بريطانيا تؤجل تحديث قواعد البنوك للمرة مجدداً.. خسائر للإسترليني والسندات وهبوط مبيعات التجزئة

17 يناير 2025
بورصة رويال إكستشينج بجوار بنك إنكلترا، لندن، 14 يناير 2025 (أندرو أيتشيسون/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- قررت بريطانيا تأجيل تطبيق قواعد بازل 3.1 حتى عام 2027، لتعزيز الوضوح بشأن تطبيقها في الولايات المتحدة، مما يعكس اعتبارات تتعلق بالقدرة التنافسية والنمو.
- تواجه الحكومة البريطانية تحديات في استعادة ثقة المستثمرين، مع توقعات بانخفاض الجنيه الإسترليني وارتفاع عائد السندات، مما يشكل تحديًا لوزيرة المالية راشيل ريفز.
- شهدت مبيعات التجزئة في بريطانيا انخفاضًا غير متوقع خلال فترة عيد الميلاد، مما يعكس حذر الأسر في الإنفاق وسط تحذيرات من التضخم وتكاليف الاقتراض المرتفعة.

للمرة الثالثة على التوالي، قرّرت بريطانيا إرجاء تطبيق تحديث كبير لقواعد رأس مال البنوك الدولية للمرة الثالثة، للسماح بمزيد من الوضوح بشأن طرحها في الولايات المتحدة. فقد أرجأ بنك إنكلترا المركزي تطبيق قواعد بازل 3.1 لمدة عام واحد، إلى بداية عام 2027، بسبب ما اعتبره "عدم اليقين الحالي بشأن توقيت" المعايير في الولايات المتحدة. وأشار في بيان، اليوم الجمعة، إلى أنّ القرار يعكس أيضاً "اعتبارات القدرة التنافسية والنمو" وجرى اتخاذه بعد مشاورات مع وزارة المالية.

يُشار إلى أنّ بريطانيا هي أول بلد يعلن استخدام "حق الدولة" في تأجيل تطبيق هذه القواعد منذ الانتخابات الأميركية، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، والتي أثارت تكهنات بموجة عالمية من إلغاء القيود التنظيمية تحت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في واشنطن، فيما من المرجح أن تشجع هذه الخطوة جماعات الضغط المصرفية في البلدان الأخرى حيث تدفع نحو إضعاف القواعد التي تضر بربحيتها، حسبما أوردت وكالة بلومبيرغ، اليوم الجمعة.

وقد زعمت البنوك في جميع أنحاء العالم أنّ متطلبات رأس المال الأعلى من شأنها أن تحد من قدرتها على تقديم الائتمان للشركات والأسر. كما أنّ المعايير الأكثر صرامة من شأنها أن تضر باحتياطياتها لأرباح المساهمين وإعادة شراء الأسهم.

الإسترليني وسندات بريطانيا لمزيد من الخسائر

في غضون ذلك، تكافح الحكومة البريطانية المتعثرة لاستعادة ثقة المستثمرين، إذ من المقرر أن توسع السندات الحكومية والجنيه الإسترليني خسائرهما الأخيرة، وفقاً لأحدث استطلاع رأي أجرته "بلومبيرغ ماركتس لايف بولس". فبعد تراجع أسواق بريطانيا في الأيام الأولى من عام 2025 وسط مخاوف متزايدة بشأن آفاق الديون والتضخم، قال حوالي 51% من 250 مشاركاً في السوق جرى استطلاع آرائهم هذا الأسبوع إنهم يتوقعون أن ينخفض الجنيه الإسترليني إلى ما بين 1.20 دولار و1.15 دولار بحلول نهاية يونيو/حزيران المقبل، ما قد يؤدي إلى وصول العملة إلى أضعف مستوى لها في أكثر من عامين.

وفي الوقت نفسه، توقع 70% من المستجيبين أن يرتفع عائد السندات الحكومية لأجل 10 سنوات إلى أكثر من 5% هذا العام. وهذا أعلى من حوالي 4.7% يوم الخميس، ولكنه يتماشى بشكل عام مع توقعات العائدات الأميركية. تجدر الإشارة إلى أن الاستطلاع يُعد بمثابة خبر سيئ لوزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز بعد ارتفاع عائدات السندات الحكومية إلى أعلى مستوياتها في أكثر من ربع قرن، وتراجع الأسهم، وهبوط الجنيه الإسترليني. وقد دفعت هذه التحركات المتشككين في الحكومة إلى التساؤل عما إذا كانت خطة ريفز لتعزيز النمو يمكن أن تنطلق وما إذا كانت تستطيع الاستمرار في دورها.

