استمع إلى الملخص
- تصريحات ترامب قد تدفع دول بريكس لتسريع جهودها لتقليل الاعتماد على الدولار، بما في ذلك استخدام العملات الوطنية في التجارة بين الدول الأعضاء.
- رغم هيمنة الدولار بفضل سيولته، فإن التحركات الدولية لاستخدام العملات المحلية قد تزداد، مما يثير تساؤلات حول استقرار الدولار على المدى الطويل.
واصل الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب ممارسة هوايته المفضلة في الضغط على الخصوم والحلفاء، حيث هدّد تحالف بريكس بفرض تعريفات ضخمة على صادراتهم إلى الولايات المتحدة حال ابتعاد دول التحالف عن استخدام الدولار في تسوية المعاملات الدولية، وهو ما اعتبره بعض المحللين تكتيكاً محفوفاً بالمخاطر وقد يأتي بنتائج عكسية.
ونقلت بلومبيرغ عن مارك سوبل، المسؤول المخضرم السابق عن سياسات العملات بوزارة الخزانة الأميركية والذي عمل في هذا المجال لمدة 40 عاماً، توقعه أن يستمر الدولار في الهيمنة على الاقتصاد العالمي في المستقبل المنظور، وأيضاً تأكيده أن فكرة الدول الناشئة لإنشاء عملة واحدة خاصة بها "مجرد كلام فارغ". لكنه أضاف أن تدخل ترامب الأخير قد يضعف من مكانة الدولار ويزيد من احتمالية نشوء اتفاقات دولية لتجنب استخدامه، حيث شجعت تصريحات ترامب الدول على استكشاف طرق لتقليل الاعتماد على العملة الأميركية.
وردت روسيا يوم الاثنين بأن جاذبية الدولار آخذة في التآكل بالفعل، وأن إجبار الدول على استخدامه "سيعزز الاتجاه نحو الابتعاد عنه". وكتب براد سيتسر، الزميل البارز في مجلس العلاقات الخارجية والمسؤول السابق في وزارة الخزانة الأميركية خلال فترة حكم باراك أوباما، أن "هذا الموقف لا يبدو جيداً"، وأضاف: "إنه يرفع مكانة تهديد غير موجود ويعكس نقصاً في الثقة بالدولار".
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، حذر ترامب دول مجموعة "بريكس" من أنه سيطالبها بالالتزام بعدم إنشاء عملة جديدة كبديل للدولار، وكرر تهديداته بفرض تعريفات جمركية بنسبة 100% عليها إذا قامت بذلك. ورغم أن جنوب أفريقيا أكدت يوم الاثنين عدم وجود خطط لإنشاء مثل هذه العملة، فإن منشور ترامب على منصته "تروث سوشيال" يوم السبت يعكس تعليقاته خلال حملته الانتخابية، ويسلط الضوء على أهمية مراقبة استخدامه لوسائل التواصل الاجتماعي خلال السنوات الأربع المقبلة، وفقاً لبلومبيرغ.
الدولار في مواجهة بدائل بريكس
وتقول بلومبيرغ إن محاولات إطاحة الدولار كعملة رئيسية ليست بالأمر السهل، مشيرة إلى أن الدولار يمثل حوالي 88% من جميع المعاملات في سوق العملات الأجنبية الذي تبلغ قيمته 7.5 تريليونات دولار يومياً، وفقاً لأحدث تقرير ثلاثي السنوات الصادر عن بنك التسويات الدولية في عام 2022. وبالإضافة إلى ذلك، فإن حجم وقوة الاقتصاد الأميركي لا مثيل لهما، كما تظل السندات الأميركية واحدة من أكثر الطرق أماناً لتخزين الأموال، ويظل الدولار الوجهة النهائية للتدفقات الآمنة.
وقال رودريغو كاترال، استراتيجي في بنك أستراليا الوطني في سيدني، لبلومبيرغ: "الدولار يظل مهيمناً لعدة أسباب: فهو أكثر العملات سيولة في العالم، ويتداول بحرية، كما أنه العملة المستخدمة في الإقراض العالمي". لكنه أضاف أن "زيادة ترامب الضغط على مجموعة بريكس قد تسرّع الابتعاد عن الدولار".
وتتحكّم دول تحالف بريكس في أكثر من 40% من احتياطيات البنوك المركزية على مستوى العالم، وقد ناقشت سابقاً طرقاً لتقليل الاعتماد على الدولار، بما في ذلك فكرة عملة واحدة تُستخدم للتجارة بين الدول الأعضاء. وقالت حكومة جنوب أفريقيا في بيانها اليوم الاثنين إن "المناقشات داخل مجموعة بريكس تركز على التجارة بين الدول الأعضاء باستخدام العملات الوطنية الخاصة بها".
وفي حين أن التهديد المباشر لهيمنة الدولار يبدو غير واقعي، فإن النظرة طويلة الأجل أقل يقيناً. فعلى سبيل المثال، عقدت البرازيل والصين سابقاً اتفاقيات لتسوية التجارة بعملاتهما المحلية، ووقعت الهند وماليزيا اتفاقاً لزيادة استخدام الروبية في الأعمال عبر الحدود. وفي مايو/ أيار، وقّعت تايلاند والبنك المركزي الصيني مذكرة تفاهم لتعزيز المعاملات الثنائية بالعملات المحلية. ومن المحتمل أن تزيد تصريحات ترامب الأخيرة من احتمالية مثل هذه الاتفاقات.
وقال أولريش لويشتمان، رئيس أبحاث العملات الأجنبية في كومرتس بنك بفرانكفورت، في مذكرة: "من الآن فصاعداً، سيشعر أي شخص خارج الولايات المتحدة يستخدم الدولار في معاملاته أن هذا يمثل قيداً تفرضه الولايات المتحدة عليه". وأضاف: "على المدى الطويل، لا يمكن أن يكون هذا وضعاً مستقراً، خاصة إذا استمرت السياسة الأميركية في التصرف بأنانية في مجالات أخرى".