ترقب الأسواق التركية: اعتقال إمام أوغلو يزيد المخاوف من التضخم

22 مارس 2025
تحرك في إسطنبول دعماً لإمام أوغلو، 19 مارس 2025 (كريس ماكغراث/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهد الاقتصاد التركي اضطرابات بسبب اعتقال أكرم إمام أوغلو، مما أدى إلى تراجع الليرة وارتفاع عوائد السندات. تدخل مصرف تركيا المركزي ببيع 8 مليارات دولار لتهدئة الأسواق، لكن المخاوف من التوترات السياسية مستمرة.

- أشار أستاذ المالية فراس شعبو إلى أن التدخل ساهم في وقف تدهور الليرة، لكنه حذر من تأثير التوترات على خطة الحكومة الإصلاحية وتصنيف تركيا الائتماني، مما قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم وتراجع النمو.

- تسعى الحكومة التركية لتحقيق استقرار الأسواق عبر برنامج اقتصادي حتى 2027، يهدف إلى خفض التضخم وتحقيق نمو مستدام، لكنها تواجه تحديات كبيرة وسط التوترات السياسية والاقتصادية.

تمكنت طمأنة وزير المال والخزانة التركي، محمد شيمشك، التي ترافقت مع تدخّل مباشر من مصرف تركيا المركزي لامتصاص مخاوف الأسواق الأربعاء، في التقاط الاقتصاد التركي، الخميس، بعض أنفاسه، بعد مخاوف وترقب هبطا بالليرة التركية، ليتراجع سعر صرفها بنحو 12.7% مسجلًا 42 ليرة مقابل الدولار، في أدنى سعر منذ يوليو/تموز 2023، قبل أن تشهد تحسنا الخميس.

كما تراجعت السندات السيادية لأجل 10 سنوات، مما أدى إلى ارتفاع عوائدها بمقدار 175 نقطة أساس لتصل إلى 29.94%، وسط هبوط مؤشر المصارف بنحو 9.67%، وانخفاض الأسهم التركية بنحو 6.87% قبل تعليق التداول. أما التحسن النسبي لليرة، فقد ظهر مساء الأربعاء عند 38.1 ليرة مقابل الدولار، إثر تدخل المصرف المركزي وبيع نحو 8 مليارات دولار عبر البنوك التركية، بحسب مصادر إعلامية.

وجاءت الاضطرابات على خلفية اعتقال السلطات التركية رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، أكرم إمام أوغلو، بتهم الفساد ودعم الإرهاب، بناء على قضية "الاتفاق الحضري"، الذي جرى بين حزبي الشعب الجمهوري و"المساواة وديمقراطية الشعوب" خلال الانتخابات المحلية لعام 2024، وتفيد الاتهامات بأن الهدف من ذلك هو دعم وزيادة نفوذ حزب العمال الكردستاني في المناطق الحضرية. يضاف إلى ذلك مشاهد عدّ الأموال في مقر الحزب، التي تتعلق بالمناقصات التي أُجريت داخل شركة "Medya A.Ş"، ما استدعى التحقيق، بحسب بيان مكتب المدعي العام في إسطنبول، في قضيتين منفصلتين أجرتهما مكاتب التحقيقات في "جرائم الإرهاب" و"الجرائم المنظمة"، قبل أن تُوجَّه للمعتقلين اتهامات بـ"التنظيم الإجرامي، والابتزاز، والرشوة، والاحتيال، والتلاعب بالعطاءات".

وافتتحت الليرة تعاملات الخميس عند 37.995 ليرة للدولار و41.692 مقابل اليورو، متراجعة عن إغلاق الثلاثاء قبل اعتقال إمام أوغلو بأكثر من 1.4 ليرة مقابل الدولار، حيث كان مستوى إغلاق العملة التركية الثلاثاء عند 36.67 ليرة مقابل الدولار. في حين افتتح غرام الذهب في تعاملات الخميس بسعر 3.526 ليرات تركية.

