تحويلات حاكم البنك المركزي: تنسيق سياسي وقضائي بين لبنان وسويسرا

تحويلات حاكم البنك المركزي: تنسيق سياسي وقضائي بين لبنان وسويسرا

25 يناير 2021
اتهامات بالاختلاس تلاحق رياض سلامة (Getty)
+ الخط -

عقد اليوم الاثنين لقاء بين وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال في لبنان شربل وهبة والسفيرة السويسرية مونيكا شموتز كيرغوتس، للبحث في ملف التحويلات المالية من قبل حاكم البنك المركزي رياض سلامة، الذي دخل مرحلة المراسلات المباشرة بين القضاءَيْن اللبناني والسويسري.

وقال مصدرٌ في وزارة الخارجية اللبنانية، لـ"العربي الجديد"، أنّ الوزير وهبة استوضح من السفيرة السويسرية المعطيات الموجودة لدى سلطات بلادها القضائية، التي استندت إليها لفتح التحقيق في تحويلات حاكم مصرف لبنان إلى الخارج، والخطوات اللاحقة في هذا الاتجاه، وأكد وزير الخارجية أن الجانب اللبناني سيتعاون وفق الأصول في هذه القضية.

من جهة ثانية، أصدر حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، اليوم الاثنين، بياناً شدد فيه على أنّ كل الأخبار والأرقام المتداولة في بعض الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي مضخمة جداً، ولا تمت إلى الواقع بصلة، وتهدف بشكل ممنهج إلى ضرب صورة المصرف المركزي وحاكمه.

وأضاف أنه "وإذ يمتنع عن الخوض علناً في الأرقام والحقائق لدحض كل الأكاذيب في ملف بات في عهدة القضاءين اللبناني والسويسري، يؤكد أن منطق "اكذب.. اكذب.. فلا بد أن يعلق شيئ في ذهن الناس" لا يمكن أن ينجح في هذه القضية وفي كل الملفات المالية لأن كل الحقائق موثقة.

وأعلنت وزيرة العدل اللبنانية في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم، في 19 يناير/كانون الثاني الجاري، عن تلقّيها طلباً من السلطات القضائية السويسرية للتعاون في تحقيق في تحويلات مالية من قبل سلامة.

موقف
التحديثات الحية

واستمع القضاء اللبناني إلى سلامة حول مضمون المراسلة السويسرية، التي تسلّمها لبنان، بشأن التعاون في تحقيق يطاول تحويلات مالية من قبل حاكم البنك المركزي وشقيقه ومساعدته ومؤسسات مرتبطة بمصرف لبنان.

إذ بتاريخ 21 يناير/كانون الثاني الجاري، التقى سلامة المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، وقدّم له كل الأجوبة التي حملها بالأصالة كما بالنيابة عن المدعي العام السويسري، وجزم له أن أي تحاويل لم تحصل من حسابات لمصرف لبنان أو من موازناته، تبعاً لما ورد في بيان صادر حاكم البنك المركزي.

وأضاف البيان أنّ سلامة أكد للقاضي عويدات أنه جاهز دائماً للإجابة عن أي أسئلة، كما احتفظ لنفسه بحق الملاحقة القانونية بوجه "جميع الذين يصرّون على نشر الإشاعات المغرضة والإساءات التي تطاولني شخصياً كما تسيء لسمعة لبنان المالية".

بدوره، تقدّم النائب في البرلمان اللبناني جميل السيد، اليوم، بطلبٍ رسمي إلى النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات عبر وزارة العدل، لإدراجه بصفة شاهد طوعي أمام القضاء السويسري حصراً، للإدلاء بالمعلومات التي يملكها أو قد يسأل عنها في التحقيق الذي تجريه السلطات السويسرية حول تحويلات مالية من حاكم مصرف لبنان وآخرين.

ولفت إلى أنه يركز على القوانين والتعاميم والوقائع المتعلقة بعمل مصرف لبنان والتعاميم الصادرة عنه، بما فيها تصريحات سلامة العلنية التي كان يدعو فيها اللبنانيين ويطمئنهم تكراراً لإيداع دولاراتهم في لبنان، في الوقت الذي كان يخرج أمواله منه، ما يعتبر بمثابة سوء استغلال للوظيفة العامة ومخالفاً لقوانين الفساد والاثراء غير المشروع.

وطلب النائب جميل السيد من القاضي عويدات ضمّ نسخة عن طلبه كمستند رسمي إلى المراسلة، التي سيحيلها لاحقاً إلى السلطات السويسرية جواباً على طلب المساعدة القضائية الذي كان تلقاه منذ أسبوعين للتحقيق في هذا الموضوع.

وسبق أن أشار النائب السيد إلى وجود "طلب تحقيق أوروبي رسمي أرسل إلى لبنان للتحقيق مع سلامة وحاشيته حول تحويلات من لبنان إلى الخارج، بما يفوق 350 مليون دولار، وسياسيون وقضاة وضباط كبار على الطريق"، وقال، "بالمبدأ، كل دولة مسؤولة عن محاسبة فاسديها، ولكن عندما تقوم عصابة الفساد بالدولة بتجويع الشعب بكامله، تصبح المحاسبة دولية".

وتحرّك القضاء اللبناني في وقتٍ سابق بوجه رياض سلامة، إثر استدعاء قدّم من محامين في مجموعة "الشعب يريد إصلاح النظام"، هم المحامون حسن عادل بزي، هيثم عدنان عزو، جاد عثمان طعمة، بيار بولس الجميّل، وفرنسواز إلياس كامل، كانت نتيجته الأولى إلقاء رئيس دائرة تنفيذ بيروت القاضي فيصل مكي، بتاريخ 17 يونيو/تموز الماضي، الحجز الاحتياطي على الأسهم العائدة لسلامة في عددٍ من العقارات والمنقولات المملوكة منه في منزله الكائن في محلة الرابية (محافظة جبل لبنان).

واتهم المحامون في الشكوى سلامة بارتكاب جرائم عدة، منها النيل من مكانة الدولة المالية، وحضّ الجمهور على سحب الأموال المودعة في المصارف، وبيع سندات الدولة، والإخلال بالواجبات الوظيفية، والإهمال، قبل أن تنطلق محاكمة سلامة العلنية بالجرائم المنسوبة إليه في 14 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ويواصل سعر صرف الدولار في السوق السوداء ارتفاعه بين 8700 و8800 ليرة لبنانية، وتشهد بعض الأسواق والمحال التجارية فوضى رفع الأسعار في ظلّ الإقفال العام للبلاد لمواجهة انتشار فيروس كورونا منذ 14 يناير.

في حين شهدت بعض المناطق اللبنانية تحرّكات احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والغلاء المعيشي، ورفضاً لتمديد حالة التعبئة العامة إلى الثامن من فبراير/شباط المقبل.

المساهمون