استمع إلى الملخص
- يعتمد السوق المغربي بشكل كبير على الألبسة المستوردة، خاصة من الصين، مع رغبة المنتجين المحليين في زيادة حصتهم من 25% إلى 40% وتقليل الاعتماد على المستورد.
- تراجعت القدرة الشرائية للأسر المغربية، مما أدى إلى تركيز الإنفاق على السلع الأساسية، بينما تشهد سوق الملابس المستعملة رواجاً كبيراً في ظل ارتفاع درجات الحرارة والغلاء.
يراقب تجار الملابس في المغرب حالة الطقس، حيث يعولون على انخفاض درجات الحرارة لتصريف المنتجات التي أعدوها لهذا الموسم. وعلى غير العادة في مثل هذه الفترة من العام، ما زال أغلب التجار في سوق القريعة للجملة، في الدار البيضاء، لم يغيروا الملابس التي يعرضونها في واجهات محالهم، حيث استمروا في عرض الألبسة الخفيفة التي تذكر بفصل الصيف، إذ لم تنخفض درجات الحرارة إلى المستويات المعتادة في هذه الفترة من العام في العديد من المناطق بالدولة، ما دفع تجار الجملة في السوق الشهير الذي يقصده أغلب تجار التجزئة من مدن مغربية إلى الانشغال أكثر بحالة الطقس متمنين انخفاض درجات الحرارة وهطول الأمطار.
وتُتاح نسبة مهمة من الألبسة في المغرب عبر الاستيراد، بشكل خاص من الصين، أو من خلال الإنتاج المحلي الذي يعرض في الأسواق المحلية، حيث ينشط العديد من أصحاب الورش الصغيرة الذين يوفرون في غالب الأحيان منتجات مقلدة لماركات عالمية بأسعار منخفضة.
وكان المنتجون المحليون قدروا قيمة الطلب الداخلي على المنسوجات والألبسة بشكل عام بحوالي 4 مليارات دولار، حيث عبروا في العديد المناسبات عن الرغبة في مضاعفة قيمة ذلك الطلب في حال توفير إنتاج محلي وتقليص حضور المستورد الذي يمثل نسبة 75%، مؤكدين ضيقهم من القطاع غير الرسمي الذي ينشط عبر الاستيراد والإنتاج والملابس المستعملة.
يشار إلى أن المغرب عمد، بهدف التحكم في الاستيراد وفي ظل شكوى المنتجين المحليين من المنافسة التي تشكلها منتجات النسيج والألبسة التركية، إلى فرض رسوم جمركية اعتباراً من 2018، حيث انتقلت من صفر إلى 27% في 2019، بينما تصل إلى 36% بالنسبة لمنتجات الدول التي لا يرتبط معها المغرب باتفاق للتبادل الحر، غير أن ذلك لم يؤثر كثيراً على الطلب على المنتجات التركية.
وينفق حوالي نصف المغاربة، حسب دراسة أنجزت قبل ثلاثة أعوام، ما يناهز 110 دولارات على الملابس في العام الواحد، بينما يرصد لها ربعهم أكثر من 320 دولاراً، ما دفع منتجين محليين إلى التعبير عن الرغبة في نقل حصتهم ضمن الطلب الذي يعبر عنه المغاربة من 25% إلى 40%.
غير أن توفيق فرتوح، المسؤول عن متجر للملابس في الدار البيضاء، يلاحظ أنّ تراجع القدرة الشرائية للأسر دفع العديد منها إلى التركيز على الإنفاق على السلع الأساسية، خاصة الغذاء، حيث لم تعد المنتجات الثانوية مثل الألبسة تشكل هدفاً يحظى بالأولوية ضمن مشتريات العديد من الأسر. ويشير فرتوح، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن سوق الألبسة انتعشت في العام الحالي في الصيف والأعياد الدينية التي تحرص خلالها الأسر على توفير ألبسة جديدة للأطفال، مؤكداً أنه خارج تلك المناسبات، تراجعت وتيرة الطلب بشكل ملحوظ في الأسواق.
ويلفت تاجر الملابس سعيد العبدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أنه إذا كان ارتفاع درجات الحرارة والغلاء قد دفعا أسراً إلى التريث قبل الإقبال على سوق الملابس الشتوية الجديدة، فإن سوق الملابس المستعملة في العديد من المناطق تشهد رواجاً كبيراً.
ويضرب مثلاً بسوق القريعة، حيث يشهد الجزء الذي تعرض فيه الملابس الشتوية المستعملة إقبالاً كبيراً من قبل أسر فقيرة ومتوسطة، اعتادت على البحث عن ملابس مستعملة تعود لماركات عالمية بأسعار منخفضة. ويراهن المنتجون في القطاع الرسمي على صادرات قطاع النسيج والألبسة في العام الماضي الذي حقق أكثر من 4.6 مليارات دولار، ما يعادل زيادة بنسبة 5% من حجم الصادرات الوطنية مقارنة بسنة 2022، وزيادة بنسبة 25% مقارنة بسنة 2019.