ترامب يستأنف حربه على جيروم باول لرفضه خفض أسعار الفائدة
استمع إلى الملخص
- يحتفظ الاحتياط الفيدرالي بمسؤولية مواجهة التحديات الاقتصادية مثل التضخم وبطء النمو، حيث أبقى على معدلات الفائدة بين 4.25%-4.50% لتحقيق توازن بين الحد من التضخم ودعم الاقتصاد.
- العلاقة بين الرئيس والاحتياط الفيدرالي حساسة، حيث يسعى الرؤساء لدعم سياساتهم الاقتصادية بينما يحافظ الاحتياط الفيدرالي على استقلاليته، مما يعكس توترات سياسية واقتصادية عميقة.
عاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في وقت متأخر من مساء الجمعة، إلى طرح فكرة إقالة جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، موجهًا انتقادات لاذعة لسياساته المتعلقة بمعدلات الفائدة التي يطالب بخفضها. وكتب ترامب في منشور مطول على منصة "تروث سوشال": "لا أعرف لماذا لا يتجاوز المجلس (باول). ربما، وربما فقط، سأضطر إلى إعادة النظر في مسألة إقالته. لكن على أي حال، ولايته تنتهي قريبًا". وأضاف: "أفهم تمامًا أن انتقاداتي الحادة له تصعّب عليه اتخاذ القرار الصحيح، وهو خفض معدلات الفائدة، لكنني جرّبت كل الطرق الممكنة".
وعلى الرغم من أن رؤساء الاحتياط الفيدرالي محصنون تقليديًا من الإقالة الرئاسية إلا في حالات سوء السلوك أو التقصير الجسيم، فإن ترامب كرر مرارًا تهديده بكسر هذا العرف، ما أثار تساؤلات قانونية حول إمكانية عزله باول. إلا أنه اعتاد التراجع عن هذه التهديدات، حيث صرح في 12 يونيو/حزيران من العام الماضي في البيت الأبيض قائلاً: "لن أقوم بإقالته".
وكان مجلس الاحتياط الفيدرالي قد أبقى، يوم الأربعاء، معدلات الفائدة من دون تغيير في نطاق 4.25%-4.50%، مشيرًا إلى توقعات بتباطؤ النمو، وارتفاع البطالة والتضخم بنهاية العام. وتنتهي ولاية باول في مايو/أيار 2026، ومن المتوقع أن يرشّح ترامب خلفًا له خلال الأشهر المقبلة. وقد خفت المخاوف بشأن إمكانية إقالة باول بعد حكم صادر عن المحكمة العليا في مايو/أيار، أكدت فيه أن مجلس الاحتياط الفيدرالي يُعد "كيانًا فريدًا من نوعه وشبه خاص"، ما يصعّب على الرئيس التدخل المباشر في إدارته.
ويشغل جيروم باول منصب رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي، وهو البنك المركزي للولايات المتحدة، المسؤول عن إدارة السياسة النقدية التي تؤثر على الاقتصاد الوطني والعالمي. يُعتبر الاحتياط الفيدرالي مستقلًا إلى حد كبير عن السلطة التنفيذية لضمان اتخاذ قرارات نقدية غير سياسية، تستهدف تحقيق الاستقرار الاقتصادي، السيطرة على التضخم، ودعم النمو الاقتصادي.
ولكن منذ مدة طويلة، يعارض ترامب باستمرار سياسات باول المتعلقة بمعدلات الفائدة، خصوصًا رفعها المتكرر خلال السنوات الأخيرة لمحاربة التضخم المتصاعد بعد تداعيات جائحة كورونا وبرامج التحفيز الضخمة. يعتبر ترامب أن رفع الفائدة يضر بالنمو الاقتصادي والأسواق المالية، ويدعو إلى خفضها لتسهيل الاقتراض والاستثمار. وإقالة رئيس الاحتياط الفيدرالي أمر نادر الحدوث قانونيًا وسياسيًا، حيث يحمي القانون رئيس المجلس من الإقالة إلا في حالات "سوء السلوك أو التقصير الجسيم"، وهي معايير فضفاضة لم تُستخدم عمليًا ذريعةً لعزل رئيس مجلس الاحتياط. هذه الحصانة تتيح استقلالية البنك المركزي عن الضغوط السياسية، وهو ما يُعد أحد الأسس المهمة لنظام الاحتياط الفيدرالي.
مع ذلك، لم يتردد ترامب في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات عامة لمهاجمة باول ملوحًا بإمكانية إقالته. هذه التهديدات أثارت جدلاً واسعًا داخل الأوساط القانونية والسياسية، حيث وصفها البعض بأنها محاولة للضغط على مؤسسة مفصلية في الاقتصاد الأميركي. وقد اعتاد ترامب على التراجع عن هذه التهديدات في أحيان كثيرة، ما يبرز طبيعة اللعبة السياسية المرتبطة بالاحتياط الفيدرالي.
على الصعيد الاقتصادي، يحتفظ الاحتياط الفيدرالي بمسؤولية كبرى في مواجهة التحديات الاقتصادية المعقدة مثل التضخم المرتفع الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة في العقود الأخيرة، وبطء النمو الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة المتوقع في نهاية 2025. وهذا ما دفع الاحتياط الفيدرالي للحفاظ على معدلات الفائدة في نطاق 4.25% إلى 4.50% مؤخرًا، في محاولة لإيجاد توازن بين الحد من التضخم ودعم الاقتصاد.
إلى جانب ذلك، كانت العلاقة بين الرئيس والاحتياط الفيدرالي في الولايات المتحدة دائمًا حساسة، إذ يحرص الرؤساء على سياسات نقدية تدعم أجندتهم الاقتصادية، بينما يسعى الاحتياط الفيدرالي للحفاظ على استقلاليته لمصلحة الاقتصاد الكلي. ويأتي ملف إقالة باول في إطار هذه الديناميكية، حيث يعكس توترات سياسية واقتصادية عميقة، وتحديات غير مسبوقة في الاقتصاد العالمي.
(رويترز، العربي الجديد)