ترامب في 100 يوم يعيد الأسواق العالمية قرناً إلى الوراء

نيويورك

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
23 ابريل 2025
حرب تجارية.. ترامب في 100 يوم يعيد الأسواق العالمية قرناً إلى الوراء
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب سياسات اقتصادية مثيرة للجدل، شملت رسوم جمركية على الصين، مما أدى إلى تصاعد التوترات التجارية وتقلبات حادة في الأسواق المالية العالمية.
- تدهورت قيمة الدولار الأميركي بنسبة 10% منذ تنصيب ترامب، مما زاد من تكاليف السلع المستوردة والتضخم، بينما زادت هجماته على رئيس الاحتياطي الفيدرالي من عدم اليقين في الأسواق.
- حذر صندوق النقد الدولي من تأثير الحواجز التجارية على النمو الاقتصادي العالمي، مشيراً إلى تحديات كبيرة تواجه الاقتصاد الأميركي بسبب هذه السياسات.

فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال مائة يوم له في البيت الأبيض سياساته الخاصة عبر أوامر تنفيذية أشبه بقرارات الحرب، بدءاً من فرض رسوم جمركية شاملة على حلفاء واشنطن وخصومها، ولا سيما الصين التي طاولتها قيود تجارية شرسة، مروراً بمحاولات السيطرة على المعادن والممرات الملاحية الحيوية العالمية، وصولاً إلى حد نزع استقلالية البنك الفيدرالي الأميركي والتدخل في سياسته النقدية، الأمر الذي أثار فزع المستثمرين الذين اندفعوا إلى تخفيف وزن استثماراتهم في الأسهم والأصول الدولارية، ما كانت له انعكاسات سلبية على الأسواق التي شهدت موجات متكررة من البيع العنيف في معاملات شبيهة بما حدث خلال الأيام الأولى لجائحة فيروس كورونا في 2020 والأزمة المالية العالمية في 2008 مروراً بصدمة 1987 وصولاً إلى انهيار الأسواق قبل ما يقرب من مائة عام في 1929 والتي مثّلت بداية الكساد الكبير في الولايات المتحدة وأزمة اقتصادية عالمية قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية.

كرّر ترامب في اليوم الأول من ولايته الثانية التي بدأت في العشرين من يناير/كانون الثاني 2025 أنّ الله "أنقذه" من محاولة اغتيال في 13 يوليو/تموز في بنسلفانيا حتى يتمكن من "جعل أميركا عظيمة مجددا" رافعاً شعار "أميركا أولاً"، لكنّ الكثير من المحليين يرون أن قرارات ترامب وسياسته تضعف كثيراً الاقتصاد الأميركي وتدفعه إلى حافة الخطر، ولا سيما أنها تنهي عصر الهيمنة المالية الأميركية بالابتعاد أكثر عن الدولار، وسط تأجج الحرب التجارية العالمية وتصاعد الحمائية بين الاقتصادات الكبرى.

وتشتعل التوترات التجارية بين أميركا والصين أكبر اقتصادين في العالم، إذ فرض ترامب في البداية منذ عودته إلى البيت الأبيض رسوماً جمركية على الواردات من الصين بسبب دورها المزعوم في سلسلة توريد مخدر "الفنتانيل" بنسبة 20%، وبعدها أضاف رسوماً أخرى بسبب ممارسات تجارية تعتبرها واشنطن غير عادلة، واستمر في رفعها بالتدريج، إلى أن وصلت إلى 145% على العديد من السلع الصينية، مضافة إليها رسوماً جمركية من الإدارات السابقة، وردت الصين على ذلك برفع الرسوم الجمركية على السلع الأميركية إلى 125%، فضلاً عن إجراءات أخرى أكثر تأثيراً في الاقتصاد الأميركي تتعلق بتجميد استثماراتها الجديدة في شركات الأسهم الخاصة الأميركية وإيقاف تصدير معادن نادرة بالغة الأهمية لصناعات التكنولوجيا والدفاع، فضلاً عن ممارسة ضغوط على سوق السندات.

