تباطؤ نمو "شي إن" في أميركا بعد ضربة الرسوم الجمركية

10 أكتوبر 2025   |  آخر تحديث: 11:03 (توقيت القدس)
متجر "شي إن" داخل مول شهير في ولاية كاليفورنيا، 19 أكتوبر 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تراجعت مبيعات "شي إن" في الولايات المتحدة بنسبة 8% بعد إلغاء الإعفاء الجمركي "دي مينيمس"، مما زاد تكاليف الشحن وأثر على قدرتها التنافسية.
- بدأت "شي إن" في تنويع سلاسل الإمداد لتقليل الاعتماد على الصين، في محاولة للتكيف مع التحديات التنظيمية الجديدة وتأخير خطط الطرح العام.
- تعكس تجربة "شي إن" تأثير السياسات الجمركية على التجارة الإلكترونية، حيث تواجه الشركات تحديات في التكيف مع السياسات الاقتصادية العالمية المتغيرة.

تراجعت مبيعات شركة "شي إن" في الولايات المتحدة بعد أن أنهت إدارة ترامب الإعفاء الجمركي للشحنات الصغيرة، وهو ما كان قد ساهم في نمو الشركة السريع في السابق. وأنهى البيت الأبيض في أواخر أغسطس/آب الإعفاءات الجمركية على جميع الطرود المستوردة الصغيرة، ضمن السياسة المعروفة باسم "دي مينيمس"، التي انتهت رسميًا في 29 أغسطس/آب الماضي.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، تراجعت مبيعات "شي إن" بنسبة تقارب 8% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقًا لبيانات نشرتها اليوم الجمعة Bloomberg Second Measure التي تتعقب معاملات مجموعة مجهولة من المتسوقين الأميركيين، ما مثّل ثاني أسوأ أداء شهري للشركة خلال السنوات الثلاث الماضية. وقالت إدارة ترامب إن أحد أسباب إنهاء هذه السياسة – التي كانت تسمح بدخول الشحنات التي لا تتجاوز قيمتها 800 دولار إلى الولايات المتحدة دون رسوم جمركية – هو تحقيق المساواة في المنافسة مع الشركات الأميركية. 

وقد نمت "شي إن"، التي تأسست في البرّ الصيني الرئيسي وتتخذ الآن من سنغافورة مقرًا لها، بسرعة خلال السنوات الأخيرة، مستفيدة من قدرتها على خفض الأسعار مقارنة بالمنافسين بفضل إنتاجها في آسيا. ووفقًا لتقرير "بلومبيرغ" في يوليو/تموز، فقد بلغت مبيعاتها الفصلية ما يقارب 10 مليارات دولار في الربع الأول من العام.

وقالت بونام غويال، كبيرة المحللين في Bloomberg Intelligence المتخصصة في تجارة التجزئة الإلكترونية، إن إنهاء سياسة "دي مينيمس" سيساعد منافسي "شي إن" في قطاع الأزياء السريعة، مثل H&M وZara. وأضافت: "لقد أصبحت المنافسة عادلة الآن، وهذا يعني أن أسعار شي إن لم تعد بنفس القدرة التنافسية السابقة". ولم ترد الشركة على طلب التعليق على الخبر.

وكانت الخطوة الأولى للبيت الأبيض بشأن "دي مينيمس" قد بدأت في أوائل مايو/أيار عندما أزال الإعفاء على الشحنات القادمة من الصين. ورفعت "شي إن" أسعارها – بعضها بشكل كبير – قبل هذا التغيير، وفقًا لتقرير "بلومبيرغ" حينها. وقد تضرر نشاط الشركة في الولايات المتحدة بالفعل في تلك الفترة، حيث تراجعت مبيعاتها الشهرية بنحو 11%، بحسب بيانات Second Measure. ومنذ ذلك الحين، أبطأت "شي إن" خططها لطرح أسهمها للاكتتاب العام، كما بدأت في تنويع سلسلة الإمداد لتقليل اعتمادها على الصين.

وصرحت ناتاشا كوليتزا، طالبة في السنة الثانية بجامعة روتغرز ومستمرة في التسوق من "شي إن"، إنها بدأت تبحث عن بدائل مثل أمازون وتارغت بعد أن لاحظت ارتفاع الأسعار وتأخر مواعيد التسليم. وأضافت: "بصفتي طالبة جامعية، أحاول التوفير في كل شيء، لذلك عندما أحتاج إلى شراء ملابس جديدة، أفضل الاتجاه نحو الخيار الأرخص".

تعود جذور الأزمة الأخيرة التي تواجهها شركة "شي إن" إلى التحولات في السياسة التجارية الأميركية، وتحديدًا إلى إنهاء الإعفاء الجمركي المعروف باسم "دي مينيمس"، الذي كان يسمح بدخول الطرود التي تقل قيمتها عن 800 دولار إلى الولايات المتحدة دون رسوم جمركية. هذا الإعفاء ساهم لسنوات في ازدهار التجارة الإلكترونية العابرة للحدود، إذ استفادت منه شركات آسيوية، خصوصًا الصينية، مثل "شي إن" و"تيمو"، لتغزو السوق الأميركية بأسعار منخفضة بفضل تجنب الضرائب وتكاليف الاستيراد. وقد رأت إدارة ترامب أن هذا النظام يضر بالمنافسة العادلة مع الشركات الأميركية المحلية، فألغته ضمن توجهها لحماية الصناعات الوطنية وتقليص الاعتماد على السلع الصينية.

أدى القرار إلى ارتفاع تكاليف شحن منتجات "شي إن" واستيرادها، ما انعكس مباشرة على أسعار البيع وقدرة الشركة التنافسية في سوق الأزياء السريعة. كما تراجعت مبيعاتها في الولايات المتحدة وتباطأت خططها للطرح العام، في ظل محاولاتها تنويع سلاسل الإمداد وتقليل اعتمادها على الصين عبر التوسع في بلدان أخرى. ومن الناحية الأوسع، يعكس هذا التحول نزعة أميركية نحو حماية الاقتصاد المحلي وإعادة توازن التجارة العالمية، فيما يشكّل اختبارًا حقيقيًا لقدرة الشركات العابرة للحدود على التكيف مع بيئة تنظيمية أكثر تشددًا وسلاسل توريد أكثر تعقيدًا.

في المحصلة، تكشف تجربة "شي إن" في الولايات المتحدة كيف يمكن لتغيّر بسيط في السياسات الجمركية أن يقلب موازين قطاعٍ ضخم مثل التجارة الإلكترونية العالمية. فقد شكّل إنهاء الإعفاءات الجمركية خطوة مفصلية أعادت رسم خريطة المنافسة بين الشركات الأميركية والعابرة للحدود، وأجبرت الأخيرة على إعادة النظر في استراتيجياتها اللوجستية والتسويقية.

وبينما تسعى واشنطن إلى حماية صناعاتها المحلية وتقليل الاعتماد على الصين، تجد "شي إن" نفسها أمام تحدي التكيّف مع واقع اقتصادي جديد يفرض عليها البحث عن بدائل إنتاجية وسلاسل توريد أكثر مرونة. وهكذا، يصبح مستقبل الشركة — ومعها مستقبل التجارة الإلكترونية العابرة للقارات — مرهونًا بمدى قدرتها على الابتكار والاستجابة السريعة للتحولات في السياسات الاقتصادية العالمية.

المساهمون