ترامب يستعد لتطبيق قواعد جديدة لفرض الرسوم الجمركية على الشركاء التجاريين

12 فبراير 2025
ترامب أكد أنه حان وقت المعاملة بالمثل، واشنطن في 10 فبراير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعتزم ترامب تعزيز الرسوم الجمركية على الواردات بربطها بالرسوم التي تفرضها الدول الأخرى، مما قد يؤثر على 3 تريليونات دولار من السلع المستوردة ويزيد التكاليف على المستهلكين والشركات الأميركية.
- أثارت الرسوم ردود فعل دولية، حيث طلبت اليابان إعفاءها، بينما فضلت أستراليا وبريطانيا التفاوض، وهدد الاتحاد الأوروبي بإجراءات مضادة.
- قد تؤدي الرسوم إلى تدابير انتقامية واضطراب النمو الاقتصادي العالمي، وتمثل تحولًا عن سياسات الرؤساء السابقين نحو سياسات القرن التاسع عشر.

يستعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لاتخاذ خطوات إضافية ستزيد اضطراب النظام التجاري العالمي، حيث يعتزم توقيع أمر اليوم، الأربعاء، يطالب بربط الرسوم التي تفرضها الولايات المتحدة على وارداتها بالرسوم التي تفرضها الدول الأخرى على المنتجات الأميركية. وقال ترامب للصحافيين في وقت سابق من الأسبوع الماضي: "لقد حان وقت المعاملة بالمثل... سوف تسمعون هذه الكلمة كثيرا. المعاملة بالمثل، إذا فرضوا علينا رسوما سنفرض عليهم رسوما".

كان الرئيس الأميركي قد أشار إلى أن الأمر سيصدر يوم الثلاثاء أو الأربعاء، لكن عندما مر أمس دون الإعلان رسميًا عن الرسوم الجمركية، سُئل ترامب عما إذا كان سيوقع الأمر اليوم الأربعاء، فأجاب ترامب: "سنرى ما سيحدث".

ومع إطلاق ترامب سلسلة من الرسوم الجمركية منذ توليه السلطة قبل أقل من شهر، فقد سيطر تماما على مسار الاقتصاد الأميركي، وهو يراهن على أن تحقق أفكاره الاقتصادية في النهاية نتائج قيمة للناخبين، حتى لو اعترف ترامب نفسه بأن الرسوم على الواردات قد تنطوي على بعض الألم المالي للولايات المتحدة في شكل تضخم واضطرابات اقتصادية. وبالنسبة لكل أحاديث ترامب، فمن المرجح أن يتوقف تأثير قراراته على تفاصيل الرسوم الجمركية وردود فعل الدول الأخرى عليها.

في الوقت نفسه يمكن أن يؤدي نظام المعاملة بالمثل في مجال الرسوم الجمركية، وفقا لوكالة أسوشييتدبرس، إلى زيادة كبيرة في الرسوم التي سيتحملها المستهلكون والشركات في الولايات المتحدة إلى حد كبير، حيث أفاد مكتب الإحصاء الأميركي بأن إجمالي واردات الولايات المتحدة في العام الماضي بلغ 4.1 تريليونات دولار. وفي حال فرض الرسوم الجمركية الشاملة، يمكن أن تؤثر على أكثر من 3 تريليونات دولار من السلع المستوردة. 

كما قد تؤدي الرسوم الجمركية الأميركية إلى اتخاذ تدابير انتقامية من جانب الشركاء التجاريين، وهو ما قد يؤدي إلى اضطراب النمو  الاقتصادي في جميع أنحاء العالم وإعادة صياغة علاقة الولايات المتحدة مع الحلفاء والمنافسين على حد سواء. 

وبتوقيع أمر المعاملة بالمثل في الرسوم الجمركية اليوم، سينفذ ترامب وعده بفرض رسوم على كل الواردات الأميركية، وهو ما يمثل تحولا واضحا عن مواقف كل الرؤساء الأميركيين السابقين الذين اعتبروا الرسوم الجمركية إما أدوات موجهة يمكن استخدامها استراتيجيا أو حواجز تستحق التخفيض. وقد خالف ترامب هذه القاعدة بقوله إنه يريد إعادة الولايات المتحدة إلى تسعينيات القرن التاسع عشر عندما كانت الرسوم على الواردات المصدر الرئيسي للإيرادات الحكومية. 

