تضارب أميركي بشأن بدء التفاوض مع الصين حول الرسوم الجمركية

27 ابريل 2025
أشعل ترامب فتيل حرب تجارية عالمية بفرضه رسوماً جمركية، واشنطن في 9 إبريل 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في ظل التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، أدلى وزيران أميركيان بتصريحات متضاربة حول المفاوضات بشأن الرسوم الجمركية، حيث أكد ترامب وجود محادثات مع الصين، بينما نفت بكين ذلك.
- تسببت سياسات ترامب الجمركية في اضطراب الأسواق العالمية، حيث فرضت الولايات المتحدة رسوماً مرتفعة على الواردات، مما أدى إلى ردود فعل مماثلة. دافع وزير الخزانة عن هذه السياسات كوسيلة لخلق "عدم اليقين الاستراتيجي".
- انتهت اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي دون رؤية واضحة بشأن الرسوم الجمركية، مع قلق المشاركين من تأثير الضبابية على الاقتصاد العالمي، وأبدى صندوق النقد الدولي تفاؤلاً حذراً.

أدلى وزيران أميركيان في إدارة الرئيس دونالد ترامب بتصريحات متضاربة اليوم الأحد، عن بدء مفاوضات مع الصين بشأن الرسوم الجمركية مثلما أكد الرئيس الجمهوري. وكانت إدارة ترامب قد أشارت الأسبوع الماضي، إلى انفتاحها على تهدئة الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم والتي أثارت مخاوف من حدوث ركود. وقال ترامب إن هناك محادثات جارية مع الصين فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، وإنه تحدث إلى نظيره الصيني شي جين بينغ، لكن بكين تنفي إجراء أي محادثات تجارية مع واشنطن.

ويتواجه أكبر اقتصادين في العالم منذ أشعل ترامب فتيل حرب تجارية عالمية بفرضه رسوما جمركية استهدفت بشكل خاص الواردات الصينية. وردّت الصين على الولايات المتحدة بالمثل ممّا رفع نسبة الرسوم الأميركية المفروضة على الواردات الصينية إلى 145% والرسوم الصينية المفروضة على الواردات الأميركة إلى 125%.. وأمام عشرات الدول مهلة 90 يوما تنتهي في يوليو/تموز للتوصل إلى اتفاق مع واشنطن وتجنب فرض تعرفات أعلى خاصة بكل دولة.

وقال وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، وهو طرف رئيسي في المحادثات التجارية الأميركية مع دول متعددة، اليوم الأحد، إن محادثاته مع نظيره الصيني الأسبوع الماضي، خلال اجتماعات صندوق النقد الدولي في واشنطن لم تتناول قضية الرسوم الجمركية. وفي مقابلة تلفزيونية منفصلة، قالت وزيرة الزراعة الأميركية بروك رولينز، إن الولايات المتحدة تجري محادثات يومية مع الصين بشأن الرسوم الجمركية.

وأضافت في تصريحات لقناة "سي.أن.أن": "نجري محادثات يومية مع الصين، إلى جانب دول أخرى جاءت إلى طاولة المفاوضات وعددها 99 أو 100 دولة". وكان ترامب قد أكد أن هناك العديد من الصفقات على الطاولة، إلا أن التفاصيل في هذا الشأن كانت ضئيلة. وعندما طلب من بيسنت توضيح ذلك تهرب بيسنت، مكتفيا بالقول إن بعض المفاوضات "تسير على ما يرام، خصوصا مع الدول الآسيوية". 

وردا على سؤال خلال مقابلة مع قناة "إيه.بي.سي" عما إذا كانت الولايات المتحدة والصين تجريان محادثات بشأن الرسوم الجمركية، قال بيسنت إنه لم يناقش هذه القضية. وأضاف "تواصلتُ مع نظيري الصيني لكن النقاش ركز أكثر على القضايا التقليدية مثل الاستقرار المالي والتحذيرات المبكرة التي تحيط بالاقتصاد العالمي. لا أعلم إن كان الرئيس ترامب تحدث إلى الرئيس شي (جين بينغ).

وقال ترامب في مقابلة مع مجلة تايم مؤخرا، إن الرئيس الصيني شي جين بينغ اتصل به للتباحث بشأن التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم، على الرغم من أن بكين أكدت مرة أخرى السبت، أنه لم تُجر أي محادثات تجارية. وأشار بيسنت إلى أن الصين قد تنكر المحادثات القائمة لأنها تخاطب "جمهورا مختلفا". 

وفي برنامج "واجه الصحافة" على قناة "أن.بي.سي"، رفض وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو التعليق على ما إذا كان ترامب وشي قد تحادثا، مؤكدا فقط أن الأمر كان في المجمل "مفاوضات عالية المخاطر". وقال بيسنت الأسبوع الماضي، إن مفاوضات الرسوم الجمركية مع بكين ستكون "شاقة"، لكنه لم يقدم جدولا زمنيا لأي اتفاق محتمل مع الصين. وأضاف أن التوصل إلى اتفاق تجاري قد يستغرق شهورا، لكنه أشار إلى احتمال التوصل إلى اتفاق مبدئي في وقت قريب مما سيمنع تصاعد الرسوم الجمركية إلى مستويات قصوى. 

