بالأرقام... هذه أكثر الدول تضرراً من حرب الصلب والألومنيوم التي يشنّها ترامب

12 فبراير 2025
عامل في مصنع ألومنيوم في مقاطعة شاندونغ الصينية، يونيو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- منذ تولي ترامب الرئاسة، أطلق حربًا تجارية مستهدفًا واردات الصلب والألومنيوم لتعزيز الاقتصاد الأمريكي، رغم استمرار اعتماد البلاد على الواردات، خاصة من كندا.
- تشكل الواردات الأمريكية من الألومنيوم والصلب نسبة كبيرة من احتياجات البلاد، حيث بلغت واردات الصلب من كندا 11.2 مليار دولار والألومنيوم 9.5 مليارات دولار في 2024.
- فرض ترامب رسومًا جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب والألومنيوم لتعزيز الإنتاج المحلي، مما يثير مخاوف بشأن تأثيرها على الاقتصاد والعلاقات التجارية.

لا يميّز الرئيس دونالد ترامب بين صديق وخصم وعدو في حرب تجارية متجددة ومستعرة منذ تسلمه الرئاسة في العشرين من يناير/كانون الثاني الماضي، وها هو يشن حرب الصلب والألومنيوم بكل اتجاه، وكل ذلك تحت شعارات ظاهرها مصلحة الاقتصاد الأميركي أولاً، مع أن تجربة ولايته الأولى لم تؤكد استفادة اقتصاد الولايات المتحدة من سياساته التجارية السابقة المماثلة لما يستكمله اليوم بإجراءات تبدو أكثر شراسة وعدوانية.

فانطلاقاً من أحدث البيانات التجارية والصناعية المتوفرة، لا سيما الأرقام التي أعدها "مورغان ستانلي" (Morgan Stanley)، البنك الاستثماري متعدد الجنسيات وشركة الخدمات المالية الأميركية، والذي يتخذ وسط مانهاتن في مدينة نيويورك، مقراً رئيسياً، تشكل الواردات الصافية الأميركية أكثر من أربعة أخماس متطلبات البلاد من الألومنيوم، ونحو 17% من احتياجاتها من الصلب في حين تتصدّر كندا الشركاء التجاريين في المجالين بفارق كبير عن غيرها.

وفي تفاصيل واردات الولايات المتحدة من هاتين المادتين، بحسب "مكتب الإحصاء الأميركي" (US Census Bureau)، تمثل كندا 58% من واردات الولايات المتحدة من الألومنيوم من حيث الحجم، تليها الإمارات بنسبة 6%، مقابل 4% من الصين، وفقاً للأرقام الرسمية. وبالنسبة للصلب أيضاً، تُعد كندا الأكبر بنسبة 23%، تليها البرازيل بنسبة 16%، ثم المكسيك 12% وكوريا الجنوبية 10%، علماً أن عبارة "صلب" (Steel) المقصود بها "مواد صناعة الفولاذ ومنتجات مصانع الحديد والصلب".

أما في أرقام واردات الولايات المتحدة من الصلب حسب المنشأ في عام 2024، للدول العشر الأولى، بلغت قيمة الصادرات الكندية 11.2 مليار دولار، تليها المكسيك بقيمة 6.5 مليارات، والبرازيل 5.2 مليارات، ثم الصين 5.2 مليارات وتايوان 3.8 مليارات وكوريا الجنوبية 3.2 مليارات وألمانيا 2.9 مليار واليابان 2.4 مليار والهند 1.9 مليار وفيتنام 1.7 مليار. وبالنسبة للألومنيوم، فقد تصدرت كندا أيضاً لائحة المصدّرين إلى الولايات المتحدة العام الماضي، بقيمة إجمالية بلغت 9.5 مليارات دولار، تليها بفارق كبير الإمارات بقيمة 1.1 مليار، ثم المكسيك 686.2 مليون دولار، وكوريا الجنوبية 643.7 مليوناً، والصين 507.8 ملايين، والبحرين 488.4 مليوناً، والأرجنتين 459.5 ملايين، وجنوب أفريقيا 383.6 مليوناً، تتبعها أستراليا بقيمة 273.3 مليون دولار وأخيراً الهند بقيمة 270.9 مليوناً.

لِمَ الصلب والألومنيوم؟

يبقى الصلب أقل عرضة للخطر مقارنة بالألومنيوم، وفقاً لتقرير صادر عن "مورغان ستانلي" استناداً إلى بيانات عام 2023، حيث يتبين أن الألومنيوم شكّل 82% من صافي الواردات الأميركية كنسبة مئوية من الطلب، يليه الزنك بنسبة 67% ثم النحاس 36% والصلب 17% والخام 15%. وفي قراءة لخلفيات قرار ترامب، أشارت شبكة بلومبيرغ في تقرير لها إلى أنه خلال حملته الرئاسية الأولى، قبل عقد من الزمان، انتقد انحدار مدن الصلب الأميركية ومراكز الألومنيوم بعد عقود من انخفاض الإنتاج وتضاؤل العمالة وسط صعود الصين كقوة تصنيع عظمى في العالم. ثم في عام 2018، خلال فترة ولايته الأولى في البيت الأبيض، فرض ترامب رسوماً جمركية نسبتها 25% على واردات الصلب و10% على واردات الألومنيوم. وكان هدفه المعلن تعزيز الإنتاج الأميركي من خلال جعل المواد الأجنبية أكثر تكلفة للمشترين الأميركيين.