الرسوم الجمركية على الصلب ستضاف للرسوم الأخرى على كندا

في السياق، قال مسؤول في البيت الأبيض إن الرسوم الجمركية التي يعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرضها بنسبة 25% على جميع واردات الصلب والألمنيوم ستضاف إلى الرسوم الأخرى على السلع الكندية ليصل الإجمالي بالنسبة لأوتاوا إلى 50%.

وقال مصدر حكومي لوكالة رويترز إنه لم يتم إبلاغ كندا بتجميع الرسوم الجمركية، مضيفا أن الأمر "يبدو معقولا". وفرض ترامب في وقت سابق من الشهر رسوما جمركية بنسبة 25% على معظم الواردات الكندية. لكن تقرر تعليق هذه الرسوم لمدة 30 يوما في الأسبوع الماضي.

ووقع ترامب، يوم الاثنين، على قرارات برفع معدل الرسوم الجمركية الأميركية على الألمنيوم إلى 25%، من 10% سابقا، وإلغاء استثناءات خاصة بالدول واتفاقيات الحصص بالإضافة إلى مئات الآلاف من استثناءات التعرفات الجمركية الخاصة بمنتجات محددة لكلا المعدنين. وقوبل الإجراء، الذي يدخل حيز التنفيذ في 12 مارس/آذار، بمعارضة من أوتاوا، إذ وصفه رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بأنه "غير مقبول". 

اليابان تطلب إعفاءها من الرسوم على الصلب والألمنيوم

من جانبها، طلبت اليابان من الولايات المتحدة، الأربعاء، إعفاءها من الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على صادرات الصلب والألمنيوم، وفق ما أفاد الناطق باسم حكومة طوكيو. 

وقال يوشيماسا هاياشي، في مؤتمر صحافي: "نحن على علم بالأمر الرئاسي بشأن رسوم جمركية إضافية على الصلب والألمنيوم... لقد طلبنا من الحكومة الأميركية استبعاد بلادنا من هذه الإجراءات"، وأوضح أنه تم تقديم الطلب عبر السفارة اليابانية في الولايات المتحدة في وقت مبكر من اليوم الأربعاء. وأضاف "ستدرس اليابان بعناية محتوى الإجراءات وتأثيرها على بلادنا وستتخذ السياسة اللازمة". 

وفرض ترامب رسوما جمركية مماثلة خلال ولايته الأولى لحماية المنتجين الأميركيين في مواجهة ما سماه المنافسة غير العادلة. لكن سلفه جو بايدن أعفى اليابان منها، ما سمح لها بتصدير ما يصل إلى 1.25 مليون طن من الصلب سنويا إلى الولايات المتحدة دون دفع رسوم جمركية. 

وقال مسؤول في وزارة التجارة لوكالة فرانس برس إن هذا الإعفاء، المعروف باسم الحصة الجمركية، "سيلغى"، مضيفا أنه بموجب سياسة ترامب الأخيرة، ستبقى الرسوم الجمركية على الصلب عند 25%، في حين سترفع التعرفة الجمركية على الألمنيوم من 10% السارية حاليا إلى 25%. 

أستراليا وبريطانيا لن تردا على رسوم ترامب

من جهته، أعلن وزير الخزانة الأسترالي جيم تشالمرز، الأربعاء، أنّ بلاده لن تردّ على الولايات المتّحدة إذا ما فشل مسعاها في الحصول على "إعفاء" من الرسوم الجمركية التي قرّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرضها على واردات بلاده من الصلب والألمنيوم. وقال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي بعد محادثة هاتفية مع ترامب في نهاية الأسبوع، إنّ الرئيس الأميركي "وافق على النظر في إعفاء" أستراليا من هذه الرسوم "لما فيه مصالح بلدينا". ولم يستبعد ترامب إمكان استثناء أستراليا من هذه الرسوم، مشيرا إلى أنّها من الدول القليلة التي تستفيد الولايات المتحدة في علاقتها التجارية معها من فائض في الميزان التجاري.

