استمع إلى الملخص
- تم التركيز على التعاون في الخدمات المالية والتجارة والتكنولوجيا، مع منح تراخيص جديدة للشركات البريطانية في الصين وتحسين الوصول للأسواق في قطاعات مثل الأغذية والرعاية الصحية والتكنولوجيا الخضراء.
- تواجه بريطانيا تحديات في موازنة علاقاتها مع حلفائها التقليديين، حيث تشير الدراسات إلى أن الفرص الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد تكون أكبر.
يبدو أن بريطانيا تتجه شرقاً نحو بكين خلال السنوات المقبلة لتعزيز الحوار المالي والاقتصادي مع الصين، ويرى محللون أن هنالك مصالح مشتركة قوية بين البلدين، خاصة في عهد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الذي أعلن عن محاصرة صريحة للتجارة والشركات الصينية. وعلى الصعيد البريطاني، فإن حي المال البريطاني وبورصة لندن يواجهان صعوبات جمة، حيث يتدهور سعر صرف الجنيه الإسترليني ويرتفع العائد على السندات السيادية ويتراجع ترتيب بورصة لندن بين البورصات العالمية. وبالتالي فإن الشركات الصينية باتت بحاجة إلى منافذ تسويقية غربية غير أسواق المال الأميركية، وربما تكون لندن واحدة من هذه المنافذ التسويقية. وعلى الصعيد البريطاني، فإن بورصة لندن بحاجة ماسة إلى توسيع أعمالها عبر اكتتابات جديدة توفرها الصين واستثماراتها المحتملة في بريطانيا.
في هذا الصدد، قالت وزيرة المال البريطانية راشيل ريفز السبت إن لندن “موطن طبيعي” لشركات التمويل الصينية، وذلك أثناء زيارتها لبكين في ظل الاضطرابات التي تشهدها سوق السندات في بريطانيا. وتأتي الزيارة في إطار جلسة الحوار الاقتصادي والمالي الحادية عشرة بين البلدين. وقالت ريفز في لقاء جمعها بنظيرها الصيني هي ليفينغ في بكين، إن لندن تعد “موطناً طبيعياً لشركات الخدمات المالية الصينية وعملائها لجمع رأس المال، ومنصة انطلاق للشركات الصينية التي تسعى إلى بناء بصمة عالمية”. وأضافت: "في أسواق رأس المال، لدينا فرص لتعميق العلاقات بين المملكة المتحدة والصين". وريفز هي أكبر ممثلة عن الحكومة البريطانية تزور الصين منذ أن أجرت رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي محادثات مع الرئيس شي جين بينغ قبل سبع سنوات. وترأست ريفز ونظيرها الصيني السبت إعادة إطلاق محادثات الخدمات المالية بين الصين وبريطانيا.
ووفق قناة " بي بي سي" البريطانية، اليوم، دافعت المستشارة البريطانية راشيل ريفز عن قرارها بالسفر إلى الصين لتحسين العلاقات الاقتصادية في وقت يهدد فيه ارتفاع تكاليف الاقتراض الحكومي بالضغط على المالية العامة في المملكة المتحدة. وتقول إنها تريد علاقة طويلة الأمد مع الصين تصب في مصلحتنا الوطنية بشكل مباشر، وقالت يوم السبت إن الاتفاقيات التي تم التوصل إليها في بكين ستبلغ قيمتها 600 مليون جنيه إسترليني للمملكة المتحدة على مدى السنوات الخمس المقبلة. وقد خيم على رحلتها ارتفاع تكاليف الاقتراض في المملكة المتحدة إلى أعلى مستوياتها منذ 16 عاماً وانخفاض قيمة الجنيه الإسترليني، حيث اتهم المحافظون ريفز بـ"الفرار إلى الصين".
ويرى محللون بمعهد دراسات "إيكونومك أوبزيفتري"، وهو مشروع دراسات جديد، في تحليل يوم الجمعة، أن حكومة المملكة المتحدة العمالية تنتهج نهجاً جديداً في التعامل مع الصين يعزز التعاون ولكنه يتحدى العلاقات التقليدية. وفي حين أن زيادة التجارة مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم قد تجلب فوائد لبريطانيا فإنها قد تغضب حليفها التقليدي في واشنطن، ويرجح المعهد أن الفرص الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أكبر مقارنة بالصين .وأعلنت حكومات المملكة المتحدة منذ فترة طويلة عن رغبتها في زيادة علاقات التجارة والاستثمار مع الصين، في حين تعمل في الوقت نفسه على حماية المصالح والقيم البريطانية الأساسية. وعلى الرغم من هذه التصريحات على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية ، فشلت الحكومات المتعاقبة حتى الآن في وضع سياسة شاملة تلبي كلا المعيارين. وفق تحليل المعهد.
