بريطانيا: نمو اقتصادي مفاجئ وإطلاق برنامج ضخم لبناء مدن جديدة

13 فبراير 2025
شارع أكسفورد في العاصمة البريطانية لندن، 2 فبراير 2025 (مايك كيمب/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهد الاقتصاد البريطاني نمواً طفيفاً بنسبة 0.1% في الربع الأخير من 2024، مما أدى إلى انتعاش الجنيه الإسترليني، رغم استمرار تحديات مثل انكماش القطاع الخاص.
- أطلقت الحكومة برنامجاً لبناء 1.5 مليون مسكن بحلول 2030 لمعالجة أزمة الإسكان، مع التركيز على الأحياء المصممة جيداً وتوفير الخدمات العامة.
- تواجه بريطانيا تحديات اقتصادية مثل ارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض الثقة، مع انتقادات للزيادات الضريبية، بينما يسعى بنك إنكلترا لتحقيق توازن بين التضخم ودعم الاقتصاد.

أعلنت بريطانيا اليوم الخميس، تحقيق نمو اقتصادي غير متوقع في الربع الأخير من العام الماضي، ما أدى إلى انتعاش الجنيه الإسترليني، فيما يُنتظر أن تطلق الحكومة اليوم أيضاً، برنامجاً ضخماً لبناء مدن جديدة، سعياً منها لحل أزمة الإسكان. وفي التفاصيل، أفاد مكتب الإحصاء الوطني بأن الناتج المحلي الإجمالي ارتفع بنسبة 0.1% في الربع الأخير من 2024، متسارعاً من الأداء الثابت في الربع الثالث، كما لاحظت شبكة بلومبيرغ التي أشارت إلى أن الحصيلة الجديدة كانت أفضل من انخفاض بنسبة 0.1% في الناتج كان يتوقعه خبراء الاقتصاد، والذي كان ليشكل تهديداً بالركود بعد القليل من علامات التعافي في بداية عام 2025.

كما نما الناتج في ديسمبر/كانون الأول الفائت وحده، بنسبة أسرع من المتوقع بلغت 0.4%. وفي حين سيتم الترحيب بالأرقام في داونينغ ستريت، أظهرت الصورة الأساسية انكماش القطاع الخاص وناتج الفرد في بريطانيا للربع الثاني على التوالي، بحسب بلومبيرغ. فقد نما الناتج المحلي الإجمالي 0.9% فقط عام 2024 كله، بينما يتوقع بنك إنكلترا المركزي أن يمتد ضعف الاقتصاد إلى عام 2025، وقد خفض في الأسبوع الماضي، توقعات النمو لهذا العام إلى 0.7%.

لكن لا تزال الأرقام الجديدة توفر لوزيرة مالية بريطانيا راشيل ريفز بعض الراحة بعد بداية مخيبة للآمال لطموحات حزب العمال في تعزيز النمو، بحسب الشبكة الأميركية، وقد تعمل علامات التحسن الطفيف في الأرقام الرئيسية على تحسين الحالة المزاجية في الحكومة قبل التوقعات الجديدة الحاسمة من مكتب مسؤولية الموازنة الشهر المقبل، علماً أن الاقتصاد أصبح الآن أكبر قليلاً مما كان عليه قبل تولي حزب العمال منصبه في يوليو/تموز الماضي.

ونقلت بلومبيرغ عن كبير خبراء الاقتصاد في بريطانيا لدى شركة "كابيتال إيكونوميكس" بول ديلز، قوله إن التعافي الطفيف في الربع الأخير "يترك الاقتصاد راكداً تقريباً مع تكيّف الشركات مع الضرائب الأعلى والمزيد من عدم اليقين من الخارج"، مضيفاً: "لقد ساهمت قرارات الموازنة في أكتوبر/تشرين الأول، في ارتفاع نشاط القطاع العام، لكنها ساهمت في انخفاض نشاط القطاع الخاص".

وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن النمو في ديسمبر كان مدفوعاً بالحانات التي شهدت "شهراً قوياً"، إلى جانب البيع بالجملة وتوزيع الأفلام وتصنيع الآلات وصناعة الأدوية، بينما انخفضت مبيعات البرمجة الحاسوبية والنشر والسيارات. ومع ذلك، استدركت بلومبيرغ، "عندما نأخذ في الاعتبار الزيادات السكانية، كانت الصورة أكثر إحباطاً. فقد انخفض نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1%، متراجعاً إلى الربع الثاني على التوالي".

كما أظهرت أرقام مكتب الإحصاءات الوطنية أن القطاع الخاص دخل في حالة ركود، حيث انكمش للربع الثاني على التوالي، حيث قام القطاع العام بالعمل الشاق مع الإنفاق على الصحة والدفاع والإدارة العامة. وفي حين ارتفع استهلاك الحكومة بنسبة 0.8%، ظل إنفاق الأسر من دون تغيير وانخفض استثمار الأعمال بنسبة 3.2% في الربع. وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن الانخفاضات الأخيرة في التوظيف "ساهمت في استقرار إنفاق المستهلكين".