وردّا على سؤال حول ما إذا كانت أستراليا ستتّخذ إجراءات انتقامية في حال رفض ترامب إعفاءها من هذه الرسوم، قال تشالمرز "هذا ليس أمرا نفكّر فيه". وأضاف "أولويتنا هي محاولة الحصول على إعفاء نيابة عن صناعاتنا وعمّالنا هنا في أستراليا". ولفت الوزير إلى أنّ بلاده هي سادس أكبر منتج للألمنيوم في العالم، وهو معدن يستخدم في كلّ شيء بدءا من أجزاء الطائرات وصولا إلى علب المشروبات. 

ويختزن باطن الأرض في أستراليا ثروات ضخمة من الفحم الحجري والغاز والمعادن والعناصر المعدنية، بما في ذلك الحديد. وتصدّر أستراليا هذه الثروات الطبيعية بالدرجة الأولى إلى الصين. ووفقا للحكومة، تمثّل الصادرات الأسترالية إلى الولايات المتّحدة 1% من واردات هذا البلد من الصلب و2% من الألمنيوم. 

وفي بريطانيا، قال وزير التجارة البريطانى دوغلاس ألكسندر إن حكومة المملكة المتحدة ستتبنى نهجا "هادئا ومتعقلا" بدلا من التسرع في اتخاذ تدابير انتقامية. ونقلت وكالة الأنباء البريطانية (بي ايه ميديا)، عن هيئة صناعة الصلب قولها إن إعلان ترامب تسبب في ضربة قوية للتجارة الحرة.

ويعقد الوزراء محادثات مع مسؤولي الصناعة قبل بدء تطبيق الرسوم الجمركية الأميركية على واردات الصلب اعتبارا من 12 مارس/آذار. وقال ألكسندر لأعضاء البرلمان، الثلاثاء: "ما تحتاجه الصناعة البريطانية وتستحقه ليس رد فعل متسرع، بل إدارك هادئ ومتعقل للمصلحة الوطنية للمملكة المتحدة على أساس تقييم كامل لجميع الآثار المترتبة على الإجراءات الأميركية".

وأضاف أن المملكة المتحدة لديها "علاقة تجارية قوية ومتوازنة" مع الولايات المتحدة. 

الاتحاد الأوروبي يهدد بالرد على رسوم ترامب 

في المقابل، ذكرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين أن التكتل المكون من 27 دولة سيتخذ "إجراءات مضادة حازمة ومتناسبة"، بينما صرح المستشار الألماني أولاف شولتز بأن الاتحاد الأوروبي سيرد بشكل سريع على الرسوم الجمركية الخاصة التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على واردات الصلب والألمنيوم إلى الولايات المتحدة. 

وعلى هامش حوار مع مواطنين في مدينة لودفيجسفلده، شرقي ألمانيا، قال شولتز، الثلاثاء، إن "الاتحاد الأوروبي يمكنه أن يرد بسرعة وسيفعل ذلك"، وأكد أن الاتحاد الأوروبي يعد منطقة اقتصادية قوية للغاية ولديه وسائل خاصة به لاتخاذ الإجراءات اللازمة. وأضاف شولتز: "لكن يجب أن يكون الهدف هو عدم الإبقاء على الرسوم الجمركية في نهاية المطاف، سواء على هذا الجانب أو على الجانب الآخر. ومع ذلك، إذا لزم الأمر، يمكننا أيضًا فرض رسوم جمركية بأنفسنا".

وأوضح شولتز أن الرد الأوروبي يمكن أن يكون سريعًا، وتابع: "نحن على تواصل وثيق مع المفوضية الأوروبية بهذا الخصوص"، ولم تحدد المفوضية الأوروبية بعد كيف سيكون ردها على هذه الإجراءات. واعتبر اتحاد شركات صناعة الصلب الأوروبية أن الرسوم الأميركية الجديدة التي تم الإعلان عنها، تمثل تهديدًا كبيرًا للإنتاج في الاتحاد الأوروبي. 

وبحسب مصادر في البرلمان الأوروبي، فإن الرد الأوروبي سيأتي في الأول من إبريل/نيسان المقبل، حيث صرح رئيس لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي بيرند لانجه، في مدينة ستراسبورغ، قائلاً: "إذا لم نتوصل إلى اتفاق بحلول 12 مارس/آذار – وسنواصل بالطبع المفاوضات الآن – فسيتم فرض الرسوم الجمركية المضادة اعتبارًا من الأول من إبريل".

المساهمون