بنك التسويات الدولية يحذر الحكومات من ارتفاع الدين العام

27 مايو 2025
الديون العالمية زادت 7.5 تريليونات دولار في 3 أشهر (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أكد أغوستين كارستنز على ضرورة كبح الدين العام عالميًا، مشيرًا إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة يجعل بعض المسارات المالية غير مستدامة، مما يتطلب إجراءات لضبط الأوضاع المالية.
- أظهرت تقارير معهد التمويل الدولي ارتفاع الديون العالمية إلى 324 تريليون دولار، مع مساهمات كبيرة من الصين وفرنسا وألمانيا، بينما انخفضت في كندا والإمارات وتركيا.
- فقدت اليابان مركزها كأكبر دولة مقرضة لصالح ألمانيا، التي تمتلك أصولًا خارجية بقيمة 569.7 تريليون ين، مستفيدة من الفائض في الحساب الجاري.

قال أغوستين كارستنز المدير العام لبنك التسويات الدولية اليوم الثلاثاء إنه يجب على الحكومات في جميع أنحاء العالم كبح جماح الارتفاع "المستمر" في الدين العام فيما يجعل ارتفاع أسعار الفائدة المسارات المالية لبعض البلدان غير مستدامة. وأضاف وفقاً لوكالة رويترز، أن حالات العجز الكبير في الميزانيات والديون المرتفعة بدت مستدامة عندما أبقيت أسعار الفائدة منخفضة بعد الأزمة المالية العالمية، ما سمح للسلطات المالية بتجنب اتخاذ خيارات صعبة مثل خفض الإنفاق أو زيادة الضرائب.

وأشار كارستنز في خطاب ألقاه في مؤتمر استضافه بنك اليابان في طوكيو إلى أن "أيام أسعار الفائدة المنخفضة للغاية قد ولت. أمام السلطات المالية نافذة ضيقة لترتيب أوضاعها قبل أن تبدأ ثقة الجمهور  بالتزاماتها بالتلاشي". ولفت إلى أن "الأسواق بدأت تستيقظ بالفعل على حقيقة أن بعض المسارات ليست مستدامة"، محذراً من أن الأسواق المالية قد تعاني فجأة من عدم الاستقرار في مواجهة الاختلالات الكبيرة. وأردف قائلاً: "لهذا السبب يجب أن يبدأ ضبط أوضاع المالية العامة في العديد من الاقتصادات الآن". 

وجاءت هذه التحذيرات في أعقاب الارتفاعات الأخيرة المطردة في عوائد السندات في الولايات المتحدة واليابان وأوروبا، مدفوعة بأسباب منها توقعات السوق بأن حكومات هذه الدول ستزيد من الإنفاق الممول من خلال زيادة الديون. وقال كارستنز إن التخلف عن سداد الدين العام يمكن أن يزعزع استقرار النظام المالي العالمي ويهدد الاستقرار النقدي حيث قد تضطر البنوك المركزية إلى تمويل الدين الحكومي، ما يؤدي إلى التركيز على ضبط المالية العامة أكثر من السياسة النقدية. 

وشدد على أن "النتيجة ستكون ارتفاع التضخم وانخفاضاً حاداً في أسعار الصرف. وفي ضوء هذه الاعتبارات، من الضروري أن تعمل السلطات المالية على كبح جماح الارتفاع المستمر في الدين العام". ويهدف بنك التسويات الدولية إلى تعزيز التعاون النقدي والمالي الدولي بين البنوك المركزية وأن يكون بنكاً للبنوك المركزية. وقال كارستنز إن العديد من البلدان ستواجه ضغوطاً لزيادة الإنفاق العام بسبب شيخوخة السكان وتغير المناخ وارتفاع الإنفاق الدفاعي. وتابع يقول: "يجب أن توفر السلطات المالية مساراً شفافاً وموثوقاً لحماية الملاءة المالية، مدعوماً بأطر مالية أقوى. ويجب عليها بعد ذلك أن تفي بالتزاماتها".

وبالنسبة إلى السياسة النقدية، قال كارستنز إنه ينبغي عدم توقع أن تعمل البنوك المركزية على استقرار التضخم "في آفاق قصيرة جداً وضمن نطاقات ضيقة". وأضاف: "هذا مهم للغاية لأن التضخم، مثلما أظهرت الأحداث الأخيرة، سيعتمد على عوامل بعضها يخضع لسيطرة البنوك المركزية". 

قفزة هائلة في الدين العام

وكان تقرير لمعهد التمويل الدولي قد أظهر الشهر الجاري أن الديون العالمية زادت بنحو 7.5 تريليونات دولار في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، لتصل إلى مستوى مرتفع غير مسبوق تجاوز 324 تريليون دولار. وقال المعهد إن الصين وفرنسا وألمانيا كانت أكبر المساهمين في زيادة الدين العام العالمي، بينما انخفضت مستويات الدين في كندا والإمارات وتركيا.

