استمع إلى الملخص
- أكدت وزارة الطاقة والنفط استقرار إمدادات المشتقات البترولية رغم الأضرار الكبيرة، لكن شهدت محطات الوقود ازدحامًا وانقطعت الكهرباء، مما يهدد بانهيار شبكة الإمدادات الإنسانية والتجارية وارتفاع الأسعار.
- يُعتبر ميناء بورتسودان ذا أهمية اقتصادية قصوى، واستهدافه يهدد الأمن الغذائي والدوائي للسودان ودول أفريقية أخرى، ودعا الخبراء إلى تأمين المدينة بأنظمة مضادة للمسيّرات.
ارتبكت الأسواق وقطاعات تجارية وإنتاجية وخدمية في بورتسودان المقر المؤقت للحكومة السودانية، بعد الضربات المتتالية التي شنتها مسيّرات مليشيات الدعم السريع على المدينة التي تصنف على أنها العاصمة البديلة للسودان" بولاية البحر الأحمر (شرق) وأصابت أهم مرافقها الحيوية ومنها المطار ومخازن الوقود بالميناء. ويُعتبر المطار البوابة الرئيسة الوحيدة للطيران بعد خروج مطار الخرطوم الدولي عن الخدمة منذ بداية الحرب في إبريل/ نيسان من العام 2023. وتُعد ولاية البحر الأحمر المنفذ البحري الوحيد بساحل طوله 780 كلم ومن ثم يرتبط نشاطها بحركة الصادرات والواردات وحركة النقل جوا وبحرا.
وطمأنت وزارة الطاقة والنفط في بيان المواطنين على استقرار إمداد المشتقات البترولية ووفرتها في جميع محطات الخدمة البترولية. وقال وزير الطاقة والنفط محيي الدين نعيم لـ"العربي الجديد": "حتى الآن لم يتم حصر الخسائر، لكنها تصل إلى مئات الملايين من الدولارات".
واعتبر الوزير في حديثه أن الحريق لا يزال مشتعلا في الخزان الرئيسي وامتد إلى الخزانات المجاورة، ما يجعل التكلفة كبيرة جدا، وقال الوزير إن استهداف المنشآت الخدمية والمدنية بالسودان يلامس حياة المواطن مباشرة، مشيراً إلى أن الهدف هو تعطيل الحياة بالبلاد ويعكس إصرار هذه المليشيات على مواصلة استهداف الشعب وإرهاقه.
ويقول مختصون إن المطار ظل يستقبل على مدار العامين الإغاثة الطارئة للنازحين ويستقبل حركة المسافرين، مؤكدين أن توقفه سيؤثر على العائدات الاقتصادية التي تأتي من خدمات المطار إضافة إلى تأثر المسافرين السودانيين. وعلقت شركات طيران رحلاتها من مطار بورتسودان وإليه، كما علقت الأمم المتحدة جميع رحلاتها إلى السودان بشكل مؤقت.
ازدحام محطات الوقود
ووفق مشاهدات "العربي الجديد"، فإن محطات التزود بالوقود داخل مدينة بورتسودان بدأت تشهد ازدحاما غير مسبوق بعد توجيه الضربات، كما انقطعت الكهرباء بصورة تامة عن المدينة بعد استهداف محطة بورتسودان التحويلة بمسيّرة انتحارية.
وقالت شركة كهرباء السودان إن طائرات مسيّرة استهدفت صباح أمس محطة بورتسودان التحويلية، ما أدى إلى انقطاع تام للتيار الكهربائي. وأضافت الشركة في بيان صحافي، أن "الاستهداف الممنهج لمحطات الكهرباء بصورة متكررة ينعكس سلبيًا على خدمات المواطنين في المياه والصحة".
ويقول أحد العاملين في الميناء الجنوبي لـ"العربي الجديد"، إن بعض السفن القادمة إلى الميناء توقفت في المياه الدولية لتقييم الأوضاع رافضة الدخول إلى الميناء. ويضيف: "بالطبع ستؤثر الأحداث الأخيرة على عمليات الصادر والوارد.
التطورات الأخيرة تهدد بانهيار شبكة الإمدادات الإنسانية والتجارية بالكامل في السودان بزيادة تعقيدات الوضع المعيشي اليومي للمواطنين بارتفاع أسعار السلع والوقود".
ورغم الهدوء الذي يسود المدينة، إلا أن عددا من الأسر بدأ بالنزوح من مدينة بورتسودان إلى مدن أخرى (سواكن وجبيت وسنكات وطوكر وعقيق)، حسب إفادات سكان الولاية.
ويسع المستودع الرئيس في بورتسودان تخزين 210 آلاف متر مكعب من الغاز، و80 ألف متر مكعب من الغازولين، و20 ألف متر مكعب من وقود الطائرات، و50 ألف متر مكعب من البنزين.
ويرى الخبير الاقتصادي محمد الناير أن ميناء بورتسودان يمثل أهمية اقتصادية قصوى للسودان وباستهدافه تتقطع أوصال الحركة التجارية لأنه ظل يرفد خزينة الدولة بملايين الدولارات من النقد الأجنبي نظرا لاعتماد السودان على الصادرات والواردات في تغطية أكثر من 60% من احتياجاته الرئيسية، كما يعتمد عدد من بلدان المنطقة على الميناء ولذلك سوف تتأثر بعض الدول الأفريقية في استيراد سلعها في حال توقفت حركة الملاحة في الميناء.
ضمان الإمدادات
وقال الخبير الاقتصادي الفاتح عثمان لـ"العربي الجديد"، إن مهمة وزير النفط هي أن يضمن إمدادات المواد البترولية للاقتصاد السوداني ويبدو أنه اتخذ خطوات تكفل له ضمان تواصل الإمدادات حتى بعد تضرر المستودع الرئيسي للمخزون النفطي.
وأضاف: "لكن ما لم يقله الوزير هو أن قصف المسيّرات إن تواصل وشمل أجزاء أخرى حيوية من بورتسودان قد يؤدي إلى رفض السفن دخول ميناء بورتسودان، وبالتالي ستحدث ندرة في الوقود وعليه فإن المطلوب هو تأمين مدينة بورتسودان بأنظمة حديثة مضادة للمسيّرات بشكل سريع".
وقال الخبير الاستراتيجي محمد عبد الله ياسين لـ"العربي الجديد" إن ميناء بورتسودان يعد البوابة الكبرى للسودان واستهدافه يهدد الأمن الغذائي والدوائي للمدنيين. وأضاف أن ميناء بورتسودان خاضع منذ سنوات لتنافس كبير بين القوى الإقليمية والدولية باعتبار أنه يقع وسط دول العالم على البحر الأحمر، موضحا أنه تمر عبره نسبة كبيرة من التجارة العالمية والنفط. وتابع: "لا يستبعد أن يكون استهداف الميناء بسبب المنافسة، وذلك للاستيلاء على حركة النقل البحري في المنطقة".