تحالف أميركي - أوروبي للحفاظ على تفوّق صناعة الشرائح

حروب التقنية ... تحالف أميركي - أوروبي للحفاظ على تفوّق صناعة الشرائح

01 أكتوبر 2021
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يعلن عن المجلس التقني المشترك مع أوروبا (Getty)
+ الخط -

تنظر كل من واشنطن وبكين لسباق التفوق في صناعة أشباه الموصلات أو الشرائح الذكية من منظار "الحياة أو الموت"، ليس لأهميتها في النمو الاقتصادي فحسب، ولكن لأهميتها في التفوق العسكري والهيمنة على تشكيل النظام العالمي المقبل.

ويبدو أن طموح الصين في منافسة الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين في مجال تقنية الشرائح بات الهاجس الأكبر لتحالف "الديمقراطيات الرأسمالية" الذي دشنه الرئيس جوزيف بايدن في بداية العام الجاري لاحتواء التمدد التجاري والتقني الصيني.
على الصعيد الصيني، تبني بكين استراتيجية اقتصادية جديدة حول تقنية الشرائح والذكاء الاصطناعي بديلة لاستراتيجية التمدد الصناعي الأفقي. في هذا الشأن، قال نائب رئيس الوزراء الصيني، ليو هي، للأكاديميين في مؤتمر لكبار علماء الصين عقد ببكين في مايو/ أيار الماضي، "اهتمامنا بتطوير قطاع أشباه الموصلات ليس فقط من أجل النمو الاقتصادي، وإنما لأن تقدمنا في هذا المجال بات قضية استراتيجية لبقاء الصين". وذلك في إشارة واضحة إلى برامج التطور العسكري ومستقبل الدفاع عن الصين في وجه أي اعتداء أميركي محتمل.

من جانبه قال سيناتور أميركي، حسب مجلة فوربس إن "الحرب الحديثة سوف يتم خوضها عبر الشرائح الذكية"، في إشارة واضحة إلى تحكم الشرائح الذكية في توجيه وضرب الأهداف من بعد، والسيطرة على البرامج التي تحكم حركة المعدات العسكرية للخصم ونظم الاتصالات والمواصلات.

ولم يستبعد البروفسور الأميركي جورج كالهوم في تحليل بمجلة "فوربس" الأميركية أن تكون أشباه الموصلات واحدة من أسباب الحرب المقبلة بين الصين والولايات المتحدة على تايوان التي باتت واحدة من المراكز المتقدمة في صناعة الموصلات في العالم. ولاحظ كالهوم أن هاجس الشرائح الذكية والتفوق فيها بات من أهم استراتيجيات التنافس بين بكين وواشنطن.

وحسب تقرير للجمعية الأميركية للعلوم والهندسة والطب، فإن الحفظ على التفوق الأميركي في صناعة أشباه الموصلات أو الشرائح الذكية يعد من العوامل الرئيسية لتفوق الجيش الأميركي، وبالتالي يرى خبراء أن التفوق في مجال الشرائح سيحدد مستقبل "النظام العالمي" الحالي وتشكيل "النظام العالمي المقبل". وبالتالي ينصح خبراء التقنية والعلماء في الغرب الإدارة الأميركية بضرورة الحفاظ على هذا التفوق الذي يتعرض حالياً لتحديات من قبل الصين.

في إطار هذا التنافس التقني، أسست الولايات المتحدة وأوروبا أول من أمس الأربعاء، مجلساً جديداً مشتركاً للتجارة والتقنية لدعم صناعات أشباه الموصلات.
وقال مسؤولون في كل من واشنطن وبروكسل، حسب ما ذكرت "وول ستريت جورنال"، إن الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي اتفقت على العمل معاً لدعم سلاسل إمداد أشباه الموصلات أو الشرائح الإلكترونية، والحفاظ على الموقع القيادي في هذه التقنية الاستراتيجية للتطور الصناعي.

وحسب البيان فإن المجلس التقني المشترك بين الكتلتين سيعمل على تعزيز الموقع القيادي لأوروبا وأميركا في تقنية أشباه الموصلات عبر تطوير استراتيجيات مشتركة، لضرب السلوكيات التي تخالف حرية المنافسة والسوق الحر في بلدانهما وفي الخارج.

وعلى الرغم من أن التحالف الأميركي الأوروبي لم يذكر الصين بالاسم، إلا أنه أشار إليها بشكل غير مباشر، حيث إن الحكومة الصينية تعد من كبار الدول الداعمة لشركات تقنية صناعة الشرائح.

وحسب بيانات اتحاد صناعة الشرائح العالمية، فإن الحكومة الصينية دعمت صناعة الشرائح بنحو 150 مليار دولار منذ العام 2014، وأن هذا الدعم يتواصل. وبالتالي يلاحظ أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ركز على تحويل الشركات الأميركية لصناعات تقنيتها من الصين إلى الولايات المتحدة أو الدول الصديقة في آسيا.

ويعد التحالف الجديد بين الولايات المتحدة والهند لمحاصرة الصين في آسيا وتنامي العلاقات التجارية والتعاون التقني بين الهند واليابان، من أسس تحويل التقنيات الغربية الذكية، ومن بينها صناعة الشرائح من الصين إلى الهند وبشكل تدريجي. إذ إن الصين بما لديها من كثافة سكانية وكفاءات تقنية هي الدولة الوحيدة القادرة على تعويض الشركات الأميركية واليابانية عن خسارة السوق الصيني.

وعلى الرغم من أن الصين ليس لديها شركات تنافس الشركات الغربية مثل أنتل وسامسونغ وشركات أشباه الموصلات في ألمانيا، إلا أنها من كبار المستوردين للشرائح العالمية. وتعادل حصة إنتاج الصين من إجمالي صناعة أشباه الموصلات في العالم نحو 7.6%، حسب بيانات اتحاد أشباه الموصلات العالمي.

وبلغت واردات الصين من أشباه الموصلات في العام الماضي 2020 نحو 378 مليار دولار. ويعود هذا الحجم الضخم من الواردات إلى أن الصين تنتج نحو 36% من الهواتف النقالة الذكية، وأجهزة الكومبيوتر و"الخادمات السحابية" ومعدات الاتصالات الهاتفية بواسطة الشركات الغربية المستوطنة فيها. وذلك لأن الصين أصبحت خلال العقدين الأخيرين مركزاً رخيصاً لكلف الإنتاج في آسيا، وبالتالي جذبت الشركات اليابانية والأميركية والأوروبية.

وتتجه الصين وحسب خبراء، لتحويل صناعاتها الثقيلة خارج الصين في دول آسيا الوسطى وبعض دول أميركا اللاتينية وأفريقيا، في إطار استراتيجية النمو الاقتصادي الرأسي القائم على استخدام تقنيات الشرائح أو "الدوائر المتكاملة" في الاقتصاد الرقمي ومنتجات الذكاء الاصطناعي.

المساهمون