بدائل الغاز الروسي لألمانيا.. خيارات صعبة لكن غير مستحيلة

بدائل الغاز الروسي لألمانيا.. خيارات صعبة لكن غير مستحيلة

22 يوليو 2022
هولندا وبلجيكا تعتبران دولتين مهمتين لإمداد الغاز (Getty)
+ الخط -

صحيح أنّ روسيا هي عملياً أهم مورّد للغاز إلى ألمانيا التي تستورد منها أكثر من 55% من حاجتها معظمها عبر خط الأنابيب "نورد ستريم 1"، إلا أنّ برلين لا تدخر جهداً للبحث عن بدائل بعد تجربة خفض الإمدادات وأحياناً قطعها في سياق الضغوط السياسية لا سيما بعد الحرب الروسية في أوكرانيا، المندلعة منذ 24 فبراير/شباط 2022.

ويبرز الحديث عن بدائل الغاز الروسي في بلد صناعي يصنف صاحب أكبر اقتصاد في أوروبا، لا سيما أنه مصدر أساسي للتدفئة، وحيث يعاني المواطنون من أسعاره المرتفعة على أبواب فصل الشتاء.

وعن كيفية تعويض النقص في ألمانيا التي لا تكفي نفسها سوى بحوالي 5% فقط من الاستهلاك، وخلق البديل في ظل أزمة عالمية، لفتت شبكة "أن تي في" الإخبارية، إلى أنّ هولندا وبلجيكا تعتبران دولتين مهمتين لإمداد الغاز.

وقال وزير الاقتصاد الاتحادي روبرت هابيك أخيراً، إنّ ألمانيا لن تستطع تحقيق أي تقدم على الإطلاق ما لم تتمكن من الاعتماد على فرنسا وبلجيكا وهولندا والنرويج. إضافة إلى ذلك، هناك عمل نشط مع الجزائر لزيادة حجم توصيل الغاز إلى إيطاليا في وقت يتم فيه تنظيم الأسواق في أوروبا، علماً أنّ منشآت تخزين الغاز الألمانية ممتلئة حالياً بنسبة 65% فقط.

وفي إطار البحث عن موردين جدد للغاز، يمكن أن تكون إسبانيا، على سبيل المثال، إحدى الدول المساهمة في مد ألمانيا به مستقبلاً، لأنها تحصل عليه عبر خط أنابيب من الجزائر، حيث تمتلك مدريد أيضاً محطات للغاز الطبيعي المسال ومرافق التخزين المرتبطة بها، لكن الخبير الاقتصادي توماس غيتزل حذر من أنّ هناك صعوبات عملية لأنّ على الاتحاد الأوروبي أن يضمن بسرعة شبكة أنابيب لعموم أوروبا التي يصل إليها حالياً نحو حوالي 18% من ليبيا والجزائر.

وبخصوص الحاجة إلى خطوط أنابيب أخرى لنقل الغاز بين بعض الدول الأوروبية، لا يوجد سوى خطين صغيرين لأنابيب الغاز الطبيعي، وهما غير كافيين عملياً والنقاش الآن حول الاستمرار في بناء خط أنابيب غير مكتمل والمسمى بمشروع "ميدكات"، والذي تم تعليق العمل به منذ العام 2019 ولم يكتمل بناؤه حتى الآن إلا من الجانب الإسباني، وحيث من المفترض أن يمر عبره الغاز من برشلونة إلى فرنسا، وهنا تبرز مطالبات إسبانية بتمويل استكمال المشروع من قبل الاتحاد الأوروبي وهذا ما تؤيده ألمانيا.

علاوة على ذلك، يتم النظر في إنشاء خط أنابيب ثان من إسبانيا إلى إيطاليا، ووفقاً للخبراء فإنّ الخطين سيستغرق إنجازهما عامين آخرين على الأقل.  

