تسلا بين الركود العالمي والابتكار المستقبلي: هل ستظل رائدة السيارات الكهربائية؟
استمع إلى الملخص
- تلعب سياسات إيلون ماسك دورًا في تأثر تسلا، حيث أدى ارتباطه بالحزب الجمهوري وإلغاء الحوافز الضريبية إلى تضييق هامش الربح، وتواجه الشركة ضغوطًا لتقديم نموذج اقتصادي جديد دون التنازل عن هويتها.
- تسعى تسلا لتوسيع وجودها عالميًا، لكنها تواجه صعوبات في الهند بسبب الرسوم الجمركية، وتركز على الابتكار المستقبلي مثل الروبوتات البشرية والسيارات ذاتية القيادة لتعزيز قيمتها السوقية.
تواجه شركة تسلا الأميركية مرحلة حرجة في تاريخها الطويل من الريادة في صناعة السيارات الكهربائية. فما كان يُنظر إليه منذ سنوات على أنه نموذج ناجح للجمع بين التكنولوجيا والطموح القيادي، يواجه الآن تحديات متعددة على الأصعدة الاقتصادية والسياسية والتقنية. انخفاض مبيعات السيارات الكهربائية للشركة، والتراجع النسبي في الحصة السوقية في أوروبا والصين، إلى جانب التنافس المحتدم مع شركات صينية جديدة، يضع تسلا تحت مجهر المستثمرين والمستهلكين على حد سواء. وفي الوقت ذاته، يواصل الرئيس التنفيذي إيلون ماسك الترويج لرؤية بعيدة المدى ترتكز على السيارات ذاتية القيادة والروبوتات البشرية، ما يجعل الشركة تتأرجح بين الواقع الحالي والطموح المستقبلي.
وتتجه تسلا لتحقيق انخفاض في التسليمات للعام الثاني على التوالي، مع توقعات بانخفاض مبيعات السيارات الكهربائية في جميع الأسواق الرئيسية. ويرجع جزء من هذا الانخفاض إلى تحديث نموذج موديل واي (Model Y)، حيث توقفت خطوط الإنتاج مؤقتاً لإعادة تجهيز المصانع. فمن يناير/ كانون الثاني إلى يوليو/ تموز، شهدت أوروبا أكبر تراجع في تسجيل سيارات تسلا الجديدة، حيث انخفضت المبيعات بأكثر من الثلث، رغم نمو سوق السيارات الكهربائية بنسبة 26%. في الوقت نفسه، شهدت الولايات المتحدة انخفاض مبيعات تسلا بنحو 11% خلال النصف الأول من 2025، بينما انخفضت حصة الشركة في سوق السيارات الكهربائية من أكثر من 75% في 2022 إلى أقل من 50% في 2024.
في الصين، أكبر سوق للسيارات الكهربائية عالمياً، انخفضت شحنات مصنع شنغهاي بنسبة ملحوظة في سبعة من الأشهر الثمانية الأولى من 2025، ما يعكس ضغط المنافسة من شركات محلية مثل بي واي دي (BYD) وشاومي (Xiaomi)، اللتين أطلقتا سيارات كهربائية بأسعار أقل وبميزات جديدة، بما في ذلك بطاريات عالية الأداء وقابلية الشحن السريع.
تأثير السياسة وشخصية ماسك على تسلا
السياسات والشخصية العامة للرئيس التنفيذي، إيلون ماسك، لعبت دوراً في تأثر تسلا بالركود الجزئي في المبيعات. ارتباط ماسك بالحزب الجمهوري ووجوده في إدارة دونالد ترامب سابقاً أدى إلى احتجاجات وحملات مقاطعة عالمية ضد تسلا، خصوصاً في الولايات الأميركية ذات التوجه الديمقراطي مثل كاليفورنيا.
إضافة إلى ذلك، أدى إلغاء الحوافز الضريبية الفيدرالية للسيارات الكهربائية إلى تضييق هامش الربح المستقبلي للشركة، خصوصاً في ما يتعلق بالإيرادات من بيع اعتمادات الامتثال للمعايير البيئية، التي كانت تشكل جزءاً مهماً من أرباح تسلا في السابق. وتلتزم تسلا نهجاً محدوداً في تشكيلة سياراتها، مع خمسة طرازات رئيسية فقط (Model S وModel X وModel 3 وModel Y وCybertruck)، بينما تقدم المنافسة الصينية مجموعة أوسع بأسعار أقل، ما يفرض على تسلا الضغط لتقديم نموذج اقتصادي جديد دون التنازل عن هوية الشركة.
إلى الآن، لم تُطلَق السيارة الاقتصادية المنتظرة منذ خطة ماسك الأولى في 2006، وهو ما يترك الباب مفتوحاً أمام المنافسين الصاعدين في الأسواق العالمية. التحدي الآن يكمن في إطلاق هذه السيارة بشكل مبتكر يواكب توقعات المستهلكين ويوازن بين السعر والجودة.
توسّع تسلا عالمياً باتجاه الهند والصين وأوروبا
سعت تسلا لتوسيع وجودها عالمياً، لكنها واجهت صعوبات في الهند بسبب الرسوم الجمركية المرتفعة، حيث تجاوز سعر Model Y المبتدئ 70 ألف دولار، ما يجعل السيارة بعيدة عن متناول غالبية المستهلكين. وفي الصين، تواصل الشركة التحديثات التقنية، مثل إدخال مساعد صوتي يعمل بالذكاء الاصطناعي المحلي وطرح نسخة Model Y بستة مقاعد بأسعار منافسة، لتحسين جاذبية منتجاتها أمام المنافسين المحليين والدوليين.
ويركز ماسك على الرؤية المستقبلية للشركة، التي تتجاوز السيارات التقليدية، لتشمل الروبوتات البشرية أوبتيموس (Optimus) وشبكة سيارات روبوتاكسي (Robotaxi) ذاتية القيادة. وعلى الرغم من تدشين الخدمة في أواخر يونيو، إلا أنها لا تزال محدودة النطاق، ما يعكس الحاجة إلى تطوير البنية التحتية وإثبات جدوى هذه التقنية على صعيد الإيرادات الفعلية. ومع استمرار تباطؤ مبيعات السيارات الكهربائية التقليدية، من المرجح أن يصبح الاعتماد على الابتكار المستقبلي جزءاً أكبر من تقييم الشركة في الأسواق المالية، وهو ما يخلق تبايناً بين القيمة السوقية الهائلة التي تبلغ نحو تريليون دولار والإيرادات الحالية.