ويعد هذا التصريح تناقضًا صارخًا مع ما قاله ترامب في خطاب ألقاه عن بُعد خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا. ففي ظهوره يوم 23 يناير/كانون الثاني، قال ترامب إنه "سيطالب بخفض أسعار الفائدة فورًا". ولا يمتلك الرئيس الأميركي سلطة مباشرة على مجلس الاحتياط الفيدرالي، لكنه يقوم بترشيح رئيس المجلس وأعضاء آخرين في مجلس الإدارة. والرئيس الحالي للمجلس، جيروم باول، هو أحد مرشحي ترامب، إلا أنه كثيرًا ما كان هدفًا لانتقاداته.
وشهدت العلاقة بين ترامب وباول العديد من المواجهات الحادة، خاصة في ما يتعلق بسياسة سعر الفائدة. ومنذ أن عيّن ترامب باول في منصبه عام 2018، بدأ في انتقاده علنًا بسبب قرارات الفيدرالي المتتالية برفع أسعار الفائدة، معتبرًا أن هذه السياسة تعرقل النمو الاقتصادي وتؤثر سلبًا على الأسواق المالية. وفي عام 2019، وفي إحدى المناسبات، وصف ترامب قرارات باول المتعلقة برفع الفائدة بأنها "حماقة"، كما أشار في مناسبة أخرى إلى مسؤولي البنك الفيدرالي بـ"بعض الحمقى"، معبرًا عن استيائه الشديد من السياسة النقدية التي تبناها البنك المركزي، والتي رأى أنها تقلل من تنافسية الاقتصاد الأميركي على المستوى العالمي.
وتصاعدت التوترات أكثر عندما ألمح ترامب علنًا إلى إمكانية عزل جيروم باول من منصبه، في خطوة غير مسبوقة من رئيس أميركي ضد رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي. وعلى الرغم من أن القانون لا يمنح الرئيس سلطة مباشرة لعزل رئيس الفيدرالي دون سبب قانوني واضح، فإن تهديد ترامب أثار قلق الأسواق وأضفى حالة من عدم اليقين حول استقلالية البنك المركزي.
وفي أكثر من مناسبة خلال ولايته الأولى، طالب ترامب باول بخفض أسعار الفائدة إلى مستويات قريبة من الصفر أو حتى إلى مستويات سلبية، مشيرًا إلى أن الدول الأخرى تستفيد من سياسات نقدية أكثر تساهلًا، بينما يعيق الفيدرالي، بحسب وصفه، تفوق الاقتصاد الأميركي.
ولا تتوقع الأسواق أن يقوم مجلس الاحتياط الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة قبل شهر يونيو/حزيران على الأقل. وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد اجتماع المجلس يوم الأربعاء الماضي، أكد باول مرارًا أن المجلس ليس في "عجلة من أمره" لخفض أسعار الفائدة مرة أخرى، وذلك بعد أن قام بتخفيضها بمقدار نقطة مئوية كاملة بين سبتمبر/أيلول وديسمبر/كانون الأول من عام 2024.
وأصبحت عملية صنع القرار في المجلس أكثر تعقيدًا بعد أن أعلن ترامب يوم السبت أنه سيفرض تعريفات جمركية صارمة على كندا والمكسيك والصين، وهم أكبر ثلاثة شركاء تجاريين للولايات المتحدة. ويخشى الاقتصاديون أن تؤدي هذه التعريفات إلى ارتفاع الأسعار في وقت بدأت فيه مؤشرات التضخم تظهر علامات على التراجع.