بايدن قلق من توظيف الشركات الروسية لمسؤولين كبار بأوروبا

بايدن قلق من توظيف الشركات الروسية لمسؤولين كبار بأوروبا

16 مارس 2021
العلاقات الحميمة بين الرئيس بوتين والمستشار الألماني الأسبق شرودر تزعج البيت الأبيض
+ الخط -

ربما سيكون على الرئيس الأميركي جوزيف بايدن تخطي الشكوك التي سادت العلاقات بين برلين وواشنطن خلال السنوات الأربع الماضية التي حكم فيها سابقه دونالد ترامب حتى يتمكن من بناء علاقات جديدة ومتينة مع ألمانيا ضمن استراتيجية "التحالف مع الشركاء لاحتواء التمدد الصيني".

فألمانيا هي الاقتصاد الأقوى الذي يقود أوروبا نحو الخروج من جائحة كورونا، كما أنها الدولة الأقدر على دعم أميركا في حرب التقنية والتجارة ضد الصين وفق مراقبين.

وتعد ألمانيا إلى جانب اهميتها في تشكيل الرأي والاقتصاد الأوروبي، من كبار شركاء التجارة مع الولايات المتحدة، إذ بلغ حجم التجارة السنوي بين البلدين قبل جائحة كورونا نحو 187 مليار دولار في العام 2019، من بينها 60 مليار دولار صادرات أميركية لألمانيا و127 مليار دولار صادرات ألمانية إلى الولايات المتحدة، وذلك حسب بيانات موقع "ستاتيستا" التي تعنى بالتجارة الخارجية بين الاقتصادات الكبرى.

وكانت عراقيل فرض تعرفة جمركية من قبل إدارة ترامب على واردات السيارات الألمانية وحرمانها من استيراد قطع الغيار دون ضرائب من مصانعها في المكسيك من أكبر العوائق التي جعلت حجم التجارة أقل من التوقعات.

هنالك تباين في وجهات النظر حول مجموعة من القضايا الاقتصادية، على رأسها علاقات الطاقة والتقنية والتجارة مع روسيا والصين، والنفوذ الروسي داخل الأحزاب والحكومات في أوروبا

وفي أولى خطوات بناء تفاهم جديد بين ألمانيا والولايات المتحدة رفع وزير الخارجية الألماني في الأسبوع الماضي شعار "نحن إلى جانبكم" في مقابل الشعار الذي رفعه الرئيس جوزيف بايدن "أميركا عادت إلى العالم".

وخلافاً للتوتر الذي ساد علاقات البلدين على عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، فإن بايدن لدية أجندة واضحة داعمة لـ "النظام العالمي متعدد النفوذ" وللمؤسسات المالية والاقتصادية متعددة الأطراف القائمة وعلى رأسها منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمات الأمم المتحدة، كما أنه يرغب في تجديد التحالف مع دول الاتحاد الأوروبي.
ولكن رغم تلاقي الأهداف المرفوعة بين برلين وواشنطن على المستوى العام، فهنالك تباين في وجهات النظر حول مجموعة من القضايا الاقتصادية، على رأسها علاقات الطاقة والتقنية والتجارة مع كل من روسيا والصين، والنفوذ الروسي داخل الأحزاب السياسية والحكومات في أوروبا.

وعبر بايدن في خطابه الأخير في مؤتمر ميونخ للأمن في نهاية فبراير/شباط الماضي عن قلقه من نفوذ الكرملين في أوروبا، إذ قال إن "الكرملين يهاجم الديمقراطيات الغربية ويستخدم الفساد كسلاح لتقويض نظم الحكم الديمقراطي"، وذلك في إشارة واضحة إلى توظيف الشركات الروسية لمسؤولين كبار في أوروبا وبمرتبات ضخمة واستغلالهم في تكوين "لوبيات" تخدم مصالحها في أوروبا.
في هذا الشأن، يرى البروفسور، بنيامين شميدت، الزميل بكل من مركزي جامعة هارفارد وجامعة ديوك الأميركيتين للدراسات الدولية، أنه يجب على بايدن أن يضغط على أوروبا، خاصة على كل من ألمانيا والنمسا لاقتلاع جذور شبكة نفوذ الكرملين التي تؤثر على القرار الأوروبي.

ويشير إلى أن المستشار الألماني الأسبق غيرهارد شرودر ومسؤولين كبارا في حكومات أوروبية وأحزاب ألمانية يخدمون مصالح الكرملين في أوروبا.

وقال شميدت الخبير الدولي في تحليل بمعهد "أتلانتك كاونسل" يوم الثلاثاء الماضي، أن بوتين كان مسروراً جداً من شرودر، حيث عينه رئيساً لمجلس المدراء بشركة "روسنفت" في العام 2017 وبمرتب سنوي يبلغ 600 ألف دولار.

إلى جانب قضية النفوذ الروسي داخل أوروبا، فإن هنالك مشروع " نورد ستريم 2" الذي ترى الإدارة الأميركية أنه سيزيد من النفوذ الروسي في أوروبا

وفي النمسا، هاجم البروفسور شميدت في تحليله، المستشار النمساوي السابق ألفريد غوزنباور، الذي قال إنه قام بمهام داعمة للحكومة الروسية إبان أزمة أوكرانيا، كما عمل عضواً بمجلس حوار الحضارات الذي يديره الجنرال الأسبق في المخابرات السوفييتية _كي جي بي)، فلاديمير ياكونين الذي يخضع حالياً لعقوبات أميركية.
ولكن إلى جانب قضية النفوذ الروسي داخل أوروبا، فإن هنالك مشروع " نورد ستريم 2" الذي ترى الإدارة الأميركية أنه سيزيد من النفوذ الروسي في أوروبا.

وهذا المشروع كان من بنات أفكار المستشار الألماني شرودر قبل استقالته في العام 2005. ويعمل المشروع على زيادة إمدادات الغاز الروسي إلى ألمانيا إلى ضعف معدلها الحالي، أي إلى 110 مليارات متر مكعب سنوياً.
كما أن الإدارة الأميركية الجديدة لا تختلف عن سابقتها في موضوع زيادة حجم الإنفاق الأوروبي على حلف دفاع الأطلسي "الناتو" الذي ترى الولايات المتحدة، أنه يجب أن يرتفع إلى نسبة 2% من حجم الناتج المحلي لدول الاتحاد الأوروبي.

ويشير خبراء في تعليقات لقناة "سي أن بي سي" الأميركية إلى أن إدارة بايدن غير راضية عن التواجد الكثيف لشركات التقنية الألمانية في الصين، كما أنها غير راضية كذلك عن الاتفاقية التجارية التي توصل إليها الاتحاد الأوروبي والصين في بداية العام الماضي.

وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال قد أعلنا في يناير/كانون الثاني الماضي مع الرئيس الصيني شي جين بينغ عن اتفاق استثماري وتجاري واسع مع بكين. وهذا الاتفاق يعني تزايد النفوذ الصيني في التجارة الألمانية والأوروبية.

وبحسب إحصائيات "يورو ستات" في بروكسل، بلغ حجم التجارة المشتركة بين الصين وأوروبا 650 مليار دولار في العام الماضي 2019. ويميل الميزان التجاري لصالح الصين.

وبلغ حجم الصادرات الأوروبية إلى الصين 242 مليار دولار، بينما بلغت الواردات الأوروبية من الصين نحو 442 مليار دولار في عام 2019.

المساهمون