دفاع عن سياسات ترامب المتقلبة بشأن الرسوم الجمركية

في السياق، دافع بيسنت اليوم الأحد، عن سياسة الرئيس دونالد ترامب المتقلبة بشأن الرسوم الجمركية والتي تسببت باضطراب الأسواق العالمية، واصفا إياها بأنها وسيلة لخلق "حالة من عدم اليقين الاستراتيجي" تمنح واشنطن الغلبة. وأضاف في تصريحاته للقناة ذاتها، أنه "في نظرية الألعاب، يسمى هذا الأمر عدم اليقين الاستراتيجي، لذلك لن تخبر الطرف الآخر في المفاوضات إلى أين ستنتهي الأمور".

وأعلن ترامب فرض رسوم جمركية، جاء بعضها مربكا في كثير من الأحيان، على دول عديدة منها كندا والمكسيك والصين، مما أثار تقلبات غير مسبوقة في الأسواق، وأثر سلبا على ثقة المستثمرين في الأصول الأميركية. 

وأضاف وزير الخزانة "لا أحد أفضل من الرئيس ترامب في خلق هذا النوع من النفوذ". واعتبر بيسنت أن ترامب "لجأ الى الرسوم الجمركية الباهظة، وهذه هي العصا. هذا هو المكان الذي يمكن أن تصل إليه. أما الجزرة فهي: تعالوا إلينا، أزيلوا رسومكم الجمركية، أزيلوا الحواجز التجارية غير الجمركية، توقفوا عن دعم العمل ورأس المال وعندها يمكننا التحدث".

وقال ترامب، الأحد، على منصته تروث سوشال إن "أعدادا هائلة من الوظائف يجري خلقها، مع بناء مرافق ومصانع جديدة أو التخطيط لها حاليا" بفضل سياساته الجمركية. وأشار ترامب لمجلة تايم إلى أنه سيعلن خلال الأسابيع المقبلة عن صفقات مع شركاء الولايات المتحدة التجاريين. 

انتهاء اجتماعات الربيع دون رؤية واضحة بشأن الرسوم

في السياق، شعر العديد من المشاركين في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي انتهت أعمالها في واشنطن أمس، أن مطالب إدارة ترامب من الشركاء التجاريين المتضررين من رسومه الجمركية الشاملة لا تزال متضاربة. وخلال أسبوع شهد تقلبات عديدة، سعى العديد من وزراء المالية والتجارة للقاء وزير الخزانة الأميركي ومسؤولين رئيسيين آخرين في إدارة ترامب، لكن دون جدوى.

وطُلب ممن سعوا إلى عقد لقاءات التحلي بالصبر حتى مع اقتراب موعد انتهاء مهلة التسعين يوما التي منحها ترامب قبل تطبيق الرسوم الأكثر صرامة. ولم يجر التوصل إلى أي اتفاق خلال الأسبوع، رغم إعلان إدارة ترامب استلامها 18 مقترحا مكتوبا، بالإضافة إلى جدول مزدحم بالمفاوضات.

وقال وزير المالية البولندي أندريه دومانسكي "نحن لا نتفاوض، نستعرض ونناقش الوضع الاقتصادي فقط". وأكد أن "حالة الضبابية هذه تضر بأوروبا والولايات المتحدة. أعني، إنها في الواقع سيئة للجميع". وتجاهل المسؤولون الأميركيون إلى حد كبير التحذيرات من أن الرسوم الجمركية البالغة 25% على جميع واردات الولايات المتحدة من المركبات والصلب والألومنيوم و10% حاليا على معظم السلع الأخرى، ستلحق أضرارا بالغة بالولايات المتحدة والاقتصادات الكبرى الأخرى.

وقال دومانسكي: "نعلم أنهم يعتقدون أن الأمر لن يكون بهذا السوء. يعتقدون أنها معاناة قصيرة الأجل ومكسب طويل الأجل. وأخشى أن نواجه معاناة قصيرة الأجل ومعاناة طويلة الأجل". واتخذ صندوق النقد الدولي موقفا أكثر تفاؤلا بعض الشيء بشأن التداعيات الاقتصادية لأعلى رسوم جمركية أميركية منذ أكثر من قرن، إذ خفض توقعات النمو لمعظم الدول في تقريره "آفاق الاقتصاد العالمي"، لكنه لم يصل إلى حد توقع الركود، حتى بالنسبة للولايات المتحدة والصين المعتمدة على التصدير. 

وأقرت كريستالينا غورغييفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، بقلق الدول الأعضاء من تأثير الضبابية على اقتصاد عالمي تلقى صدمات من جائحة كورونا والتضخم والحروب، لكنها عبرت عن أملها في أن تخفف المفاوضات التجارية من وطأة الرسوم الجمركية. وقالت غورغييفا للصحافيين: "ندرك أن هناك جهودا جارية لحل النزاعات التجارية والحد من حالة الضبابية".

وأوضحت أن "الضبابية تضر بالأعمال التجارية جدا، لذا كلما أسرعنا في رفع هذه الغمامة التي تغطي رؤوسنا، كان ذلك أفضل للأرباح والنمو والاقتصاد العالمي". وذكر عدد من المسؤولين الماليين لوكالة رويترز، أن احتمالات الركود أعلى من نسبة 37 % التي توقعها صندوق النقد الدولي، مشيرين لتوقعات من القطاع الخاص. 

(رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)