تحديات تواجه استفادة العراق من انتعاش النفط

تحديات تواجه استفادة العراق من انتعاش النفط

04 يونيو 2021
النفط هو المصدر الرئيسي للإيرادات المالية في العراق (أحمد الروبي/فرانس برس)
+ الخط -

قال مسؤول عراقي حكومي، إن انتعاش أسعار النفط عالميا يكفي لسد عجز الموازنة للعام الحالي 2021، والتي تسببت فيها الأزمة المالية التي نتجت عن انخفاض أسعار النفط عالميا بالتزامن مع جائحة كورونا.

فيما أكد مراقبون وجود تحديات كبيرة قد تعيق الاستثمار الأمثل لهذه الزيادة، مشددين على أهمية وضع الخطط المناسبة لها.
ووفقا للمستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، فإن "الإيرادات الناتجة عن كميات النفط المصدرة تعوض عن أي حالة عجز أو اقتراض في الموازنة"، مؤكدا، في تصريح لصحيفة عراقية محلية، أنه "إذا كان متوسط سعر برميل النفط 62 دولارا والمسجل في الموازنة 45 دولارا، فإن الفرق يذهب كإيراد نقدي".
وأضاف أن "الموازنة تشتمل على إيرادات ونفقات، وأن إيرادات هذا الشهر حددت بـ45 دولارا للبرميل بالإضافة إلى الاقتراض، وفي حال تحقق إيراد إضافي فإن الاقتراض سيتوقف"، مؤكدا أن "الموازنة خطة مالية سنوية والأموال تصرف وتخصص بحسب المرسوم في الموازنة".
وشدد المستشار المالي لرئيس الوزراء على أنه "في حال توفر درجات وظيفية أو مشاريع أو أبواب صرف، فإنها ستنفذ بحسب بنود الموازنة من خلال الإيرادات النفطية أو غير النفطية، المتمثلة في الجمارك والضرائب وبيع أملاك الدولة وأرباح الشركات وغيرها"، معتبرا أنه "إذا كانت الإيرادات تكفي لسد النفقات من دون اقتراض فإن الوضع سيكون توازنيا، أما إذا كانت الإيرادات أعلى من النفقات، فإن فائض الشهر السابق سيتحول إلى إيراد للشهر الذي يليه".

وتابع صالح، أنه "في حال زيادة الفوائض بنسبة كبيرة، فإنه من الممكن الذهاب لموازنة تكميلية، وهذا يعتمد على قرار الحكومة".
وكان البرلمان العراقي قد صوّت بعد مخاض عسير من الخلافات والصراعات على موازنة 2021، في 31 مارس/آذار الماضي، بواقع 129 تريليون دينار، ما يعادل نحو 88 مليار دولار، وبعجز متوقع بلغ 28 تريليون دينار (19 مليار دولار).
وحذر مختصون عراقيون من الفساد وتأثيره على خطط الدولة بتجاوز الأزمة المالية. وفي هذا السياق، أكد عضو اللجنة المالية البرلمانية، النائب أحمد مظهر، لـ"العربي الجديد"، أنه "من الطبيعي أن أسعار النفط التي ارتفعت أخيرا خفضت العجز المالي في الموازنة، وأن واردات النفط ستزيد الإيرادات المالية للبلاد، وقد ينعكس ذلك إيجابا على الاقتصاد العراقي على المستويين الداخلي والخارجي ويكون نقطة إيجابية في الاتجاه الصحيح".
وأضاف أن "وضع البلد اليوم على المستوى المالي جيد، لكن علينا ألا نطمئن تماما لإدارة المال، لأننا رأينا أن انهيار أسعار النفط كاد أن يفلس البلد ويخرجه من دائرة التعاملات المالية الدولية، الأمر الذي يتطلب الحذر"، مؤكدا وجود فرصة جيدة لوزير المالية العراقي بأن يقدم ورقته البيضاء لإكمال عملية دراستها وتطبيقها على الواقع طالما هناك وقت كاف لذلك.
وتابع عضو اللجنة المالية البرلمانية أن "الوفرة المالية قد تكون سببا في إنجاز كل المشاريع، إذا كانت الحكومات المركزية والمحلية جادة في ذلك"، محذرا من "تأثير الفساد على تلك الزيادة، ومنع استثمارها بالشكل الصحيح، فالأحزاب معرقل واضح، خاصة وأن الكل يبحث عن مصالحه الخاصة للحصول على مكاسب معينة، الأمر الذي قد يؤثر على الملف وتجاوز أزمة البلاد".

ودعا إلى أن تكون هناك متابعة للملف من الخبراء والمختصين ليتمكن العراق من تجاوز أزمته، فالبلد لديه ثروات طبيعية زراعية وصناعية من الممكن استثمارها مستقبلا لتجاوز الأزمة، ويمكن أن تنجح الدولة في حال أحسنت وضع الخطط لذلك.
الخبير الاقتصادي دريد العنزي، أكد لـ"العربي الجديد"، أن "زيادة أسعار النفط عالمياً ستسهم في تجاوز عجز ميزانية العراق للسنة الحالية والمقبلة، ويمكن أن توجه الحكومة الوفرة المالية لإصلاح مخلفات السنين الماضية، فالبلد مطلوب منه سداد 5 مليارات دولار كقروض وفوائد"، مؤكدا أهمية "وضع آلية تنفيذ واردات العجز، وهذا من مسؤولية الحكومة".
وأوضح أن "هناك أولويات يجب أن توضع لاستثمار زيادة أسعار النفط، فهناك مشاريع ممكن تأجيلها، وأن تكون الأهمية للمشاريع الصحية والتعليمية"، محذرا من أنه "سيكون هناك فساد أكبر وتقاسم أكثر في حال إنجاز أي مشروع، خاصة بعد انقطاع الواردات خلال الأزمة الاقتصادية التي مر بها البلد".
وتابع العنزي: "الآن وضع البلاد مالياً معقول في ظل ارتفاع أسعار النفط، ونحتاج إلى إعادة جدولة القروض وتأجيلها لعامين، ليكون هناك استقرار اقتصادي داخلي، وأن يتم نقل بعض المشاريع بين الوزارات، ما قد يفتح لنا آفاقا واسعة للحلول الاقتصادية وهي مهمة للبلد".
ويسعى العراق إلى زيادة صادراته النفطية، من خلال إنجاز وتنفيذ عدد من المشاريع النفطية جنوبي البلاد، وفقا لخطط وضعتها وزارة النفط. ويمر البلد الغني بالنفط بأزمة مالية خانقة لم يستطع الخروج منها، منذ انخفاض أسعار النفط عالميا، إثر تفشي فيروس كورونا، وبسبب الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، إذ تسعى الوزارة لدعم موازنة الدولة المالية، من خلال سعيها لتنفيذ خطوات استثمارية، ومحاولات لزيادة الإيرادات المالية.

المساهمون