استمع إلى الملخص
- التحديات المصرفية: يواجه القطاع المصرفي تحديات مثل تدمير الفروع وأجهزة الصراف، مما يعيق السحب النقدي، بينما تسعى البنوك لاستئناف خدمات الشركات وتقديم التسهيلات الائتمانية.
- نمو الودائع: رغم التحديات، ارتفعت ودائع البنوك من 1.74 مليار دولار إلى 3.2 مليارات دولار، مع ضمان حماية الودائع حتى 20 ألف دولار لكل حساب.
تستأنف البنوك الفلسطينية العاملة بقطاع غزة نشاطها خلال وقت لاحق من الأسبوعين الجاري والمقبل تباعاً، بعد دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ اعتباراً من صباح الأحد الماضي. والأحد، أصدرت سلطة النقد الفلسطينية بياناً دعت فيه البنوك التي تنشط في قطاع غزة لاتخاذ الإجراءات لاستئناف تقديم الخدمات المصرفية، بما يشمل إعادة تشغيل عدد من فروع البنوك والصرافات الآلية التي لم تتعرض للتدمير.
وعقدت سلطة النقد، الأحد، اجتماعاً مع مدراء البنوك العاملة في فلسطين التي تملك فروعاً في قطاع غزة، لتجهيز ما تبقى من فروعها لاستقبال العملاء وتقديم الخدمات الأساسية، وتشجيع استخدام خدمات الدفع الإلكتروني. ويعاني القطاع المصرفي في قطاع غزة من شحّ بالسيولة النقدية تصل لمرحلة الغياب شبه الكامل، إلى جانب ارتفاع حجم الكتلة النقدية التالفة، ما دفع المواطنين للجوء لأدوات الدفع الإلكترونية الصادرة عن سلطة النقد.
ومنذ شهور، لم تكن أغلب البنوك في قطاع غزة قادرة على تلبية طلبات عملائها بسحب جزء من ودائعهم (نقداً)، إلا بأرقام متدنية بسبب عدم توفر النقد وتلف جزء كبير من الأوراق النقدية. والاثنين، أصدرت سلطة النقد تعليمات لعملاء البنوك المقترضين في القطاع بهدف إعادة جدولة القروض المستحقة طيلة 15 شهراً من الحرب، قائلة إنها ستقدم تسهيلات وخفضاً بالفوائد بما يحقق مصالح الطرفين (المقرض والمقترض).
يأتي ذلك، بينما يواجه اقتصاد القطاع معركة إعادة البناء خلال الفترة المقبلة، وسط توقعات بأن تحتاج غزة لأكثر من عقدين للوصول إلى أرقام الناتج المحلي المسجلة حتى عشية الحرب على القطاع. ودخل، الأحد، اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وفصائل فلسطينية في غزة حيز التنفيذ، والذي يشمل في مرحلته الأولى دخول 600 شاحنة من المساعدات الإنسانية للقطاع بشكل يومي، وفتح معبر رفح بعد سبعة أيام من تطبيق الاتفاق. ويتكون اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى من ثلاث مراحل مدة كل منها 42 يوماً.
القطاع المصرفي بالأرقام
يقول نائب محافظ سلطة النقد الفلسطينية محمد مناصرة إنّ عشرة بنوك تعمل بقطاع غزة من إجمالي 13 مصرفاً محلياً وافداً تعمل في السوق الفلسطينية. ويضيف مناصرة في لقاء مع وكالة الأناضول، أنه ومن بين 56 فرعاً للبنوك العشرة، فإنّ (8 - 11) فرعاً فقط قد تكون صالحة لاستقبال عملاء البنوك خلال الأسبوعين المقبلين، بسبب تعرض بقية الفروع إلى دمار كلي أو شبه كلي.