وقد وعدت الحكومة الحالية بإجراء تعديلات على علاقاتها الاقتصادية والمالية مع الصين، لكنها لم تكد تبدأ في القيام بالمزيد من المشاركة مع بكين حتى واجهت فضيحة تجسس ونفوذ تورط فيها دوق يورك ويانج تينجبو، وهو رجل أعمال صيني يُعتقد أنه كان يعمل لصالح إدارة عمل الجبهة المتحدة. وتم إنشاء هذه الجبهة المتحدة في الأصل من قبل الحزب الشيوعي الصيني خلال الحرب الأهلية مع القوميين في الثلاثينيات، عندما كانت وظيفتها جمع المعلومات الاستخبارية ومواءمة مصالح غير الشيوعيين مع الحزب.
وفي حديثها خلال زيارة لمتجر شركة برومبتون البريطانية لصناعة الدراجات في بكين، أصرت ريفز على أنها لن تغير خططها الاقتصادية الصينية. وأعلنت وزارة الخارجية الصينية الجمعة أن الجانبين "سيفتحان مناقشات حول السياسة الاقتصادية الكلية والعولمة الاقتصادية والتجارة والاستثمار والتعاون الصناعي وتنمية الأسواق المالية والتعاون في التنظيم المالي".
وقالت المتحدثة باسم الوزارة جو جيا كون في إفادة صحافية دورية: "إن تعزيز الصين والمملكة المتحدة تعاونهما الاقتصادي والمالي يتفق مع مصالح البلدين… وسيحسن الثقة ويضخ زخماً جديداً في تنمية الاقتصاد العالمي”.
الحوار البريطاني الصيني
ووفق مصادر بريطانية سلط الحوار الضوء على خمس نقاط رئيسية، وهي، الخدمات المالية، حيث سلط الضوء على قرار الصين بمنح تراخيص تجارية جديدة ومخصصات الحصص للشركات البريطانية مثل إتش إس بي سي وشرودرز. ومن المتوقع أن تؤدي هذه الخطوة إلى تعزيز العمليات التجارية البريطانية داخل الصين، وبالتالي زيادة التدفقات المالية بين البلدين. وثانياً، اتفاقيات التجارة، حيث أكدت المملكة المتحدة والصين التزامهما بنظام تجاري متعدد الأطراف قائم على القواعد. وأنهم يعملون على تحسين الوصول إلى الأسواق للشركات البريطانية عبر مختلف القطاعات بما في ذلك الأغذية الزراعية والرعاية الصحية والسيارات والخدمات المهنية. وعلى سبيل المثال، تمت إعادة إدراج مصنعين لتجهيز لحم الخنزير في المملكة المتحدة للتصدير إلى الصين، مما يدل على انفتاح الأسواق التي يمكن أن تؤدي إلى زيادة فرص الاستثمار. وثالثاً قطاع الأغذية الزراعية، حيث تم إبرام اتفاقيات محددة بشأن الصادرات من المملكة المتحدة إلى الصين في قطاع الأغذية الزراعية. ويشمل ذلك السماح للشركات البريطانية بتصدير أغذية الحيوانات الأليفة لأول مرة واستئناف إجراءات تصدير الدواجن بشرط استيفاء اللوائح الصحية. ورابعاً، التعاون التكنولوجي، حيث هناك مناقشات حول تعزيز التعاون في مجال نقل التكنولوجيا والابتكار، وخاصة في مجال التكنولوجيات الخضراء التي تتماشى مع التزامات البلدين لمعالجة تغير المناخ. وخامساً، القيمة الاقتصادية طويلة المدى، إذ من المتوقع أن تحقق نتائج هذه الحوارات قيمة اقتصادية كبيرة - تقدر بـ600 مليون جنيه إسترليني على مدى خمس سنوات، مما يدل على الاهتمام المتبادل بتعزيز العلاقات الاقتصادية طويلة الأمد.