تركيا وإدارة أزمة أكرم أوغلو... الأسواق تترقب

25 مارس 2025
تظاهرات في إسطنبول إثر اعتقال أكرم إمام أوغلو، 20 مارس 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت الأسواق التركية اضطرابات كبيرة بعد اعتقال أكرم إمام أوغلو، حيث تراجعت الليرة بنسبة 14% وانخفضت بورصة إسطنبول، مما أثار قلق المستثمرين الأجانب.
- استجابت الحكومة التركية بسرعة للأزمة بضخ 14 مليار دولار لدعم الليرة ورفع سعر العائد على الإقراض، كما تواصل وزير الخزانة مع مستثمرين دوليين لطمأنتهم.
- أدت التحركات الحكومية إلى استقرار الأسواق وارتفاع بورصة إسطنبول بنسبة 3%، لكن استمرار التظاهرات يثير مخاوف بشأن استدامة الاستقرار.

عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، بتهم تتعلق بالفساد، تعرضت الأسواق التركية لهزة سريعة، فقد خسرت الليرة نحو 14% صباح اليوم الأول لاعتقال أكبر منافس سياسي للرئيس رجب طيب أردوغان، مسجلة أدنى مستوى لها على الإطلاق لتتهاوى إلى 42 ليرة للدولار، وتراجعت بورصة إسطنبول بسرعة، وشهدت الأسهم والسندات انخفاضات حادة، وثار قلق شديد بين المستثمرين الأجانب بمن فيهم أصحاب الأموال الساخنة الذين باعوا أصولاً تركية، مع نزول تظاهرات للشوارع، ودعوة أوزجور أوزال زعيم حزب الشعب الجمهوري المواطنين إلى مواصلة الاحتجاجات.

الحكومة التركية أدركت مخاطر تداعيات اعتقال أكرم أوغلو، وبسرعة تحركت لمحاصرة أي خسائر اقتصادية ومالية متوقعة، وامتصاص المخاطر الناتجة عن حالة الغموض السياسي والتوتر الأمني، والحيلولة كذلك دون حدوث انتكاسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي ومكافحة التضخم الجامح وخفض سعر الفائدة، خاصة مع اندلاع تظاهرات في عدد من المدن.

البنك المركزي التركي كان من أكثر المؤسسات ديناميكية، فقد تحرك على عدة مستويات، فضخ في أسواق المال والقطاع المصرفي نحو 14 مليار دولار لتوفير السيولة والنقد الأجنبي ودعم الليرة واستقرار سوق الصرف الأجنبي، وهو ما أدى إلى تحسن سعر العملة ثم استقرارها في وقت لاحق عند 37.9 ليرة للدولار.

البنك المركزي التركي كان من أكثر المؤسسات ديناميكية، فقد تحرك على عدة مستويات، منها ضخ نحو 14 مليار دولار في الأسواق لتوفير السيولة ودعم الليرة واستقرار سوق الصرف

ورفع البنك المركزي سعر العائد على الإقراض لليلة واحدة 2% إلى 46%، وعقد محافظ البنك، فاتح قره خان، عدة اجتماعات مع مسؤولي البنوك وكبار المصرفيين وأعضاء اتحاد البنوك التركية، كما أجرى اتصالات مع مستثمرين دوليين وبنوك وصناديق الاستثمار العالمية، وكانت الرسالة لكل هؤلاء هي أن البنك المركزي سيستخدم جميع الأدوات بفعالية وحزم للحفاظ على الاستقرار المالي، وهو ما حدث بالفعل.

وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك تحرك هو الآخر بسرعة، إذ أجرى اتصالات مع مستثمرين دوليين أحدثها ما جرى اليوم لطمأنة المؤسسات المالية التي أبلغها بأن بلاده تتخذ كل الخطوات اللازمة لضمان الأداء السليم والفعال للأسواق، وتقليل تقلبات السوق. كما التقى شيمشك بمجلس إدارة جمعية المصارف التركية وأبلغه بأن تنفيذ البرنامج الاقتصادي مستمر بعزم، وأن الحكومة تمتلك الأدوات اللازمة.

بموازاة تلك التحركات، كانت هناك خطوات أخرى، فقد حظرت هيئة أسواق المال التركية البيع على المكشوف في بورصة إسطنبول، وخففت قيود إعادة شراء الأسهم ومتطلبات نسبة حقوق الملكية إلى الأصول حتى يوم 25 إبريل/ نيسان المقبل. وعقدت وزارة الخزانة والمالية والبنك المركزي وهيئة التنظيم والرقابة المصرفية وهيئة أسواق رأس المال سلسلة اجتماعات مكثفة مع الجهات الفاعلة في السوق، واتخذت إجراءات لطمأنة الأسواق والمستثمرين.

امتدت التحركات إلى مؤسسة الرئاسة نفسها، فقد اجتمع أردوغان، أمس الاثنين مع مجلس الوزراء، وبعدها خرج مطمئناً المستثمرين الدوليين قائلاً إن تركيا ستواصل تنفيذ برنامجها الاقتصادي، ولن تسمح للتقلبات بالإضرار بمصالحها، وأن المؤسسات تمكنت من التعامل بنجاح مع التقلبات التي حدثت في السوق خلال الآونة الأخيرة، وأن أولويتنا الرئيسية هي حماية الاستقرار المالي الكلي. بل وشدد على "تناغم المؤسسات المعنية وسرعة تحركها حيث تعمل وزارتا الخزانة والمالية والبنك المركزي وجميع المؤسسات المعنية ليل نهار بتنسيق كامل، وبدعم منا، وتتخذ كل الإجراءات اللازمة".

امتدت التحركات إلى مؤسسة الرئاسة فقد اجتمع أردوغان مع حكومته، وبعدها خرج مطمئناً المستثمرين الدوليين قائلاً إن تركيا ستواصل تنفيذ برنامجها الاقتصادي

هذه الخطوات وغيرها كانت لها تأثيرات إيجابية على الأسواق التركية، فقد طمأنت المستثمرين، واستقرت الليرة، وأغلق المؤشر الرئيسي لبورصة إسطنبول مرتفعاً بنحو 3% في جلسة أمس الاثنين، لكن هل تلك الخطوات كافية لدفع السوق إلى تعاف دائم واستقرار مستمر؟

أظن أن الوقت لا يزال مبكراً للإجابة عن السؤال بخاصة أنّ التظاهرات المؤيدة لأكرم أوغلو لا تزال في الشارع، بل وتحولت بعض تلك الاحتجاجات إلى حركة عنف، ولا تزال هناك مخاوف لدى المستثمرين بشأن سيادة القانون وقرارات السياسة النقدية. ولا يزال ملف اعتقال السياسي التركي أكرم ساخناً ومفتوحاً على كل الاحتمالات.

المساهمون