وقدمت سلطة النقد قائمة أجهزة للجهات الرسمية الفلسطينية لإدخالها إلى القطاع، تضم أجهزة صراف آلي وبعض المعدات التي تحتاجها الفروع لاستئناف الحد الأدنى من عملها، في ظل الأوضاع الأمنية الحالية، وفق مناصرة. وزاد: "من أبرز الخدمات التي نتجه لتقديمها إلى أهلنا في غزة، فتح الحسابات واستئناف الخدمات المصرفية للشركات، وإصدار البطاقات البنكية وتفعيل الحسابات البنكية المجمدة".
وبسبب عدم استقرار الأوضاع الأمنية في القطاع، "فإن خدمات الإقراض المصرفي للأفراد ستكون في أضيق الحدود لحين التأكد من استقرار الأوضاع"، وفق نائب محافظ سلطة النقد الفلسطينية. إلا أنّ البنوك، وفق مناصرة، ستستأنف تقديم خدماتها إلى قطاع الشركات، وخاصة خدمات التسهيلات الائتمانية والتمويلات، بناء على إيفاء هذه الشركات بالمتطلبات المصرفية (الملف الائتماني للشركة).
وحتى قبل الحرب على غزة، كان عدد أجهزة الصراف الآلية يبلغ 97 جهازاً، إلا أن عدد الأجهزة الفعالة اليوم لا تزيد عن 3 أجهزة، بسبب تعرض فروع البنوك وأجهزة الصراف إلى الدمار بفعل القصف.
الودائع المصرفية في غزة
وتظهر بيانات لسلطة النقد أن إجمالي ودائع القطاع المصرفي في غزة نمت بأكثر من 83% خلال الفترة بين سبتمبر/ أيلول 2023، ونوفمبر/ تشرين الثاني 2024. وبنهاية سبتمبر/ أيلول، بلغت ودائع العملات في غزة 1.74 مليار دولار، لكنها بدأت تسجل قفزات متتالية مع اشتداد الحرب على القطاع واتساع رقعتها لتطاول مختلف المحافظات، وتستقر بنهاية نوفمبر/ تشرين الثاني عند 3.2 مليارات دولار.
ورقم ودائع العملاء بنهاية نوفمبر الماضي، يعتبر الأعلى بتاريخ القطاع المصرفي في قطاع غزة، بالعودة إلى البيانات التاريخية التي تعود إلى عام 2000. ويعود السبب في ذلك إلى أن عمليات النزوح تصعب على الأفراد الاحتفاظ بأموالهم، لتكون البنوك بمثابة الحافظ الأمين للأموال. ورغم تصريحات مناصرة، التي أكد فيها عدم توفر سيولة نقدية في فروع غزة بسبب تلفها أو سحبها من قبل العملاء وسرقة بعضها، إلا أن ودائع القطاع المصرفي كافة في غزة والضفة الغربية مؤمنة.
وتعمل في السوق المؤسسة الفلسطينية لضمان الودائع، وعنها يقول مناصرة: "المؤسسة تضمن فورياً الودائع بقيمة 20 ألف دولار لكل صاحب حساب، وتضمن بقيمة المبلغ كاملا إذا فاق 20 ألفا لكن على فترات تعويض أطول".
وزاد: "نقصد بالضمان الفوري أن أي ودائع في القطاع المصرفي تتعرض لأي نوع من المخاطر، فإن المؤسسة الفلسطينية لضمان الودائع تسدد المبلغ من طرفها في غضون عدة أيام حدا أقصى"، وأكد قائلاً: "نؤمن ودائع العملاء بطريقتين؛ الأولى من خلال المؤسسة الفلسطينية لضمان الودائع، والثانية أن سلطة النقد تضمن هذه الأموال طالما هي مودعة في مؤسسة خاضعة تحت إشرافها".
وبدعم أميركي ارتكبت إسرائيل بين السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير/ كانون الثاني الجاري إبادة جماعية بقطاع غزة، خلّفت أكثر من 157 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
(الأناضول، العربي الجديد)