وذكرت بلومبيرغ أول من أمس الثلاثاء، أن توقعات مكتب مسؤولية الموازنة التي سلمت إلى ريفز الأسبوع الماضي، تشير إلى أنها تواجه ثغرة صغيرة في خططها عندما يقدم توقعاته الكاملة في 26 مارس/آذار القادم. وقد أطلقت وزارة المالية تحقيقاً في كيفية الكشف عن التوقعات المبكرة.

وسبق أن أعلن حزب العمال سلسلة قرارات لتحسين جانب العرض في الاقتصاد البريطاني منذ عودته إلى السلطة، مشيراً إلى استعداده للتعامل مع قضايا مثيرة للجدل، مثل الموافقة على مدرج ثالث في مطار هيثرو. لكن، بحسب بلومبيرغ، قد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن تؤثر هذه التدابير على اقتصاد الذي لا يزال يثقل كاهله ارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض الثقة، والآن تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتزايد بحرب تجارية عالمية.

وقد انتقدت الشركات الموازنة الأولى التي تضمنت زيادات ضريبية تزيد عن 40 مليار جنيه إسترليني (50 مليار دولار)، والتي تضمنت زيادة قدرها 26 مليار جنيه إسترليني في مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل والتي تشير الدراسات الاستقصائية إلى أنها قد تؤدي إلى فقدان الوظائف، فيما تُعد هذه الأرقام حيوية في ما يخص بنك إنكلترا، حيث يوازن واضعو أسعار الفائدة بين التضخم الثابت والحاجة إلى دعم الاقتصاد. وفي الأسبوع الماضي، صوتوا لصالح خفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة في دورة التخفيض الحالية، رغم تمسكهم بتوجيهاتهم لتخفيف السياسة بحذر.

هذا وقفز الجنيه الإسترليني اليوم الخميس، بعدما أظهرت بيانات أن الاقتصاد البريطاني نما بشكل غير متوقع في الربع الأخير من العام الماضي، مما وفر بعض الراحة من توقعات اقتصادية متشائمة. ووفقاً لبيانات رويترز، ارتفع الجنيه الإسترليني 0.57% إلى 1.25155 دولار مقابل الدولار، وهو أعلى مستوى له في أكثر من أسبوع.

بريطانيا تعالج أزمة الإسكان ببرنامج ضخم لبناء مدن جديدة

على صعيد آخر، من المقرر أن يُطلق رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر اليوم الخميس، برنامجاً ضخماً لبناء "مدن جديدة"، في مشروع وصفه بأنه الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية ويهدف إلى معالجة أزمة الإسكان الحادّة في البلاد، فيما تطمح الحكومة العمّالية التي تولّت السلطة في يوليو/تموز لبناء 1.5 مليون مسكن بحلول 2030. وسيزور ستارمر اليوم، موقع بناء للكشف عن خطط حكومته لـ"الجيل المقبل من المدن الجديدة".

وبحسب وكالة فرانس برس، تقوم هذه المدن على بناء "أحياء جميلة وجيّدة التصميم مع مساكن بأسعار معقولة وعيادات طبّية ومدارس ووسائل للنقل المشترك". وسيقول زعيم حزب العمال في خطاب سيلقيه للمناسبة ونقل بيان رسمي مقتطفات منه إنّ هذا البرنامج يأتي بعد "عقد من التراجع في بناء المساكن".
وأما ما يخص ستارمر فإنه "بالنسبة للعديد من العائلات، فإنّ امتلاك مسكن هو حلم بعيد المنال". وسيتعهد ستارمر في خطابه بأن يستفيد "مئات آلاف العمّال والأسر" في سائر أنحاء المملكة المتّحدة من هذه الخطة.

واستُوحيت هذه الخطة من تلك التي أقرّتها حكومة حزب العمّال في أواخر الأربعينيات، وتم بموجبها بناء مناطق حضرية جديدة لمعالجة النقص في الإسكان بعد الحرب العالمية الثانية، في وقت تعاني المملكة المتحدة منذ سنوات عديدة أزمة إسكان، إذ لا يتمكن العرض من مجاراة الطلب المتزايد بسبب ارتفاع عدد السكان.

وقد ارتفعت أسعار المساكن بحدة. وفي ظل عدم توفر مساكن بأسعار معقولة، أصبح امتلاك مسكن حلماً بعيد المنال للعديد من البريطانيين، بخاصة الشباب منهم. وتم تحديد أكثر من 100 موقع في مختلف أنحاء إنكلترا لبناء هذه "المدن الجديدة". وبحسب داونينغ ستريت، فإن كلّاً من هذه المدن الجديدة ستتضمّن "ما لا يقل عن 10 آلاف مسكن". وسبق أن تعهّد ستارمر إصلاح قوانين التخطيط العمراني للسماح للمطوّرين العقاريين بتجاوز بعض اللوائح البيئية وبناء عدد أكبر من المساكن.

المساهمون