كذلك، فرض ترامب في الثاني من إبريل/ نيسان رسوماً جمركية شاملة على مختلف دول العالم، قبل تعليقها لمدة 90 يوماً بعد نحو أسبوع من صدور القرار. ويقول الاقتصاديون والمؤرخون إن موجة الرسوم الأخيرة تشير إلى أنّ العالم قد يتجه نحو أكبر وأوسع موجة من النشاط الحمائي منذ قانون التعرفة الجمركية الأميركي لعام 1930 المعروف باسم قانون "سموت ـ هاولي"، الذي أطلق شرارة تراجع اقتصادي عالمي استمر حتى ما بعد الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945).

تحولات مفاجئة وكاسحة

وحذر صندوق النقد الدولي في تقرير له قبل أيام من أن تقلبات الأسواق المالية العالمية في صعود، مشيراً إلى أنّ عدم اليقين بشأن السياسات التجارية بلغ حدوداً غير مسبوقة. وأضاف: "نعيش في عالم من التحولات المفاجئة والكاسحة".

وأكد صندوق النقد أن زيادة الحواجز التجارية تلحق أضراراً مباشرة بالنمو. فالرسوم الجمركية، على غرار جميع الضرائب، تزيد الإيرادات على حساب انخفاض الأنشطة ونقلها، وتشير الأدلة من فترات سابقة إلى أن الشركاء التجاريين ليسوا وحدهم من يتحملون ارتفاع معدلات الرسوم الجمركية. فالمستوردون يدفعون جزءاً منها من خلال انخفاض الأرباح، والمستهلكون يدفعون جزءاً أيضاً بسبب ارتفاع الأسعار. وهكذا، تُحْدِث الرسوم الجمركية أثراً مباشراً من خلال رفع تكلفة المدخلات المستوردة. ولفت إلى أنّ الحمائية تؤدي إلى تآكل الإنتاجية على المدى الطويل.

ولا تزال أسواق المال العالمية تشهد تقلبات حادة منذ إعلان ترامب عن الرسوم الجمركية الشاملة، وتنتظرها تقلبات أكثر حدة ولا سيما مع نقل ترامب معركته إلى الداخل بتحميل البنك الفيدرالي الأميركي مسؤولية التباطؤ الاقتصادي. وكانت بورصات العالم تكبدت خسائر فادحة قدرت بنحو 9.5 تريليونات دولار على مدار ثلاث جلسات تداول من الثالث حتى السابع من إبريل/ نيسان الجاري، جاءت أشدها وطأة في الجلسة الثالثة التي وصفت بـ"الاثنين الأسود".

الدولار يخسر 10% من قيمته منذ تنصيب ترامب

ويتجنب المستثمرون الدولار وسندات الخزانة الأميركية خوفاً من تداعيات حرب ترامب التجارية. فقد خسرت العملة الخضراء ما يقرب من 10% من قيمتها منذ يوم تنصيب ترامب، مع تسجيل أكثر من نصف هذا الانخفاض هذا الشهر. ويُعد الدولار من أول ضحايا حرب ترامب التجارية بين الولايات المتحدة والعالم بعد قرار رفع الرسوم الجمركية على السلع المستوردة إلى أعلى مستوى لها منذ عام 1909.

يُمثل ضعف الدولار، الذي تراجع، أمس الثلاثاء، إلى أدنى مستوى له في عشر سنوات مقابل سلة من العملات الأجنبية، خبراً سيئاً للأميركيين، إذ قد يؤدي إلى تفاقم التضخم برفع أسعار السلع الأجنبية، كما يرفع تكاليف المسافرين إلى الخارج.

وقال ديفيد بيج، رئيس قسم أبحاث الاقتصاد الكلي في شركة "أكسا" لإدارة الاستثمارات في لندن، والتي تدير استثمارات بقيمة تريليون دولار لصحيفة وول ستريت جورنال إنّ هناك شعوراً واضحاً بعدم الارتياح في الأسواق المالية. وأدت هذه المخاوف إلى هروب المستثمرين من الدولار والأوراق المالية الحكومية الأميركية أخيراً، بينما كانت ملاذاً آمناً تاريخياً خلال الأزمات المالية.

ويتعمق التدهور في ثقة المستثمرين في الاقتصاد الأميركي بسبب هجمات ترامب المتواصلة في الأيام الأخيرة على رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) جيروم باول. وصعّد ترامب انتقاداته لباول، الاثنين الماضي، في منشور على منصة تروث سوشال للتواصل الاجتماعي، ووصفه بأنه "خاسر كبير" وطالبه بخفض أسعار الفائدة "الآن" أو المخاطرة بتباطؤ اقتصادي.