وتترافق هذه الخطط مع مشكلة عدم توفر الغاز من الولايات المتحدة مع انفجار محطة للغاز الطبيعي المسال في تكساس، خلال يونيو/حزيران الماضي، وحيث كانت التقديرات تفيد بأنها كانت ستمد أوروبا بحوالي 15 مليار متر مكعب هذا العام.

ومن الموردين الجدد أيضاً أذربيجان، حيث سيصل المزيد من الغاز منها مستقبلاً، وسط توقعات بأن تتضاعف عمليات التسليم إلى الاتحاد الأوروبي في السنوات الخمس المقبلة.

كما من المفترض أن يتدفق الغاز من حقول الإنتاج في دولة الاحتلال الإسرائيلي، إذ سيتم تسييل الغاز الطبيعي في مصر ثم شحنه إلى محطات الغاز المسال في أوروبا، والتقديرات بأن يتم إنتاج نحو عشرة مليارات متر مكعب من الغاز في العام المقبل. لا يوجد خط أنابيب مباشر بين تل أبيب وأوروبا رغم أنه تم التخطيط لخط منذ سنوات عبر قبرص إلى اليونان. 

إلى ذلك، من الممكن أن تصبح أفريقيا واحدة من المصادر التي ستساند ألمانيا في أزمتها الغازية، مع تلقي المستشار الألماني أولاف شولتز خلال زيارته أخيراً إلى عدد من دول غرب أفريقيا، ردوداً إيجابية من السنغال والتي تمتلك احتياطات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال وتريد تصديرها اعتباراً من العام 2023، حتى أن شولتز عرض على السلطات السنغالية المساعدة في إنتاج الغاز.

من جهة ثانية، بينت صحيفة "هاندلسبلات" أنّ كندا الغنية بالموارد الطبيعية قد تكون مورداً بديلاً للغاز الروسي إلى أوروبا، لكنها تفتقر إلى محطات التصدير، ومشيرة إلى أنه بالنسبة لوزير الاقتصاد هابيك هناك شيء واحد واضح: يجب أن تصبح ألمانيا مستقلة عن الغاز الروسي والبحث عن مصادر جديدة للطاقة، وأن كندا الدولة الصديقة على قائمة الأولويات، وقد تكون النقطة المركزية لتوريد الغاز الطبيعي المسال إلى ألمانيا.

ولفتت إلى أن هناك تبادل أفكار حيويا مع السفارات الأوروبية في هذا المجال، لا سيما مع الرابطة الكندية للغاز الطبيعي لمساعدة أوروبا في الخروج من معضلة الطاقة، حتى أن شركة الطاقة الكندية تدرس إحياء خطط لبناء محطة للغاز الطبيعي المسال على ساحل المحيط الأطلسي للتصدير إلى ألمانيا، وفي الوقت نفسه تريد أوتاوا التمسك بأهداف المناخ.

وتبرز الصحيفة أيضاً، أنه وفي ضوء الكفاح من أجل خلق بدائل للغازالطبيعي الروسي، حدد وزير البيئة الكندي ستيفن غيلبولت خيارات التصدير إلى ألمانيا، مفيداً بأنّ الساحل الشرقي لكندا يختزن الكثير من الغاز لدرجة أنه لا يمكنه في الوقت الحالي سوى إمداد منشأة واحدة لتصدير الغاز الطبيعي المسال. ويقع معظم إنتاج الغاز في كندا بالمقاطعات الغربية، وأسرع طريقة لتصدير الغاز للأوروبيين ستكون من خلال منشأة مملوكة لشركة "ريبسول" الإسبانية في مقاطعة نيو برونزويك الكندية الشرقية.

أما بخصوص الاتفاق مع قطر لنقل الغاز الطبيعي المسال إلى البلاد، فبيّنت شبكة "إن تي في" الإخبارية أنّ ذلك لن يحصل إلا في غضون عامين واعتباراً من العام 2024، من دون أن يتضح بعد حجم الكميات الممكن تسليمها.

المساهمون