تركيا: انتعاش في التصنيع والتصدير واستقطاب شركات التوريد العالمية

24 يوليو 2025   |  آخر تحديث: 15:33 (توقيت القدس)
صناعة السيارات في تركيا، 9 يوليو 2017 (علي أتماكا/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- منذ عام 2003، ركزت تركيا على تطوير قطاع السيارات، حيث استثمرت الشركات المصنعة للمعدات الأصلية 18 مليار دولار، مما أدى إلى زيادة كبيرة في صادرات السيارات ومكوناتها.
- تركيا أصبحت من أكبر الدول المصنعة للسيارات عالميًا، حيث تحتل المرتبة الـ12 عالميًا والثالثة في الاتحاد الأوروبي، مع وجود 18 مصنعًا في 9 مدن، وتلعب مدينة بورصة دورًا محوريًا.
- تواجه الصناعة تحديات مثل المنافسة من الصين واعتمادها على السوق الأوروبية، وتسعى لتعزيز وجودها في الشرق الأوسط من خلال السيارات الكهربائية، مع نشاط متزايد في سوق السيارات المستعملة.

اختارت تركيا قطاع السيارات، سواء من حيث التجميع أو الصناعة المحلية أو حتى المنتجات المغذية، ليكون محور نهضتها الصناعية ورافدًا رئيسيًا لاقتصادها وتعظيم صادراتها. فمنذ عام 2003، عندما وصل حزب "العدالة والتنمية" إلى السلطة، وأعلن نهجه الاقتصادي، فتحت تركيا باب الاستثمار أمام الشركات المصنعة لمكونات السيارات.

وقد استثمرت الشركات المصنّعة للمعدات الأصلية (OEM) في ذلك العام نحو 18 مليار دولار أميركي في عمليات التشغيل داخل تركيا، بحسب معطيات مكتب الاستثمار في الرئاسة التركية. ومنذ ذلك الحين، زادت صادرات تركيا من السيارات المجمعة ومكونات السيارات (الصناعات المغذية)، لتسجل، وفق مصادر رسمية، ما يزيد على 7 مليارات دولار خلال النصف الأول من العام الجاري.

وبحسب اتحاد مصدّري صناعة السيارات (OİB)، فقد سجلت صادرات تركيا من منتجات الصناعات المغذية للسيارات خلال النصف الأول من عام 2025 قفزة نوعية، بعد أن وصلت إلى 202 دولة ومنطقة، بقيمة إجمالية بلغت 7 مليارات و679 مليونًا و202 ألف دولار.
ويضيف الاتحاد أن نسبة صادرات الصناعات المغذية شكّلت ما نسبته 38.4% من إجمالي صادرات قطاع السيارات التركي، التي بلغت 19.98 مليار دولار خلال الفترة من يناير حتى يونيو 2025، بزيادة بنسبة 6.17% عن صادرات النصف الأول من العام الماضي، التي بلغت نحو 7.23 مليارات دولار. وأوضح أن ألمانيا تأتي كأكبر سوق لصادرات تركيا من الصناعات المغذية، تلتها فرنسا ثم الولايات المتحدة الأميركية، فيما جاءت جزر كايمان في المرتبة الأخيرة، حيث استوردت من تركيا منتجات بقيمة 54 دولارًا فقط، لتكون الدولة رقم 202 في قائمة المستوردين.

ويقول المتخصص في التصميم والصناعات المغذية للسيارات، بلال سونماز في حديث لـ"العربي الجديد"، إن بلاده حسمت أمرها بالتميّز في صناعة السيارات ومكوناتها، مستفيدة من الكفاءات في مجالات البحث والتصميم وترويج العلامات التجارية. وأضاف: "لدينا 162 مركزًا للبحث والتطوير والتصميم تابعة للشركات المصنّعة للسيارات وشركات التوريد". وأوضح أن التسهيلات الحكومية للشركات، إلى جانب الموقع الجغرافي والصناعي المميز لتركيا، دفعا أكثر من ألف شركة متخصصة في توريد المكونات ودعم الشركات المصنعة للمعدات الأصلية لاختيار تركيا مقرًا لها.

ويشير سونماز إلى أن توفر الصناعات المغذية والمواد الأولية والعمالة الماهرة أوصل تركيا إلى مراتب متقدمة في القطاع عامة، وفي صناعة السيارات خصوصًا، حيث احتلت منذ العام الماضي المرتبة الـ12 بين أكبر الدول المصنعة للسيارات عالميًا، والثالثة بين دول الاتحاد الأوروبي. وسبق لوزير الصناعة والتكنولوجيا التركي، محمد فاتح كاجر، أن صرح بأن بلاده باتت ثالث أكبر مصنّع للسيارات في أوروبا. بالتوازي، كشف اتحاد مصنّعي السيارات في تركيا عن بيانات إنتاج العام الماضي، التي بلغت مليونًا و122 ألفًا و567 وحدة.

