استمع إلى الملخص
- تواجه روسيا تحديات كبيرة في تأمين ناقلات لنقل نفطها، حيث أن 57% من شحنات النفط الخام الروسي كانت على متن سفن مدرجة على القائمة السوداء، مما يضطرها للبحث عن سفن بديلة.
- ارتفاع تكاليف الشحن يضغط على روسيا لإيجاد حلول بديلة مثل شراء سفن مستعملة، وتواجه تحديات في تسليم النفط بكفاءة بسبب العقوبات.
أصبحت روسيا أقرب إلى مواجهة مشكلة ناقلات نفط مع تشديد العقوبات الأميركية، وفقاً لتقرير نشرته شبكة بلومبيرغ اليوم الجمعة. ففي العاشر من يناير/كانون الثاني الفائت، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على 161 ناقلة نفط لدورها في نقل النفط الروسي، جزءاً من مجموعة التدابير ضدّ موسكو التي فرضتها إدارة بايدن المنتهية ولايتها والتي لم يخفّفها الرئيس دونالد ترامب الذي ربما يذهب إلى أبعد من ذلك قبل أي محادثات سلام في أوكرانيا.
وحسبما نقلت بلومبيرغ عن بيانات "آرغوس ميديا" (Argus Media) اليوم، فقد قفزت تكلفة العثور على ناقلات لشحن النفط الروسي من نوع "أورال" إلى آسيا بنحو 50% منذ تشديد العقوبات، كما اتّسعت الفجوة بين الأسعار عندما تغادر البراميل روسيا وتصل إلى آسيا؛ مثلاً، كان تضخيم تكاليف التسليم بمثابة وسيلة ذكية لجعل الأمر يبدو وكأن الشحنات المصدّرة على أساس 60 دولاراً للبرميل أو أقل حتى لو كان سعر البيع عند التسليم إلى آسيا أعلى.
وكان القيام بذلك يؤهل الشحنات للوصول إلى الخدمات الغربية بما في ذلك الناقلات والتأمين، مع السماح في نهاية المطاف ببيع البراميل بسعر أعلى كثيراً من سقف الأسعار الذي حددته مجموعة الدول السبع، وفقاً لبلومبيرغ التي أشارت إلى عدم وجود وسيلة لإثبات أن هذا النوع من المبالغة في أسعار الشحن حدث أو لم يحدث، لأنه كان هناك ببساطة حافز مالي للقيام بذلك، كما لا توجد اليوم وسيلة لإثبات أو دحض أن الشيء نفسه يحدث أو لا، علماً أن الحافز نفسه للتلاعب بالأرقام لا يزال قائماً.
وما تغيّر، بحسب بلومبيرغ، هو الأسطول الضخم من الناقلات الخاضعة للعقوبات الآن، والعلامات التي تشير إلى أن الناقلات المدرجة حديثاً على القائمة السوداء بدأت تتعرض للتعطيل، تماماً كما عانت الناقلات التي وضعت تحت تدابير سابقة من صعوبات في الحصول على فرص عمل، فيما من المحتمل جداً أن تكون تكاليف الشحن الحقيقية في روسيا على وشك الارتفاع.
وتشير أرقام بلومبيرغ إلى أن هناك الآن 265 ناقلة مدرجة على القائمة السوداء، من واحدة على الأقل من الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو المملكة المتحدة، حيث إنّ القائمة الأميركية هي الأكثر إزعاجاً للتجارة، فقد منعت التدابير الأميركية السابقة السفن المستهدفة بشكل عام من التداول، وأثرت التدابير على ناقلات المنتجات المكررة، وكذلك تلك التي تنقل النفط الخام. ومع ذلك، من بين 435 سفينة تحمل النفط الخام الروسي في عام 2024، فإنّ 112 منها، أو 26%، تخضع الآن للعقوبات التي فرضتها واشنطن، وتُضاف إليها تلك المستهدفة بالعقوبات من لندن وبروكسل لترتفع النسبة إلى 37%.
لكن هذا يقلل من المشكلة التي يواجهها الكرملين، وفقاً للشبكة الأميركية، فمع قيام 80% بشحنات متكررة (وبعضها يصل إلى 20)، شحنت الناقلات التي فرضت عليها الولايات المتحدة 45% من جميع شحنات النفط الخام الروسي المنقولة بحراً في العام الماضي، وإذا أُضيفت إلى ذلك السفن التي استهدفتها المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، بصرف النظر عن الولايات المتحدة، فإن 57% من شحنات النفط الخام التي تنقلها موسكو كانت على متن سفن مدرجة الآن على القائمة السوداء.
وحتى هذا قد لا يكون كافياً، بحسب خبراء بلومبيرغ، فقد نقلت بعض الناقلات المخصصة لنقل النفط الإيراني، بما في ذلك اثنتان أمس الخميس، براميل روسية أيضاً، وهذه الأرقام تمثل ثغرة كبيرة في أسطول الظلّ من الناقلات الذي جمعته روسيا لنقل نفطها، وتجعل من الضروري إيجاد سفن بديلة، إلا أن روسيا نجحت حتى الآن، إلى حد كبير، في الالتفاف على العقوبات السابقة وحافظت على برنامجها الضخم للتصدير ثابتاً.
والنتيجة هي زيادة فواتير الشحن التي ربما بدأت للتو، بخاصة إذا احتاج مالكون آخرون كانوا في السابق غير مهتمين بالتجارة، إلى حوافز إضافية لتحمل مخاطر الوقوع في فخ العقوبات المستقبلية. وترجح بلومبيرغ أن يزيد هذا من تكلفة الحصول على الدفعة التالية من السفن لتكملة أسطول الظل وملء الثغرة التي خلفتها العقوبات، علماً أن فكرة شراء السفن المستعملة لحل المشكلة مشكوك في جدواها، فما الفائدة من إنفاق المليارات على شراء ناقلات النفط المستعملة ليتبين لاحقاً أنها خاضعة للعقوبات؟
وعندما ازدهرت "فوارق التسليم" وتكاليف الشحن سابقاً، لم يكن هناك شيء قريب من نوع القيود المفروضة على إمدادات الناقلات التي تواجهها روسيا اليوم، كما أن فواتير الشحن في السوق الفورية الروسية عقابية بالفعل، حيث بلغت 10 دولارات للبرميل من البحر الأسود إلى الهند وما يصل إلى 13 دولاراً من بحر البلطيق، وفقاً لخدمة "آرغوس ميديا".
وهذا ليس بعد بالمستوى الذي بلغه في الأسابيع التي أعقبت مباشرة تطبيق سقف الأسعار، عندما كانت تكلفة الرحلة من بحر البلطيق إلى الهند أكثر من 20 دولاراً للبرميل، لكنه ارتفع 48% منذ العاشر من يناير/كانون الثاني. والأمر المهم، بحسب بلومبيرغ، هو أن بعض السفن الخاضعة للعقوبات تفشل عملياً في التسليم بكفاءة، علماً أن العديد من السفن المدرجة على القائمة السوداء والتي لا تزال قيد الاستخدام تقبع قبالة الساحل الروسي، أو خارج الموانئ في الصين حيث من المفترض أن تفرغ، في حين أن جزءاً آخر من السفن تفرغ حمولتها في سفن أكبر قرب روسيا بهدف التخزين.