وقال المعهد في تقريره حول الدين العالمي، إن "الانخفاض الحاد لقيمة الدولار أمام عملات الشركاء التجاريين الرئيسيين أسهم في زيادة قيمة الدين بالدولار، لكن الارتفاع في الربع الأول كان أكثر من أربعة أمثال متوسط الزيادة الفصلية البالغة 1.7 تريليون دولار التي رصدت منذ نهاية 2022". وارتفع إجمالي الديون في الأسواق الناشئة بأكثر من 3.5 تريليونات دولار في الربع الأول من العام إلى مستوى غير مسبوق تجاوز 106 تريليونات دولار.

وقال المعهد إن الصين استحوذت وحدها على أكثر من تريليوني دولار من هذا الارتفاع. وبلغت نسبة الدين الحكومي الصيني إلى الناتج المحلي الإجمالي 93 بالمائة، ومن المتوقع أن تبلغ 100 بالمائة قبل نهاية العام. وسجلت القيم الاسمية لديون الأسواق الناشئة بخلاف الصين أيضاً رقماً غير مسبوق، إذ شهدت البرازيل والهند وبولندا أكبر زيادات في قيمة الدين العام بالدولار.

غير أن بيانات المعهد أظهرت أن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في الأسواق الناشئة بخلاف الصين انخفضت إلى أقل من 180 بالمائة، أي أقل بنحو 15 نقطة مئوية من أعلى مستوياته على الإطلاق. كذلك تواجه الأسواق الناشئة رقماً قياسياً يبلغ سبعة تريليونات دولار لعمليات استرداد السندات والقروض في الفترة المتبقية من 2025، وبلغ الرقم للاقتصادات المتقدمة نحو 19 تريليون دولار. 

ألمانيا أكبر دولة مقرضة في العالم

في المقابل، فقدت اليابان المركز الأول كأكبر دولة مقرضة في العالم لأول مرة منذ 34 عاماً، رغم استمرار امتلاكها كميات قياسية من الأصول في الخارج. بينما تبوأت ألمانيا المركز الأول تليها اليابان ثم الصين. وذكرت وزارة المالية اليابانية اليوم الثلاثاء أن إجمالي صافي قيمة الأصول الخارجية التي تمتلكها اليابان وصل إلى 533.05 تريليون ين (3.7 تريليونات دولار) بنهاية العام الماضي، بارتفاع 13% تقريباً عن العام السابق.

وفيما وصلت قيمة هذه الأصول إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، فإن ألمانيا تفوقت وأصبحت أكبر دولة مقرضة في العالم، بامتلاكها أصولاً خارجية بقيمة 569.7 تريليون ين. واستمرت الصين في المركز الثالث بصافي أصول بلغت قيمته 516.3 تريليون ين. واحتلت اليابان المركز الأول كأكبر دولة مقرضة في العالم عام 1991 متفوقة على ألمانيا.

وذكرت وكالة بلومبيرغ للأنباء أن ارتفاع ترتيب ألمانيا يعكس الفائض الكبير في حسابها الجاري، الذي وصل في 2024 إلى 248.7 مليار يورو، بفضل الأداء القوي للصادرات الألمانية. وبلغ فائض الحساب الجاري لليابان خلال العام الماضي 29.4 تريليون ين، بما يعادل 180 مليار يورو، وفقاً لبيانات وزارة المالية اليابانية. وفي العام الماضي، ارتفع سعر اليورو أمام الين بنسبة 5% تقريباً، وهو ما أدى إلى زيادة قيمة الأصول الألمانية بالعملة اليابانية.

يذكر أن الأصول الأجنبية الصافية لأي دولة هي قيمة أصولها الخارجية مطروحًا منها قيمة أصولها المحلية المملوكة للأجانب، بعد تعديلها وفقًا للتغيرات في أسعار الصرف، وينعكس هذا الرقم بشكل أساسي في التغير التراكمي في الحساب الجاري للدولة. وبالنسبة إلى اليابان، أسهم ضعف الين في زيادة كلٍّ من الأصول والخصوم الأجنبية، إلا أن الأصول نمت بوتيرة أسرع، مدفوعةً جزئيًا بتوسع استثمارات الشركات في الخارج.

وتعكس بيانات اليوم الثلاثاء عمومًا اتجاهات أوسع في الاستثمار الأجنبي المباشر. ووفقًا لوزارة المالية اليابانية حافظت الشركات اليابانية في عام 2024 على إقبال قوي على الاستثمار الأجنبي المباشر، ولا سيما في الولايات المتحدة وبريطانيا، مضيفة أن قطاعات مثل التمويل والتأمين وتجارة التجزئة اجتذبت رؤوس أموال كبيرة من المستثمرين اليابانيين.  

(رويترز، أسوشييتد برس، العربي الجديد)

المساهمون