برلمان لبنان يقرّ "البطاقة التمويلية" بقيمة نصف مليار دولار

برلمان لبنان يقرّ "البطاقة التمويلية" بقيمة نصف مليار دولار وسط استمرار الاحتجاجات الشعبية

30 يونيو 2021
بري قال إن صندوق النقد الدولي قرّر تحرير حقوق السحب الخاصة للبلدان (حسين بيضون)
+ الخط -

أقر البرلمان اللبناني مشروع قانون البطاقة التمويلية مع فتح اعتمادٍ إضافي استثنائي لتمويلها بقيمة 556 مليون دولار، في وقتٍ تستمرّ التحركات الاحتجاجية في الشارع وخصوصا في طرابلس شمال لبنان.

وتشهد طرابلس احتجاجات شعبية غاضبة على ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء الذي تجاوز اليوم عتبة 17 ألف ليرة لبنانية، ورفضاً للغلاء الفاحش الذي يطاول السلع الحياتية الأساسية وانقطاع المواد الغذائية في ظلّ استمرار عمليات التهريب والتخزين.

وتغطي البطاقة التمويلية 750 ألف عائلة لبنانية ما يشكل 75 في المائة من عدد عائلات لبنان "على أن يُستثنى منها أصحاب الدخل المرتفع أو المسافر خارج البلاد أو المستفيد من برامج دعم أخرى أو من هو معال من قبل أحد افراد عائلته الذي يعيش في الخارج وغيرها من المعايير التي ستتخذ بالاعتبار لتحديد الفئات المستهدفة"، وفق ما أكد المشرف العام لخطة لبنان للاستجابة للأزمة في وزارة الشؤون الاجتماعية عاصم أبي علي لـ"العربي الجديد".

وفنّدت "المفكرة القانونية – المرصد البرلماني" في تقرير اليوم إشكاليات مشاريع البطاقة التمويلية أبرزها، "ضبابية في معايير الاستفادة من البطاقة التمويلية، غياب معايير الإدارة الرشيدة للبرنامج والتوجس من يد طولى للأحزاب والزعامات الطائفية في إدارة البرنامج، اقصاء المقيمين غير اللبنانيين من الاستفادة من البطاقات التمويلية إذ حدّد مشروع الحكومة مساعدة العائلات اللبنانية من دون التطرق إلى غير اللبنانيين، وغياب استدامة البرنامج".

وتبقى معضلة تمويل البطاقة في ظلّ الاعتراض الشعبي على المسِّ بالاحتياطي الإلزامي رغم تبريرات السلطة بأن يصار إلى تسديدها لاحقاً من قروض البنك وصندوق النقد الدوليين.

وبحث مجلس النواب بأجواءٍ "حارّة"، نتيجة غياب التبريد في قاعة الأونيسكو، إقرار البطاقة التمويلية التي اعتبرها المتابعون غير كافية للمواطنين لتعويض خسائرهم والتخفيف من معاناتهم "بعد فقدان رواتبهم أكثر من تسعين في المائة من قيمتها في ظل تحليق سعر صرف الدولار في السوق السوداء وغلاء أسعار المواد الغذائية ومختلف السلع الاستهلاكية والخدمات، وبينما تبقى ودائعهم محتجزة في المصارف".

وأعلن رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري اليوم الأربعاء خلال مناقشة مشروع البطاقة التمويلية أن "صندوق النقد الدولي قرّر تحرير حقوق السحب الخاصة للبلدان التي لديها تأمينات في الصندوق، وحصّة لبنان تبلغ 900 مليون دولار".

وتبلّغ وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني أن "المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي ناقش اقتراح تخصيص حقوق السحب الخاصة للدول الأعضاء البالغة 650 مليار دولار ليُحال بعدها إلى مجلس المحافظين الذي يدرسه بدوره في شهر يوليو/تموز.

وأشارت وزارة المال اللبنانية في بيانٍ اليوم إلى إنه "في حال إقراره تتم عملية التخصيص نحو نهاية شهر أغسطس/آب المقبل والمتوقع أن تكون حصة لبنان حوالي 900 مليون دولار يستطيع الاستفادة منها بعد الإقرار".

