استمع إلى الملخص
- يهدف اللقاء لتعزيز الثقة بين السلطات ورجال الأعمال، حيث ينتظر المتعاملون الاقتصاديون المبادئ التوجيهية الجديدة من الرئيس تبون لمواجهة الاضطرابات العالمية وتحقيق نتائج إيجابية في الوظائف والاستثمارات.
- ترتكز الاستراتيجية على جذب الاستثمارات الأجنبية وتقليص فاتورة الاستيراد، مع التركيز على المشاريع ذات القيمة المضافة وتعزيز الإنتاج المحلي لتعويض الواردات وزيادة الصادرات.
تسعى الحكومة الجزائرية إلى تسجيل محطة لإعادة ترتيب أوراق الاستراتيجية الاقتصادية للبلاد، على ضوء جملة من التطوّرات والمستجدات، عبر لقاء يجتمع فيه الرئيس عبد المجيد تبون، اليوم الأحد، بمنظمات أرباب العمل، والفاعلين في مختلف القطاعات الاقتصادية من شركات خاصة ومؤسسات عمومية.
وتهدف هذه الخطوة إلى تكيّيف مسار الاقتصاد الجزائري مع مجموعة الأحداث والمستجدات الداخلية والخارجية، والعمل على اتخاذها وقفة لتقييم الإنجازات السابقة وتقويم مواطن الاختلال فيها، كونها تفتح المجال للمتعاملين الاقتصاديين المشاركين في التظاهرة وممثلين لمختلف القطاعات من مناطق الوطن بإبداء المقترحات وطرح الإشكالات العملية التي يواجهونها في الميدان، لتتوج تبعاً لذلك بالقرارات والتوصيات النهائية.
ويتزامن لقاء تبون بالمتعاملين الاقتصاديين الذي اتخذ شعاراً له "سنة النجاح الاقتصادي" هذه المرة مع تطوّرات تعرفها العلاقات الاقتصادية في العالم تعيد رسم خريطة التوازنات بين الشرق والغرب، آخرها الرسوم الجمركية المفروضة من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بالإضافة إلى تأثير التوترات السياسية مع شركاء الجزائر في فرنسا وبلدان جوارها في منطقة الساحل على التوجهات الاقتصادية.
وضمن هذا الإطار، اعتبر رئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري كمال مولى لقاء الفاعلين الاقتصاديين مع تبون خطوة هامة، تساهم في في تعزيز الثقة بين السلطات العليا للبلاد ورجال الأعمال، وذكر أنه "الدليل على أن الرئيس يعتبر الجهات الفاعلة الاقتصادية بمثابة القوى الدافعة للانتعاش الاقتصادي". وأضاف مولى، في منشور على صفحته على "فيسبوك"، أنّ المتعاملين الاقتصاديين ينتظرون المبادئ التوجيهية الاقتصادية الجديدة التي سيقدمها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بمناسبة هذا اللقاء، وأشار إلى أنّه اللقاء الثاني من نوعه الذي يشرف على تنظيمه مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري بعد اللقاء الأول في سنة 2023.
وأكد المتحدث أنّ النهج الاستباقي والحازم للتنمية الاقتصادية "هو استجابة مناسبة لسياقنا الوطني في ما يتعلق بالاضطرابات العالمية"، في إشارة إلى الأوضاع التي تحيط الظروف الاقتصادية وتأثرها بالتجاذبات العالمية والصراعات الجيوسياسية، وتوقع أنّ تكون النتائج الأولى لهذا النهج المتبع "إيجابية"من حيث الوظائف والاستثمارات الجديدة.
وتقوم الاستراتيجية الاقتصادية الجزائرية، المراد تجسيدها عبر هذا اللقاء حسب ما كشفت عنه مصادر مطلعة، على عمودين أساسيين هما جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لإنجاز المشاريع في إطار الشراكة مع المؤسسات المحلية أو دون ذلك، من خلال عرض التحفيزات المقدمة لهؤلاء ضمن الأطر التنظيمية الموضوعة، ولا سيما قانون الاستثمار في حلته الجديدة، التي سحبت العديد من التعقيدات الإدارية وعدلت مجموعة المبادئ التي شكلت مادة دسمة لانتقادات المستثمرين أبرزها قاعدة 51/49% (إلغاء هذه القاعدة التي لم تكن تسمح للأجانب من التحكم سوى في 49% من المشروع حفاظاً على السيادة الوطنية، حصرها في القطاعات الاستراتيجية).
وعلى هذا الأساس، كشفت مصادر "العربي الجديد" أنّ اللقاء الحالي يعد ترويجاً ميدانياً لهذا التوجه ورسالة إلى المستثمرين الأجانب، لكن ضمن رؤية جدية تؤكد من خلالها الحكومة الجزائرية تحملهم جزءاً من مخاطر الاستثمار وفقاً لمبدأ "رابح ـ رابح"، أي تحقيق المكاسب لجميع الأطراف، حيث تبحث الجزائر عن تقديم الأولوية للمشاريع ذات القيمة المضافة، الناقلة للتكنولوجيا والمساهمة في توفير مناصب الشغل.
أما الأساس الثاني من منظومة الاقتصاد الجزائري، فيتمثل في تقليص فاتورة الاستيراد للبلاد من خلال منح الأولوية للمنتوج المحلي لتعويض الواردات، من خلال ترجمة "إصلاحات" الهدف منها زيادة الإنتاج الزراعي في الفروع الفلاحية الاستراتيجية خاصة، كالحبوب والخضر والفواكه، ورفع القدرات الوطنية من المنتجات الأخرى، التي بدأت تعرف طريقاً لها نحو الأسواق الخارجية مثل الإسمنت والأسمدة والحديد فضلاً عن التمور.