وقال المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت، الجمعة الماضي، إن الرئيس وأعضاء فريقه يواصلون دراسة ما إذا كان بإمكانهم إقالة باول، وذلك بعد يوم من تعليق ترامب بأنه ينتظر ترك باول لمنصبه "بفارغ الصبر". ويأتي هجوم ترامب بعدما قال باول، الأسبوع الماضي، إن البنك المركزي يمكنه التحلي بالصبر بشأن الحكم على كيفية تحديد السياسة، وإنه ينبغي عدم خفض أسعار الفائدة قبل اتضاح أن خطط الرسوم الجمركية لن تؤدي إلى إذكاء التضخم المرتفع.

"أزمة رهيبة" بين ترامب وباول

وقال إريك كوبي كبير مسؤولي الاستثمار في شركة نورث ستار لإدارة الاستثمارات لـ"رويترز" أمس الثلاثاء، إن هناك "أزمة رهيبة بين ترامب وباول" مما يثير "قلقاً من اتخاذ إجراء ما لاستبدال باول، وهو ما قد يؤدي لحالة من الذعر الحقيقي بالنسبة للدولار". وعلى الصعيد التجاري، قال كوبي إن "كل يوم لا يتم فيه التوصل إلى صفقات تتعلق بالإعفاءات، يثير قلقا مستمرا" من أن سياسات ترامب في شكلها الحالي قد تكون مدمرة للاقتصاد.

وأفادت صحيفة وول ستريت جورنال، بأن ترامب كان قد وجه تهديدات مشابهة ضد الاحتياطي الفيدرالي في عامي 2019 و2020، لكن المستثمرين يرون أن الوضع الحالي يختلف لسببين رئيسيين. أولاً، أنّ ترامب أصبح أكثر استعداداً لتحدي الأعراف المؤسسية والقانونية مقارنة بفترة ولايته الأولى (2017 ـ 2021). ثانياً، أنّ مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون أصبح يفتقر إلى المدافعين عن هذه الأعراف مقارنة بالفترة السابقة. كما أن التضخم قد يصبح مشكلة أكبر هذا العام بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، والتي تعد أكبر وأوسع نطاقا بكثير من تلك التي فرضها في ولايته الأولى، مما يربك حسابات مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذي رفع أسعار الفائدة في السنوات الأخيرة إلى أعلى مستوى لها في عقدين لمكافحة التضخم.

ونقلت شبكة سي إن بي سي الأميركية، عن آدم كريسافولي من "فايتال نولدج" قوله إن "المستثمرين يواجهون مصدر قلق جديداً يتمثل في تهديدات ترامب لاستقلال الاحتياطي الفيدرالي". وأضاف أن "هذا التهديد مرتبط بحرب ترامب التجارية، إذ يضطر باول وزملاؤه إلى البقاء على الحياد بسبب احتمال ارتفاع التضخم الناجم عن الرسوم الجمركية في الأشهر المقبلة، على الرغم من التقلبات الأخيرة في الأسواق وزيادة مخاطر تراجع النمو".

كما نقلت الشبكة عن كريسافولي قوله: "يشير التراجع المتزامن في الأسهم والدولار وسندات الخزانة إلى أنّ حرب ترامب التجارية أطلقت شرارة نزوح جماعي من الأصول المالية الأميركية".

ذات صلة

الصورة
ماسك وترامب في بنسلفانيا، أكتوبر 2024 (آنا مانيميكر/ Getty)

سياسة

غادر الملياردير الأميركي إيلون ماسك إدارة الرئيس دونالد ترامب، بعد فترة شهدت محاولات مثيرة للجدل لخفض الإنفاق الحكومي وتقليص دور المؤسسات الاتحادية.
الصورة
تيك كوك و دونالد ترامب، في البيت الأبيض 6 مارس 2019 (رويترز)

اقتصاد

هدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الجمعة، شركة آبل بفرض رسم جمركي قدره 25%، ما لم تقم بتصنيع هواتف آيفون في الولايات المتحدة
الصورة
ترامب أثناء مغادرته البيت الأبيض إلى نادي الغولف في واشنطن 22/5/2025 (إيفلين هوكشتاين/رويترز)

اقتصاد

هدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسم جمركي بنسبة 50% على المنتجات الأوروبية المستوردة إلى الولايات المتحدة اعتباراً من الأول من يونيو.
المساهمون