يقول أستاذ المالية بجامعة باشاك شهير في إسطنبول، فراس شعبو، إن الاضطرابات السياسية زادت المخاوف الأربعاء وكانت لا تزال مستمرة حتى الخميس، ما أدى إلى زيادة الطلب على العملات الأجنبية والذهب، الذي سجل أعلى سعر عند 4.011 ليرات لغرام عيار 24 قيراطا، قبل أن يتراجع إلى نحو 3.790 ليرات، وسط توقعات باستمرار التجاذبات السياسية التي ستؤثر على الإنتاج والصادرات وقدوم السياح، في حال استمرار بعض المظاهرات وعدم الإفراج عن أكرم إمام أوغلو ورؤساء البلديات المعتقلين.

ويشير شعبو لـ"العربي الجديد" إلى أن ما أوقف تدهور سعر الصرف الأربعاء، هو ضخ المصرف المركزي كتلا دولارية مباشرة في السوق، تراوحت بين 5 و8 مليارات دولار، متوقعا أن يمتص السوق هذه الأموال وتعاود الليرة الهبوط، إن استمرت التظاهرات واحتقان الشارع، أو تطورت التجاذبات السياسية بين الدولة وأحزاب المعارضة التي وقفت الأربعاء إلى جانب إمام أوغلو، وكان لمواقفها الأثر الكبير على الأسواق.

ويتوقع شعبو أن تؤثر هذه الهزة على خطة الحكومة الإصلاحية وبرنامجها الاقتصادي، خصوصًا مع التوقعات بالعدول عن سياسة التيسير النقدي التي اعتمدتها خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وبدأت بتخفيض سعر الفائدة 7.5% عبر ثلاث جلسات متتالية.

ولكن الأهم، برأيه، هو ألا تنعكس الاضطرابات على الاستثمار وجذب الأموال أو تصنيف تركيا الائتماني، لأنه في هذه الحالة، سيتأثر البرنامج الاقتصادي الحكومي، ويعود التضخم للارتفاع بعد أن ضبطته تركيا وتراجع إلى 38% وهو أدنى مستوى منذ عامين، إلى جانب المخاوف على نسبة النمو التي تراجعت العام الماضي.

لكن وزير المالية والخزانة، محمد شيمشك، قال الأربعاء إن الحكومة تتخذ إجراءات لضمان استقرار الأسواق وثبات سعر الصرف: "نتخذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان سير الأسواق بشكل صحي"، مؤكدًا أن البرنامج الاقتصادي الذي يتم تنفيذه مستمر بحزم.

وكانت الحكومة التركية قد أعلنت في سبتمبر/أيلول الماضي برنامجها الاقتصادي الجديد للفترة الممتدة بين عامي 2025 و2027، وحدد البرنامج هدفًا طموحًا لخفض معدل التضخم إلى 41.5% بحلول نهاية عام 2025، مع توقع أن ينخفض إلى 9.7% بحلول عام 2026. لكن نسبة النمو التي تراجعت إلى نحو 2.7% العام الماضي خرجت عن توقعات الحكومة وبرنامجها الاقتصادي، إذ رغم تحديد الحكومة هدف 4% لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعام 2025، بدت التوقعات ونتائج عام 2024 أكثر تحفظًا، حيث توقع صندوق النقد الدولي نموًا بمعدل 2.7%، مقابل 2.6% توقعات البنك الدولي التي جاءت مطابقة لتوقعات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

ويخشى مراقبون تراجع الاستثمارات الخارجية أو تخفيض تصنيف تركيا الائتماني، إن استمرت التظاهرات وواجهتها السلطات بالقمع أو أثرت على أداء الاقتصاد الكلي. ولم تنحصر التداعيات داخل الحدود التركية، بل امتدت إلى دول عدة وصفت الاعتقال بغير القانوني أو المخالف للحقوق المدنية، بحسب تصريحات المفوضية الأوروبية ووزارة الخارجية الأميركية.

ويحذّر الاقتصادي التركي أوزجان أويصال من تداعيات اعتقال إمام أوغلو التي، برأيه، ستطول وربما تعيق الأسواق والأعمال، إن لم يتم تدارك الموضوع واستمرار تغليب حكومة العدالة والتنمية السياسي على الجانب الاقتصادي والمعيشي في تركيا. داعيًا إلى الإفراج عن السياسي البارز وإلا فستستمر التظاهرات، ويستمر تدخّل المركزي، ويبدأ مشوار التراجع في الاقتصاد التركي الكلي.

المساهمون