وعندما سُئِلوا عما إذا كانت العوامل البريطانية أو العالمية هي التي تدفع إلى ارتفاع العائدات هذا العام، ألقى 58% باللوم على الحكومة البريطانية. لكن المشاركين في الاستطلاع حددوا الجنيه الإسترليني باعتباره الأصول البريطانية الأكثر عرضة للخطر إذا فشل صناع السياسات في إقناع المستثمرين بأنهم يسيطرون على الوضع بشكل كافٍ، حيث قال 45% إنهم سيراهنون ضد العملة.

وانخفض الجنيه الإسترليني إلى 1.21 دولار في وقت سابق من هذا الأسبوع، على الرغم من حصوله على بعض الراحة يوم الأربعاء، بعدما أظهرت تقارير التضخم من كل من بريطانيا والولايات المتحدة بعض التخفيف في ضغوط الأسعار. لكن مع ذلك، يستعد التجار في سوق الخيارات بالفعل لانزلاق العملة مرة أخرى. وبحسب بيانات من شركة "ديبوزيتوري تراست أند كليرينغ"، فإن العقود التي يتم صرفها إذا انخفض الجنيه الإسترليني إلى ما دون 1.20 دولار تجتذب طلباً كبيراً، بينما يراهن بعض المتداولين حتى على انخفاض الجنيه الإسترليني إلى ما دون 1.12 دولار.

وفي أسواق الديون، قفزت المراكز القائمة في عقود السندات الحكومية لأجل 10 سنوات بنحو 10% منذ بداية ديسمبر/ كانون الأول ووصلت إلى 950 ألف عقد يوم الثلاثاء، وهي الخطوة التي تزامنت مع زيادة في العائدات المقابلة بنحو 70 نقطة أساس. وفي هذا الصدد، قال كبير استراتيجيي الدخل الثابت في "إس إم بي سي نيكو كابيتال ماركتس" هانك كالنتي: "لدينا المزيد من الإصدارات والإنفاق، وقد تستمر الولايات المتحدة في رفع منحنى بريطانيا وأنا أكثر ميلاً إلى ارتفاع عائدات السندات البريطانية لأجل 10 سنوات فوق 5% بدلاً من أقل من 4.5% في الأمد القريب".

انخفاض مفاجئ في مبيعات التجزئة البريطانية

إلى ذلك، سجلت مبيعات التجزئة في بريطانيا انخفاضاً مفاجئاً خلال فترة عيد الميلاد الحاسمة في الشهر الماضي في انتكاسة جديدة لآمال حكومة حزب العمال في إحياء النمو الاقتصادي. وانخفض حجم السلع المباعة في المتاجر وعلى الإنترنت بنسبة 0.3% في ديسمبر/ كانون الأول، بعد ارتفاع بنسبة 0.1% في نوفمبر/ تشرين الثاني والذي تم تعديله نزولاً من 0.2%، وفقاً لمكتب الإحصاء الوطني. وكان خبراء الاقتصاد يتوقعون زيادة بنسبة 0.4% للشهر الماضي.

وتضيف الأرقام إلى الأدلة القصصية على عيد ميلاد مخيب للآمال لتجار التجزئة. على الرغم من نمو الدخول الحقيقية، فإن الأسر في مزاج حذر وسط تحذيرات من انتعاش التضخم وتوقعات بانخفاض أبطأ في تكاليف الاقتراض. ونقلت بلومبيرغ عن رئيس المحتوى التجاري في "ريتايل إيكونوميكس" نيكولاس فاوند قوله إن "الإنفاق الحذر حدد موسم الأعياد، ما أدى إلى تباطؤ الزخم في تجارة التجزئة. لقد أدت ندوب أزمة تكلفة المعيشة إلى استمرار ثقة المستهلك الهشة في ديسمبر حيث يتكيف المتسوقون مع الأسعار المرتفعة، مع إعطاء الأولوية للقيمة خلال فترة عيد الميلاد".

ولا تزال معنويات المستثمرين هشة بعد عمليات بيع عدوانية في أصول بريطانيا مدفوعة بمزيج من النمو الضعيف والتضخم المستمر الذي دفع تكاليف الاقتراض الحكومية إلى أعلى مستوى منذ الأزمة المالية عام 2008. انخفض الجنيه الإسترليني بنسبة 0.3% خلال الأسبوع، وهو العملة الوحيدة في مجموعة العشرة التي سجلت خسائر مقابل الدولار.

المساهمون