انطلاق جولة تفاوض جديدة بين الصين وأميركا في لندن وسط تكتم شديد

09 يونيو 2025   |  آخر تحديث: 21:00 (توقيت القدس)
ترامب يتوقع أن يكون الاجتماع جيداً جدا، ترامب في قمة العشرين أوساكا، 29 يونيو 2019 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- انطلقت جولة جديدة من المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في لندن، بعد اتفاق مؤقت في جنيف لخفض الرسوم الجمركية. يقود الوفد الأميركي وزير الخزانة ووزير التجارة، بينما يقود الوفد الصيني نائب رئيس الوزراء.

- تركز المفاوضات على صادرات المعادن النادرة الصينية، حيث تسعى الولايات المتحدة لاستعادة وتيرة التصدير، بينما ترغب الصين في تخفيف القيود الأميركية على الطلاب والتكنولوجيا.

- رغم هدنة جنيف، تراجع التبادل التجاري، وتسعى الصين لتعزيز علاقاتها مع شركاء آخرين وطرح "قناة خضراء" مع الاتحاد الأوروبي.

انطلقت اليوم الاثنين جولة جديدة من المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في العاصمة البريطانية لندن وسط تكتم شديد، بعد أن كانت الجولة السابقة قد عقدت الشهر الماضي في جنيف، وأسفرت عن اتفاق مؤقت لخفض الرسوم الجمركية المتبادلة. وتأتي هذه المحادثات في قصر لانكاستر هاوس التاريخي، التي من المرجح أن تستمر ليومين، بحضور وفد رفيع المستوى من الجانبين، يترأسه من الجانب الأميركي كل من وزير الخزانة سكوت بيسنت، ووزير التجارة هاورد لوتنيك، إلى جانب جايميسون غرير، ممثل التجارة في البيت الأبيض. أما الجانب الصيني فيقوده نائب رئيس الوزراء هي ليفنغ، الذي افتتح الاجتماع وفق ما نقلته وكالة أنباء الصين الجديدة.

وتتابع الأسواق عن كثب هذا الاجتماع، لكن المحللين يتوقعون ألا يكون مثمراً كما في سويسرا، حيث اتفق البلدان على خفض شديد للرسوم الجمركية المتبادلة بينهما لمدة تسعين يوماً، بحسب "فرانس برس". وقال رئيس مجموعة يوراسيا، إيان بريمر، في مذكرة تحليلية وفقاً لرويترز، إنه من الممكن التوصل إلى هدنة مؤقتة، لكن الاحتمالات في أن تصبح العلاقات الثنائية بناءة تعد ضئيلة بالنظر إلى التوجهات الأوسع نطاقاً لفك الارتباط واستمرار ضغط الولايات المتحدة على الدول الأخرى لاستبعاد الصين من سلاسل التوريد فيها. وأضاف: "كل من هم حول ترامب من أصحاب المواقف المتشددة، وبالتالي فمن غير المرجح تحقيق انفراجة في ما يتعلق باتفاق تجاري أميركي صيني، خاصة في سياق العمل على اتفاقات أخرى لها أولوية".

وامتنعت واشنطن وبكين صباح الاثنين عن كشف أي تفاصيل حول سير المفاوضات التي تجري في قصر لانكاستر هاوس التاريخي بوسط لندن. وكتب ترامب على موقع تروث سوشال أنه يتوقع "أن يكون الاجتماع جيداً جداً". وفي حين أكدت الحكومة البريطانية عدم مشاركتها في المناقشات، قال متحدث باسمها "نحن دولة تدافع عن التجارة الحرة"، وأضاف أن بريطانيا "أكدت دائماً أن الحرب التجارية ليست في مصلحة أحد، لذا نرحب بهذه المحادثات".

المعادن النادرة على رأس جدول المفاوضات

وتعقد المحادثات في لندن بعد مكالمة هاتفية أولى جرت الخميس بين الرئيسين الأميركي والصيني، وصف ترامب نتائجها بأنها "إيجابية جداً"، فيما طلب شي جينبينغ خلالها "تصحيح مسار سفينة العلاقات الصينية الأميركية الضخمة"، بحسب ما أوردت الصحافة الصينية. كما تعقد المحادثات بعدما أعاد ترامب تأجيج التوتر مع الصين الأسبوع الماضي عندما اتّهمها بانتهاك اتفاق خفض التصعيد الذي تم التوصل إليه في جنيف. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت الأحد: "نأمل أن تطبق الصين جانبها من الاتفاق، وهذا ما يعتزم فريقنا بحثه" في لندن.