لكن مع ذلك، أُعفي، في نهاية المطاف، العديد من الموردين الرئيسيين، بما فيهم كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي. أما الآن، فتقول الصناعات الأميركية إنها لا تزال تكافح للتنافس مع الواردات. وعلى نطاق أوسع، احتدمت الاحتكاكات التجارية في قطاعي الصلب والألومنيوم العالميين العام الماضي، وسط تدفق متجدد للمنتجات الصينية. وهذا ما دفع إلى اتخاذ تدابير تجارية ضد الواردات الصينية من قبل العديد من الجهات، مثل فييتنام والهند والاتحاد الأوروبي.

الرسوم الجمركية الجديدة وأثرها

وفي محاولته لإعادة تشكيل العلاقات التجارية مع بقية العالم، أعلن ترامب يوم الثلاثاء، عن فرض المزيد من الرسوم الجمركية، بواقع 25% على واردات الولايات المتحدة من الصلب والألومنيوم، والتي تقدر قيمتها بنحو 50 مليار دولار، وفقاً لأرقام عام 2024، على أن تدخل حيّز التنفيذ اعتباراً منذ 12 مارس/آذار القادم، أي بعد شهر من الآن. وفي حين تهدف هذه الخطوة إلى تعزيز الإنتاج المحلي، فإنها تحمل آثاراً على الاقتصاد الأوسع، نظراً لأن الولايات المتحدة تعتمد على الواردات لتلبية جزء كبير من الطلب على المعادن في قطاعات مثل البناء وتصنيع السيارات وتعبئة المشروبات وإنتاج المعدات العسكرية.

وكان ترامب قد فرض بالفعل رسوماً جمركية شاملة بنسبة 25% على الواردات من كندا والمكسيك، ثم أوقفها مؤقتاً لشهر، ثم مضى قُدماً في فرض ضرائب جديدة بنسبة 10% على السلع من الصين. وتعمل الخطة الأخيرة على مراجعة نظام الرسوم الجمركية الذي تم تقديمه خلال إدارة الرئيس الأولى، عندما خضعت واردات الصلب والألومنيوم لرسوم جديدة بعد سنوات من الشكاوى من الشركات الأميركية والنقابات العمالية بشأن المنافسة الخارجية.

وقال الرئيس إن الرسوم الجمركية ستطبق على "الجميع"، علماً أنها تغطي أيضاً المنتجات المعدنية النهائية، وهي خطوة مهمة ستكون لها تأثيرات سعرية واسعة النطاق على المستهلكين الأميركيين، بحسب بلومبيرغ التي أشارت إلى أن الرسوم الجمركية المفروضة خلال فترة ولاية ترامب الرئاسية الأولى ركزت غالباً على منتجات الصلب والألومنيوم الأساسية، في حين ستشمل الرسوم الجمركية الأخيرة سلعاً مثل الأشكال المعدنية والسلع المصنعة اللازمة لبناء السيارات وإطارات النوافذ وناطحات السحاب من بين أشياء أخرى.

الغموض يكتنف قرارات ترامب الحمائية الجديدة

في حين أعلن ترامب عن الخطة بعبارات عامة، فإن سجله في منصبه يشير إلى مجال للتفاوض. فقد فازت العديد من الدول أو المناطق المصدرة في النهاية بإعفاءات من الرسوم الجمركية على المعادن التي أطلقها في ولايه الأولى، بينما حظيت بعض شركات النفط أيضاً باستثناءات بناءً على حاجتها إلى منتجات خاصة. والآن، قال مسؤولون أميركيون إنهم حذرون من منح أي تسهيلات، لكن ترامب فتح المجال أمام فترة سماح لأستراليا، معتبراً أن ذلك يرجع إلى استيراد البلاد الطائرات المصنّعة في الولايات المتحدة.

كما أنه، بحسب بلومبيرغ، ليس واضحاً كيف سترتبط الرسوم الجمركية الجديدة على الصلب والألومنيوم بالتدابير التجارية المعمول بها أصلاً. مثلاً، ليس معروفاً ما إذا كانت الرسوم الجمركية الجديدة على المعادن ستضاف إلى رسوم أخرى، كالرسوم الجمركية الشاملة الجديدة بنسبة 10% على جميع السلع الصينية والرسوم الجمركية القديمة بنسبة 25% المعمول بها على الصلب الصيني. وقد أشار ترامب إلى أنه يريد فرض رسوم جمركية على واردات النحاس وأن تنفيذها سيستغرق وقتاً أطول قليلاً من تلك المفروضة على الألومنيوم والصلب.

وعندما كشفت إدارة ترامب الأولى عن الرسوم الجمركية على الصلب والألومنيوم، كان الهدف جعل الولايات المتحدة أكثر اكتفاءً ذاتياً. لكن في عام 2024، تبين أن إنتاج صناعة الصلب في الولايات المتحدة كان أقل بنسبة 1% عما كان عليه عام 2017، أي قبل الجولة الأولى من الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، فيما أنتجت صناعة الألومنيوم أقل بنحو 10%. وكانت التكاليف المتزايدة، خاصة بالنسبة للعمالة والطاقة، المحرك الرئيسي للانحدار الطويل الأجل لهذه الصناعات. وفي كل الأحوال، تلعب كندا، أول المستهدفين بجولة الرسوم الجمركية الجديدة، دوراً حيوياً في توريد الألومنيوم إلى الولايات المتحدة لأن مصانعها غالباً ما تعتمد على الطاقة الكهرومائية الرخيصة، ما يعني أنها تبقى أقوى المنافسين.

المساهمون