تخفيضات إنفاق "الكفاءة الحكومية" تضرب الاقتصاد الأميركي وسط فوضى التسريحات

20 مارس 2025
محتجون على تسريحات العمالة الفيدرالية بأميركا، واشنطن، 25 فبراير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تأسست إدارة الكفاءة الحكومية (DOGE) بتوصية من إيلون ماسك لتقليص القوى العاملة الفيدرالية وتوحيد المساحات المكتبية، مما أدى إلى تسريح الموظفين وإجبارهم على العودة للمكاتب، مؤثرًا على الاقتصادات المحلية.
- في أوكلاهوما سيتي، تأثر الاقتصاد المحلي سلبًا بسبب تقليص إنفاق الموظفين الفيدراليين المسرحين، بينما شهدت بعض الشركات القريبة من المكاتب الفيدرالية زيادة في الأعمال.
- أثارت السياسات استياءً شعبيًا واسعًا واحتجاجات ضد إيلون ماسك وشركاته، مع دعوات لمقاطعة منتجات تسلا بسبب تأثيرها على الأمن المعيشي.

امتدت إجراءات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لخفض التكاليف من خلال إدارة الكفاءة الحكومية (DOGE) إلى الاقتصادات المحلية في الولايات المتحدة، حيث واجه الموظفون الفيدراليون موجة من التسريحات وقرارات إجبارية للعودة إلى العمل المكتبي بدلاً من العمل عن بعد. وجرى تأسيس إدارة الكفاءة الحكومية بناءً على توصية من الملياردير الشهير إيلون ماسك، وهو أحد المستشارين والمتبرعين للرئيس ترامب خلال حملته الانتخابية، لتعمل على تقليص القوى العاملة في الوكالات الفيدرالية، إضافة إلى توحيد وتقليص المساحات المكتبية الحكومية كجزء من جهودها المثيرة للجدل لخفض التكاليف. 

ومع تسريح الموظفين الفيدراليين وإغلاق أو نقل مكاتب العمل، بدأت هذه التغييرات في التأثير المباشر على المدن والاقتصادات المحلية في الولايات المتحدة، التي اعتمدت بشكل كبير على وجود هذه المؤسسات والعاملين فيها على مدار سنوات طويلة. ومطلع هذا الأسبوع، أشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير لها إلى أن حوالي 80% من الموظفين الحكوميين غير التابعين للبريد أو القوات المسلحة يعملون خارج منطقة واشنطن العاصمة، وسلطت الضوء على تأثير إجراءات إدارة الكفاءة الحكومية على مدينة أوكلاهوما سيتي تحديدًا، وهي منطقة يعيش فيها نحو 30 ألف موظف فيدرالي يعملون في مجالات متنوعة، ويشكلون قرابة 4% من إجمالي القوى العاملة المحلية.

وذكرت الصحيفة أن المنطقة تضم موظفين فيدراليين مسؤولين عن تفتيش المنتجات الغذائية، وصيانة الطائرات العسكرية، وتدريب مراقبي الحركة الجوية الجدد، إضافة إلى موظفي السجون الفيدرالية. وقال بعض الموظفين المتأثرين بعمليات التسريح، وآخرون يشعرون بالقلق من احتمال فقدان وظائفهم، إنهم بدأوا في تقليص إنفاقهم اليومي. وأشار أحد العاملين في سجن فيدرالي بالقرب من أوكلاهوما سيتي إلى أنه قرر تأجيل خططه لشراء سيارة جديدة بسبب عدم اليقين حول مستقبله الوظيفي.

وقالت واحدة من السكان المحليين، وقد فقدت وظيفتها في مكتب التعليم الهندي، إنها قلّصت زياراتها للمطاعم والحفلات الموسيقية. بينما أشار موظف آخر فقد وظيفته في مجال المحاسبة بمصلحة الضرائب إلى أنه سيواجه قريبًا صعوبة في سداد دفعة مستحقة لشراء قطعة أرض بعد أن فقد مصدر دخله.