ومن المتوقع أن تكون صادرات المعادن النادرة الصينية التي تعتبر مصدر خلاف بين البلدين، موضوعاً رئيسياً في المفاوضات، نظراً إلى أهمية هذه المواد الأولية في مجموعة واسعة من المنتجات، لا سيما بطاريات السيارات الكهربائية. وقالت كاثلين بروكس، مديرة الأبحاث في شركة إكس تي بي، بحسب "فرانس برس"، إن "الولايات المتحدة تود عودة" وتيرة تصدير هذه المعادن الاستراتيجية إلى سابق عهدها بعد أن تباطأت منذ أطلق ترامب حربه التجارية. وتابعت أن الصين من جانبها تود أن "تعيد الولايات المتحدة النظر في القيود المفروضة على دخول الطلاب، وعلى الوصول إلى التقنيات المتطورة، لا سيما على التكنولوجيا المتطورة، خصوصاً المعالجات الدقيقة، وأن تُسهّل وصول مزودي التكنولوجيا الصينيين إلى المستهلكين الأميركيين"، معتبرة أن "نتيجة هذه المفاوضات ستكون حاسمة".

وقال المستشار الاقتصادي الأميركي كيفن هاسيت، اليوم الاثنين، إن الفريق الأميركي يريد توافقاً من الصين بشأن المعادن النادرة بعد تحدث الرئيسين دونالد ترامب وشي جين بينغ الأسبوع الماضي. وأضاف هاسيت، وهو مدير المجلس الاقتصادي الوطني، في مقابلة أجرتها معه سي.إن.بي.سي: "الغرض من اجتماع اليوم هو التأكد من جدية الجانبين، لكن أيضاً للحصول على موافقات فعلية". وأضاف أن التوقعات كانت أنه فور الحصول على الموافقة الرسمية، سيتسنى تخفيف ضوابط التصدير وشحن كميات كبيرة من المعادن النادرة.

تراجع التبادل التجاري رغم هدنة جنيف

ووافقت واشنطن بعد يومين من المفاوضات في جنيف على خفض الرسوم الجمركية المتبادلة على المنتجات الصينية من 145% إلى 30%، مقابل أن تخفض بكين رسومها الجمركية على المنتجات الأميركية من 125 إلى 10%، وذلك لمدة 90 يوماً. وأتاحت هذه التسوية للعاصمتين وضع حد موقتاً لتصعيد الرسوم الجمركية الذي باشره ترامب في مطلع نيسان/إبريل وأدى إلى تباطؤ شديد في المبادلات التجارية الثنائية. وتراجعت الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة بنسبة 12,7% في أيار/مايو مقارنة بنيسان/إبريل، بحسب إحصاءات رسمية نشرت الاثنين، فانخفضت من 33 مليار دولار إلى 28,8 ملياراً.

وأظهرت بيانات جمارك تراجع قيمة الصادرات الصينية للولايات المتحدة بنسبة 34.5% على أساس سنوي في مايو/أيار وهو أكبر انخفاض منذ فبراير شباط 2020 وقت جائحة كوفيد-19، وفقاً لرويترز. وفي الولايات المتحدة، أثرت الحرب التجارية بشدة على معنويات الشركات والأسر، وانكمش الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول بسبب ارتفاع غير مسبوق في الواردات، إذ كثف الأميركيون عمليات الشراء للإفلات من الزيادات المرتقبة في الأسعار. لكن في الوقت الحالي، خفتت حدة التأثير على التضخم، وحافظ سوق العمل على نوع من المتانة، غير أن خبراء اقتصاديين يتوقعون أن تصبح الفجوات أكثر وضوحاً خلال الصيف.

وبموازاة سعيها لإعادة العلاقات مع واشنطن إلى طبيعتها، باشرت الحكومة الصينية سلسلة محادثات مع شركائها التجاريين الآخرين من أجل تشكيل جبهة موحدة بمواجهة الولايات المتحدة، بدءاً بالدول الآسيوية وفي طليعتها اليابان وكوريا الجنوبية. وتواصلت الخميس مع كندا على أمل "تفعيل قنوات الحوار" بين البلدين، عبر مكالمة هاتفية بين رئيس الوزراء لي تشيانغ ونظيره الكندي مارك كارني في وقت تشهد العلاقات الثنائية توتراً منذ سنوات إثر توقيف أوتاوا مديرة شركة هواوي بموجب مذكرة توقيف أميركية عام 2018.

كما طرحت بكين على الاتحاد الأوروبي إقامة "قناة خضراء" لتسهيل تصدير المعادن النادرة إلى التكتل، مع السماح بـ"تسريع معالجة" الطلبات التي تعتبر "متوافقة"، وذلك عند مشارف قمة أوروبية صينية مقررة في تموز/يوليو، قد تفضي إلى إعادة التوازن إلى المبادلات بين الطرفين. وقال متحدث باسم كير ستارمر إن وزيرة المالية البريطانية رايتشل ريفز اغتنمت تلك المحادثات لتلتقي الأحد سكوت بيسنت وهي ليفنغ.

(فرانس برس، رويترز، العربي الجديد)

المساهمون