، وتعزيز محفظة هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتحمل الحكومة للمبالغ المتبقية لبعض فئات القروض، منها القروض الإسكانية لدى وزارة الإسكان والتخطيط العمراني وبنك الإسكان العماني ووزارة الدفاع لمن يبلغ راتبهم أو معاشهم الشهري 400 ريال عماني أو أقل. 

تأثير في استثمارت عُمان

يؤكد الخبير الاقتصادي العماني، مرتضى حسن علي، لـ "العربي الجديد"، أن ارتفاع تكاليف فواتير الكهرباء والماء والوقود، إلى جانب الضرائب المختلفة، لا يقتصر تأثيرها على المواطنين ذوي الدخل المحدود فحسب، بل يمتد ليشمل قرارات الزواج وإنجاب الأطفال، كما يؤثر على تنافسية السلطنة ومنتجاتها المحلية وقدرتها على جذب الاستثمارات.

كما تنعكس هذه الارتفاعات في التكاليف سلباً على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتلقي بظلالها على تنافسية المنتجات العُمانية في سوق يعج بالمنتجات الخارجية ذات التكلفة المنخفضة، حسب علي، مضيفاً أن هذا الوضع يضع المنتجات المحلية في منافسة غير متكافئة مع منتجات أجنبية تحمل المواصفات نفسها، لكن بأسعار أقل في أماكن المنشأ. 

ويرى الخبير الاقتصادي أن السلطنة تحتاج إلى تنويع مصادر الدخل وتكثيف الجهود الحكومية لجذب الاستثمارات ودعم الصناعات العُمانية، مع توفير تسهيلات حقيقية تعزز تنافسيتها في السوقين المحلية والدولية، مشيراً إلى أن ذلك سيتيح للمستهلك خيارات متعددة من المنتجات ذات الأسعار المتقاربة بمواصفات وتصنيع مختلف، مع التركيز على توفير فرص توظيف مستمرة للعُمانيين. 

ويخلص علي إلى أن المالية العامة لسلطنة عمان تواجه تحديات عديدة بسبب اعتمادها على إيرادات النفط المتذبذبة، داعياً الحكومة إلى السعي نحو توفير حلول مرنة تساهم في تخفيف الأعباء عن الشركات الصغيرة والمتوسطة. 

شرائح منخفضة

يشير الخبير الاقتصادي، محمد الناير، لـ "العربي الجديد"، إلى أن الشرائح الحالية لاستهلاك الكهرباء في سلطنة عمان، والتي تبدأ من 4000 كيلوواط، تعتبر منخفضة نسبياً، خاصة في فترات الصيف حيث يرتفع الاستهلاك بشكل ملحوظ، وبالتالي فإن كثيراً من الأسر تتجاوز هذه الشريحة، ما يؤدي إلى ارتفاع فواتير الكهرباء، معتبراً أن هذا الوضع يتطلب إعادة النظر في تعديل الرواتب، سواء للعاملين في القطاع العام أو الخاص، لمواجهة هذه الزيادة في التكاليف.

ويلفت الناير إلى أن آثار زيادة تعرفة الكهرباء لن تقتصر على القطاع السكني فقط، بل ستشمل أيضاً القطاعات الصناعية والتجارية، فالتعرفة الجديدة ستؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، ما قد ينعكس سلباً على معدلات الإنتاج ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار في السوق المحلي. 

وإزاء هذه الزيادة في التكاليف، قد تتجه السلطنة إلى تقديم حوافز تشجيعية للقطاعات الإنتاجية، لتعويضها عن هذا الارتفاع في أسعار الكهرباء، وبالتالي تجنب تأثيرات سلبية أكبر على الاقتصاد، حسب تقدير الناير، الذي يأمل أن تكون هذه التعرفة الجديدة قد خضعت لدراسة متكاملة، وأن تكون الحكومة العمانية قد وضعت خططاً لمعالجة الآثار السلبية المحتملة بشكل سريع. 

ويحذر الناير من أن عدم التعامل مع هذه الآثار بجدية قد يؤثر على شرائح واسعة من المجتمع العماني ويزيد من أعباء المعيشة، كما قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في تكاليف الإنتاج، ما قد يعيق النمو الاقتصادي في المدى المتوسط والبعيد.

المساهمون