وفي المقابل، شهدت بعض الشركات والمحال التجارية نتائج إيجابية من قرار إدارة ترامب إلزام معظم الموظفين الفيدراليين بالعودة إلى المكاتب. وأفاد مسؤول في مرآب للسيارات يقع بالقرب من المكاتب الفيدرالية بأن المكان شهد ارتفاعًا في استخدام مواقف السيارات مع عودة الموظفين إلى مكاتبهم، كما شهدت المطاعم القريبة من هذه المكاتب زيادة ملحوظة في أعمالها.

وتضم المنطقة أيضًا قاعدتين عسكريتين هما قاعدة "تينكر" للقوات الجوية وقاعدة "فورت سيل" التابعة للجيش الأميركي، واللتان توظفان عددًا كبيرًا من العسكريين والمدنيين التابعين لوزارة الدفاع. وتدرس إدارة الكفاءة الحكومية حاليًا تقليص عدد الموظفين المدنيين التابعين للوزارة، مع الإشارة إلى أن المناصب العسكرية لن تتأثر بهذه التخفيضات في المرحلة الحالية.

وأشار تقرير صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى دراسة أجراها بن زو، الأستاذ المشارك في الاقتصاد بكلية ميتش دانييلز للأعمال بجامعة بوردو، والتي أكدت أن تسريح العمالة الفيدرالية يؤدي إلى عواقب اقتصادية ممتدة. وتحديدًا، فإن كل وظيفة يتم فقدها في قاعدة عسكرية تؤدي إلى فقدان 1.2 وظيفة إضافية في الاقتصاد المحلي، بسبب تقليص الموظفين الذين فقدوا وظائفهم لمستوى إنفاقهم.

وقال زو، في حديث مع شبكة "فوكس بيزنس": "عندما تقلص قاعدة عسكرية حجم العمالة لديها، يغادر معظم الموظفين الذين فقدوا وظائفهم المنطقة. وقد تصبح الظروف أصعب بكثير إذا قرر هؤلاء الموظفون البقاء في الاقتصادات المحلية التي أصبحت توفر عددًا أقل من فرص العمل".

وأثارت سياسات إدارة الكفاءة الحكومية استياءً شعبيًا واسعًا في مختلف الولايات الأميركية، إذ يرى الكثير من السكان والموظفين أن هذه الإجراءات لا تراعي الآثار السلبية على أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، مؤكدين أن الإدارة تتجاهل التبعات طويلة الأمد على استقرار مجتمعاتهم.

وفي عدة مدن تعتمد اقتصاداتها على الوجود الحكومي، تصاعدت أصوات الاحتجاج والرفض لسياسات الإدارة التي تسببت في زيادة البطالة وتراجع النشاط التجاري المحلي. وعبر المواطنون عن غضبهم من قرارات التسريح المفاجئة وإجبار الموظفين على العودة إلى المكاتب، معتبرين هذه السياسات تهديدًا مباشرًا لأمنهم المعيشي واستقرار عائلاتهم.

وفي حالات متكررة، طاولت الاحتجاجات إيلون ماسك وشركاته، وخاصة تسلا، حيث شهدت عدة مدن أميركية وأوروبية تجمعات أمام متاجر تسلا، احتجاجًا على دور ماسك في خفض الإنفاق الحكومي وتقلص القوى العاملة الفيدرالية. وفي نيويورك، ألقت الشرطة القبض على تسعة أشخاص خلال احتجاج صاخب أمام مقر تسلا، حيث رفع المتظاهرون لافتات تندد بتدخل ماسك في السياسات الحكومية. 

وامتدت هذه الاحتجاجات إلى أكثر من 50 صالة عرض لتسلا في أنحاء الولايات المتحدة، حيث دعا المحتجون إلى مقاطعة منتجات الشركة، معربين عن رفضهم لتأثير ماسك على سياسات الحكومة الأميركية. كما شهدت مدن كندية، مثل أوتاوا وفانكوفر، احتجاجات مشابهة ضمن حملة "الإطاحة بتسلا"، للتنديد بسياسات ماسك ودوره في إدارة الكفاءة الحكومية.

المساهمون