وقد استقطبت تركيا العديد من الشركات العالمية الكبرى في صناعة السيارات، مثل "رينو"، "تويوتا"، "هيونداي"، و"توفاش". ويوجد في تركيا 18 مصنعًا للسيارات تابعة لـ16 علامة تجارية، موزعة على 9 مدن، تتصدرها مدينة بورصة التي تضم 21 منطقة صناعية منظمة، ومصنعين للسيارات، بالإضافة إلى العديد من شركات الصناعات المغذية للسيارات والحافلات التجارية ومنتجي قطع الغيار. وتمثل صناعات بورصة 10% من صادرات تركيا.

ويرى المتخصص وتاجر السيارات سركان قوجة في حديث لـ"العربي الجديد"، أن صناعة السيارات وقطعها ومكوناتها تزيد من الحضور التركي عالميًا، خصوصًا بعد صناعة وتصدير سيارة "توغ" الكهربائية. ويشير إلى أن قطاع السيارات والصناعات المغذية يستوعب أكثر من 250 ألف فرصة عمل، إلا أن التحديات كبيرة، أهمها برأيه المنافسة الشرسة من الصين، واعتماد صادرات السيارات التركية على السوق الأوروبية بنسبة تزيد على 80%، ما يعني أن أي مشاكل اقتصادية في أوروبا ستنعكس مباشرة على صناعة السيارات التركية وتصديرها. ودعا إلى تعزيز الوجود التركي في منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً من خلال نماذج "توغ" الحديثة.

وسبق للرئيس التنفيذي لشركة "توغ" للسيارات الكهربائية، غورجان قره قاش، أن صرّح بأن بلاده باتت رائدة في صناعة السيارات الكهربائية، بفضل النماذج الجديدة، متوقعًا إنتاج نحو مليون سيارة منها بحلول عام 2030. وكشف أن عام 2025 الجاري سيكون موعد إطلاق السيارة الكهربائية من طراز "فاست باك"، المعروفة اختصارًا باسم (T10F). وأضاف قره قاش في تصريحات سابقة، بأن الشركة ومن خلال علامتيها التجاريتين الفرعيتين "تروغو توغ" و"ترومور"، طورت تقنيات وخدمات جديدة من شأنها أن تحدث فارقًا كبيرًا في عالم السيارات الذكية. وأكد أن "توغ" تخطط لإنتاج مليون سيارة بحلول عام 2030 ضمن 5 نماذج مختلفة.

وفي سياق متصل بصناعة السيارات وحجم الطلب داخل تركيا، عاودت أسعار السيارات المستعملة الارتفاع، بما فيها المصنعة محليًا والمصنفة شعبية، مثل "هيونداي" و"فيات" و"رينو"، إذ لا يقل سعر السيارة المستعملة بعمر حتى عشر سنوات عن 14 ألف دولار، وهو ما يعادل سعر سيارة فاخرة مستعملة في دول الجوار. ويقول رئيس اتحاد تجار السيارات في تركيا (MASFED)، أيدين إركوش، إن سوق السيارات المستعملة بدأ يشهد نشاطًا متزايدًا، متوقعًا أن يتجاوز حجم مبيعاته 7 ملايين وحدة بنهاية العام الجاري.

ويضيف إركوش أن أسعار السيارات المستعملة لم تشهد زيادات كبيرة خلال الفترة الماضية، وهو ما ساعد على إبقاء الأسعار في مستويات مناسبة. وأشار إلى أن أسعار السيارات الجديدة شهدت ارتفاعًا نتيجة تغيرات أسعار الصرف وارتفاع التكاليف، ما دفع العديد من المواطنين إلى التوجه نحو سوق السيارات المستعملة لكونه خياراً اقتصادياً.

وكانت تركيا قد شددت الرقابة على سوق السيارات المستعملة بعد عمليات التلاعب بالأسعار خلال الأعوام السابقة، حيث مددت هذا العام قانون حظر بيع السيارات المستعملة قبل قطعها مسافة 6.000 كيلومتر ومرور 6 أشهر على شرائها من قبل صالات البيع المعتمدة. كذلك أصدرت لوائح جديدة تفرض عقوبات صارمة على الإعلانات المزيفة المتعلقة بأسعار السيارات.

وبحسب بيانات معهد الإحصاء التركي، فإن مبيعات السيارات المستعملة سجلت ارتفاعًا بنسبة 3.26% خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث ارتفعت من مليونين و200 ألف و159 مركبة إلى مليونين و271 ألفًا و873 مركبة. وجاءت إسطنبول في المرتبة الأولى من حيث عدد المبيعات بـ163 ألفًا و281 سيارة، تلتها أنقرة بـ84 ألفًا و427 سيارة، ثم إزمير بـ39 ألفًا و83 سيارة، وأنطاليا بـ28 ألفًا و110 سيارات، وأخيرًا بورصة بـ27 ألفًا و967 سيارة.

المساهمون