تعافي تجارة السيارات في تونس بعد ارتفاع 52%

تعافي تجارة السيارات في تونس بعد ارتفاع 52%

15 اغسطس 2021
تستعيد الطرقات حركتها بعد الإغلاقات (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -

يسير قطاع تجارة السيارات في تونس نحو التعافي من آثار كورونا بعد سنة بالغة الصعوبة، مستفيداً من زيادة الطلب على شراء السيارات وسط ضعف شبكات النقل العمومية. وسجّل قطاع السيارات خلال النصف الثاني من العام الحالي زيادة في المبيعات قدرت بـ52 في المائة بحسب أرقام رسمية أعلنتها غرفة وكلاء بيع السيارات، التي أفادت بأن مؤشر المبيعات عاد إلى مستويات ما قبل الجائحة الصحية، فيما توقعت استمرار النسق التصاعدي للمبيعات خلال النصف الثاني من العام بناءً على قوائم الانتظار المسجلة لدى التجار.

وفسّر عضو غرفة وكلاء بيع السيارات مهدي محجوب لـ "العربي الجديد" عودة الطلب على السيارات بتزايد رغبة التونسيين في امتلاك سيارات شخصية نتيجة التراجع المتواصل لخدمات النقل العام، واعتبار المستهلكين أن السيارات أكثر أمناً للتنقل في ظل انتشار كورونا. ولفت إلى بدء تعافي قطاعات مهمة، منها إيجار السيارات خلال الأشهر الماضية.

وقال محجوب إن "مؤشر المبيعات تحسّن كثيراً مقارنة بعام 2020 الذي خسر خلاله القطاع جزءاً مهماً من المبيعات نتيجة الغلق لمدة 8 أسابيع"، مرجحاً أن يتواصل ارتفاع الطلب مع بدء تعافي العديد من القطاعات الاقتصادية التي تحتاج إلى السيارات لإنجاز أعمالها.

وأكد محجوب أن أزمة السيولة التي تمرّ بها البلاد والانكماش التاريخي للنمو لم يؤثرا بمبيعات السيارات حتى اليوم. وعن إمكانية كبح جماح واردات السيارات من قبل السلطات النقدية بسبب تراجع مخزونات البنك المركزي من العملة الصعبة، شرح محجوب أن واردات السيارات لا تمثل إلا 1,5 بالمائة من الواردات، مستبعداً إخضاعها لقيود التوريد.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويؤدي قطاع صناعة السيارات وبيعها دائماً دوراً مهماً للغاية مباشراً وغير مباشر في الاقتصاد التونسي، على عدة جبهات، منها المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بـ4.4 في المائة، فضلاً عن توفير أكثر من 280 ألف فرصة العمل.

وتساهم القدرة الشرائية في تغيير اختيارات المشترين، وذلك بالتوجه أكثر نحو العربات آسيوية المنشأ على حساب العربات الأوروبية التي ظلت لعقود العلامات المسيطرة على السوق التونسية، بحسب الخبير الاقتصادي محمد منصف الشريف.

وقال الشريف في تصريح لـ"العربي الجديد" إن التونسي يبحث عن العلامات الأكثر تلاؤماً مع قدراته الشرائية، ما يفسر غزو العلامات الآسيوية لسوق السيارات في البلاد. واعتبر أن هذه العلامات توفر عروضاً جيدة تلائم الواقع المعيشي التونسي الجديد المقيد بتراجع سعر العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، وزيادة الضرائب المفروضة على مختلف أصناف المركبات.

وأضاف أن "أغلب عمليات الشراء تموّل من طريق قروض مصرفية أو شركات الإيجار المالي، وهي أيضاً عوامل أساسية في زيادة الكلفة". وأشار إلى أن هذه العوامل مجتمعة تزيد الطلب أكثر نحو العربات الأقل ثمناً. وبحسب البيانات الرسمية للبنك المركزي، تحتل قروض تمويل وشراء السيارات المرتبة الرابعة في أصناف القروض التي يحصل عليها التونسيون، وذلك بقيمة 311 مليون دينار عام 2019 من مجموع القروض الفردية الإجمالي الذي يقدَّر بـ24 مليار دينار (8.8 مليارات دولار). ويواجه قطاع تجارة وتجميع السيارات في تونس ضغوط الضرائب والتحولات نحو الاقتصاد الأخضر، وسط مساعٍ لإقناع الحكومة بتحريك الطلب في السوق، والإسراع في إصدار تعديلات التشريعات الخاصة بالقطاع لمواكبة التحوّلات الحاصلة في غضون السنوات الخمس المقبلة.

وتزيد استفادة وكلاء بيع السيارات في البلاد من تحسّن الطلب لتعويض خسائر متراكمة بعد أزمة كوفيد 19، والسنوات التي سبقتها، حيث كشفت دراسة حديثة أجرتها الغرفة المهنية لوكلاء بيع العربات المعتمدين، تسجيل تراجع سنوي لمبيعات العربات بمختلف أصنافها بـ21 في المائة بدءاً من عام 2018. وبيّنت الدراسة التي اطلعت "العربي الجديد" على نسخة منها أن المبيعات أخذت منحىً تنازلياً منذ عام 2018 على أساس سنوي بعد فترة نمو استمرت 6 سنوات متتالية بمعدل 4 في المائة سنوياً.

وكشفت الدراسة أن مبيعات العربات عادت منذ سنة 2018 إلى ما قبل 2012، حيث بيع 52369 عربة، مقابل 53555 عربة سنة 2012. في عام 2018، حقق قطاع توزيع السيارات "المعتمد" إيرادات بقيمة 3.5 مليارات دينار. ومع ذلك، فقد سجل أول انخفاض له بعد عدة سنوات من النمو المستمر والمستدام. واعتبرت الدراسة أن هذا الانخفاض أكثر أهمية من حيث الحجم، حيث انخفض عدد الوحدات المبيعة من 65335 مركبة في عام 2017 إلى 52369 مركبة في عام 2018، بتراجع قدره 21 في المائة.

ويواجه قطاع توزيع السيارات اتهامات تتعلق بمساهمته في العجز التجاري التونسي وعدم التوافق بين تكلفة اقتناء سيارة والقوة الشرائية للتونسيين حسب فئاتهم الاجتماعية والاقتصادية المختلفة. ويواجه القطاع أيضاً تحديات جديدة تتعلق بعدم التزامه الإطار التشريعي والبنية الصناعية للاقتصاد الأخضر، حسب مراقبين. وكشفت دراسة قامت بها غرفة وكلاء بيع السيارات عام 2020 أن القطاع شديد التأثر بالظروف الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

المساهمون