يرفض عدد من المتابعين هذه الآلية باعتبارها "استمراراً لنهب أموال الناس وجنى عمرهم المحتجز في المصارف، ولا سيما وسط انعدام الثقة بالمشروع ككلّ واعتباره أداة انتخابية مع اقتراب الاستحقاق النيابي

ويعقد مجلس النواب يومَيْ الأربعاء والخميس جلسة عامة ضمن جدول أعمال يتألف من 78 بنداً على رأسها مشروع القانون المعجّل الوارد بالمرسوم رقم 7797 حول إقرار البطاقة التمويلية وفتح اعتمادٍ إضافي استثنائي لتمويلها في ظلّ رفض لبناني كبير للمسّ بالاحتياطي الإلزامي لتمويل البطاقة.

ويرفض عدد من المتابعين هذه الآلية باعتبارها "استمراراً لنهب أموال الناس وجنى عمرهم المحتجز في المصارف، ولا سيما وسط انعدام الثقة بالمشروع ككلّ واعتباره أداة انتخابية مع اقتراب الاستحقاق النيابي، حيث من المتوقع أن تغيب عنه الشفافية والعدالة في التوزيع".

وقال رئيس البرلمان إن "المجلس النيابي ملزم بمناقشة وإقرار مشروع البطاقة التمويلية"، مشيراً إلى إن "كيفية توزيع أعباء وتمويل البطاقة وآلياتها والتسديد ستبقى على عاتق الحكومة وليس على عاتق مجلس النواب وفقاً للأصول".

وأضاف بري: "تعهدت الحكومة بتنفيذ برنامج ترشيد الدعم والمسند إلى إقرار اللجان النيابية المشتركة بطاقة تمويلية بمبلغ قيمته الوسطية 93.3 دولاراً وحدّ أقصى 126 دولاراً مع الإشارة إلى أنه في حال تم تعديل قيمة البطاقة من قبل الهيئة العامة لمجلس النواب فإنّ ذلك سينعكس على نسبة الترشيد".

وشهدت الجلسة نقاشاً حاداً حول موضوع تمويل البطاقة وسط رفض قوى سياسية المسّ بالاحتياطي الإلزامي لدى مصرف لبنان، واعتراضاً أيضاً على البنود الواردة في جدول الأعمال والتي بحسب تكتل "الجمهورية القوية" النيابي (يتزعمه رئيس حزب القوات سمير جعجع) لا تتصل بهموم اللبنانيين، قبل أن يقرّرَ التكتل الانسحاب من الجلسة.

ويقول عضو التكتل النائب فادي سعد لـ"العربي الجديد" إنّه "من غير المقبول أن يجتمع مجلس النواب لإقرار عشرات القوانين أكثريتها لا صلة لها بمعاناة المواطنين وأولوياتهم هم الذين تحوّلت حياتهم إلى طوابير إذلال أمام محطات الوقود، ومهدّدون صحياً واستشفائياً وغذائياً ويمرون بأسوأ الظروف".

ويشدد سعد على أن "النائب يجب أن يؤدي دوره بتمثيل الشعب على أكمل وجه، والمراقبة كما المساءلة، والأولوية اليوم لإقرار قوانين تمسّ مباشرة بالمواطن اللبناني مثل تقصير ولاية مجلس النواب لإجراء انتخابات نيابية مبكرة، وعدم المسّ بالاحتياطي الإلزامي".

ويشير النائب سعد إلى أن "تكتلنا لا يقف ضدّ البطاقة التمويلية رغم أنه يشوبها الكثير من العيوب ونعتبر أنها أداة انتخابية أكثر من تمويلية وقد تطاول فئات غير مستحقّة أو مستهدفة، ومع ذلك يعلم في المقابل أنها ستصل إلى أشخاص يستحقونها ويحتاجون إليها، لكن بجميع الأحوال نحن نرفض المسّ بالاحتياطي الإلزامي لتمويلها وصرفها بالتالي من أموال الناس ونعتبرها عملية غشّ كبيرة".

المساهمون