Skip to main content
تبرئة الفساد
مصطفى عبد السلام

كنت أتوقع حصول حبيب العادلي، آخر وزير داخلية في عهد حسني مبارك، على حكم بالبراءة في كل القضايا المتهم فيها، والمتعلقة أصلاً بالفساد المالي وغسل الأموال.

فالعادلي رمز مهم من رموز نظام مبارك، وقد حصل كل هؤلاء الرموز على البراءة رغم إدانات النيابة والجهات الرقابية الواضحة لهم، خذ مثلاً مبارك ونجليه جمال وعلاء، وصديقه حسين سالم، ورئيس وزرائه أحمد نظيف، وأمين تنظيم الحزب الوطني المنحل أحمد عز، كل هؤلاء تمت تبرئتهم رغم ارتكابهم قضايا أقلها الاستيلاء على المال العام واستغلال النفوذ،

وخرج من السجون كذلك زكريا عزمي، وصفوت الشريف وغيرهما من رموز النظام السابق، وبالتالي كان من الطبيعي أن تتم تبرئة العادلي، لأن تبرئة نظام بكامله قد تمّت، وليس من المعقول أن تتم إدانة أحد أبرز رموز النظام والرجل القوي في نظام مبارك بعد صفوت الشريف وعمر سليمان، وهو العادلي، صاحب القبضة الأمنية الحديدية.

السبب الثاني لتوقعاتي بحصول العادلي على البراءة، استندت إلى أن إدانة الرجل في قضايا الفساد المالي المتهم فيها، تعنى اتهام رجال الأعمال المساندين للنظام الحالي والماضي بالتهم نفسها، لأن القضايا المتهم فيها العادلي تورط فيها هؤلاء أيضا، فالعادلي حصل لأبنائه على قطع إسكان مميزة في مدينة الشيخ زايد، وبالأمر المباشر، مستغلا علاقته بوزير الإسكان الأسبق، وتحقيقه لكسب غير مشروع مقداره 24 مليون جنيه، ورجال أعمال مبارك حصلوا على مئات الآلاف من الأفدنة على طريق الإسكندرية الصحراوي وفي الحزام الأخضر، في 6 أكتوبر والغردقة وشرق خليج السويس وتوشكي، وبالأمر المباشر أيضا.

والعادلي تم اتهامه بالكسب غير المشروع بقيمة 212 مليون جنيه، وتكوين ثروة طائلة على نحو لا يتناسب مع مصادر دخله، ورجال أعمال مبارك حققوا المليارات أيضا بسبب استغلال النفوذ وعلاقتهم بالوزراء وكبار المسئولين وأصحاب النفوذ.

محاكمة العادلي في قضية فساد مالي معناها محاكمة رجال أعمال استولوا على أراضي الدولة بالمجان واشتروا علي شركات قطاع الأعمال العام بطرق ملتوية، ومعناها أيضاً محاكمة نجلي مبارك على ألف فدان حصلوا عليها بالأمر المباشر لمصلحة مشروع "سوديك" الذي يدر عليهم مليارات الجنيهات، هناك قضايا أهم كان من المفروض أن تتم محاكمة مبارك والعادلي عليها، منها القتل والتعذيب وانتهاك حقوق الإنسان.


اقرأ أيضاً:
تبرئة رئيس وزراء مبارك ووزير داخليته بقضية "اللوحات المعدنية"