استمع إلى الملخص
- يعاني الأتراك من تدهور القدرة الشرائية بسبب ارتفاع التضخم وتراجع الليرة، حيث ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 2.46% في مارس، وتراجعت نسبة التضخم السنوية إلى 38.10%.
- تجاوزت تكاليف المعيشة الحد الأدنى للأجور، حيث ارتفع الإنفاق الشهري لتأمين غذاء صحي لأسرة إلى 23,615 ليرة، مما يزيد من معاناة المواطنين.
جاء رفع أسعار الكهرباء في تركيا، ليزيد معاناة الأتراك المعيشية، بواقع استمرار نسبة التضخم وتراجع سعر صرف الليرة التي سجلت، اليوم السبت، 38.1 مقابل الدولار، فضلاً عن توقعات ارتفاع أسعار السلع والمنتجات من جراء رفع أسعار الكهرباء على المنشآت الخاصة التي ستعوّض، ولا شك، من خلال رفع سعر المنتج النهائي.
ورفعت هيئة تنظيم سوق الطاقة في تركيا، أسعار الكهرباء المنزلية، ابتداء من اليوم السبت، بنسبة 25% ليصل سعر 100 كيلوواط ساعة من الكهرباء إلى 259.04 ليرة تركية بعد الزيادة، وبنسبة 10% للكهرباء المستخدمة في المصانع، فضلاً عن رفع أسعار الكهرباء بنسبة 15% للمؤسسات العامة والخاصة، وبنسبة 12.4% للأنشطة الزراعية.
وتأتي الزيادة اليوم، التي بررتها هيئة تنظيم سوق الطاقة بـ"نتيجة ارتفاع تكاليف إنتاج وتوزيع الكهرباء"، بعد زيادة في 1 يوليو/ تموز الماضي تراوحت بين 20% و38%، متزامنة مع تثبيت شركة أنابيب البترول "بوتاش" تعرفة الغاز المنزلي ثابتة عند 5631 ليرة لكل 1000 متر مكعب من الغاز الطبيعي، وزيادة أسعار الغاز الطبيعي في القطاع الصناعي بنسبة 20%، وزيادة أسعار الغاز بنسبة 24.2% لمحطات توليد الكهرباء.
ويقول الاقتصادي التركي مسلم أويصال، إنّ الحكومة وبعد هذا الإجراء، ستدفع المنشآت لزيادة الأسعار وبالتالي تحميل المستهلك عبئاً معيشياً إضافياً، بعد ارتفاع مجمل الأسعار في السوق نتيجة تراجع سعر صرف الليرة، واستمرار التضخم مرتفعاً، رغم التراجع الطفيف، الشهر الماضي. ويضيف أيصال، لـ"العربي الجديد"، أنّ عائدات الدولة "يجب أن لا تكون من جيوب المواطنين أو حتى من رفع تكاليف الإنتاج، الزراعي والصناعي، لأننا اعتدنا قبل مجيء محمد شيمشك وزيراً للمالية، أن تدعم الدولة مكونات الإنتاج وأسعار الطاقة بهدف تشجيع الإنتاج والتصدير، ولكن اليوم، نرى لجوء وزارة المال لجمع العائدات عبر الرفع المستمر للضرائب وأسعار الطاقة، وهذا لن يفيد بخفض التضخم ولا بتحسين معيشة الأتراك التي تتراجع كثيراً".
ولم تنعكس الأرقام الرسمية لنسبة التضخم، على أسعار السلع والمنتجات ومعيشة الأتراك، رغم تراجع التضخم في مارس/ آذار على أساس سنوي وارتفاعه على أساس شهري مقارنة بشهر فبراير/ شباط الماضي، فالأسواق بقيت بمعزل عن البيانات التي أصدرتها الهيئة التركية للإحصاء قبل أيام، والتي بينت تراجع نسبة التضخم لشهر مارس إلى 38.10% على أساس سنوي، وارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) بنسبة 2.46% على أساس شهري، مقارنة بزيادة 2.27% في فبراير.
وينعكس ارتفاع نسبة التضخم المتزامن مع تراجع سعر صرف الليرة مقابل الدولار والعملات الرئيسية، على معيشة الأتراك، خاصة بعد الأحداث التي أعقبت توقيف وسجن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو، التي رفعت الأسعار وأوصلت الليرة إلى نحو 42 مقابل الدولار، قبل أن تتراجع وتتأرجح حول سعر 38 ليرة للدولار الواحد.
ويكشف اتحاد العمال التركي، عن استمرار تدهور القدرة الشرائية للعمال، حيث تجاوزت عتبة الجوع الحد الأدنى للأجور، وسط ارتفاع مستمر في الأسعار وتضخم حاد في قطاع الغذاء، مما زاد الأعباء المالية على الأسر التركية. ووفقاً لبيانات اتحاد الصناعات التركية لشهر مارس/ آذار، ارتفع الإنفاق الشهري المطلوب لتأمين غذاء صحي لأسرة مكونة من أربعة أفراد (عتبة الجوع) إلى 23,615 ليرة تركية، بينما بلغ إجمالي النفقات الضرورية لتلبية الاحتياجات الأساسية (خط الفقر) 76,922 ليرة تركية.
كما أشارت البيانات إلى أن تكلفة المعيشة الشهرية للعامل الواحد ارتفعت إلى 30,617 ليرة تركية، وهو ما يفوق بكثير الحد الأدنى للأجور الصافي البالغ 22,104 ليرات تركية، ما يجعل الحياة اليومية أكثر صعوبة للعمال وأسرهم. وتأتي خطوة رفع أسعار الكهرباء والغاز على المنشآت اليوم، برأي أتراك، عاملاً إضافياً لرفع الأسعار وإعاقة مساعي الحكومة لتخفيض التضخم، وسبباً لزيادة معاناة المواطنين المعاشية بواقع التراجع المستمر لسعر الصرف، المقابل لارتفاع أسعار السلع والمنتجات والخدمات.