انتقادات إيطالية لقرار الجزائر وقف أنبوب الغاز عبر المغرب

انتقادات إيطالية لقرار الجزائر وقف أنبوب الغاز عبر المغرب

07 نوفمبر 2021
يشكل الغاز الجزائري 47% من إجمالي ورادات إسبانيا من الغاز الطبيعي (Getty)
+ الخط -

ألقت أزمة توتر العلاقات بين الجزائر والمغرب بظلالها على إسبانيا، جارتهما الأوروبية على الضفة الشمالية للبحر المتوسط، حيث أدى قرار الحكومة الجزائرية إغلاق محابس خط الغاز الذي يمر بالمغرب إلى قطع مصدر مهم لإمداد الإسبان بالطاقة، بما يعادل 6 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي، معرضاً مدريد لهزة قوية في توقيت حرج تعاني فيه البلاد من ارتفاع منفلت في أسعار الكهرباء.

ويشكل الغاز الجزائري أهمية كبرى بالنسبة لإسبانيا، إذ صدرت الجزائر هذا العام ما نسبته 47% من إجمالي واردات إسبانيا من الغاز، بما يعادل 15 مليار متر مكعب، وفقاً لبيانات شركة "إيناغاز" التي تتولى إدارة شبكة الغاز الوطنية في إسبانيا.

تداعيات القرار الجزائري

من جانبه، ذكر الخبير الإيطالي في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ماسّيميليانو بوكّوليني أن الجزائر ما فتئت تواصل بحثها عن عدو خارجي من أجل لفت الرأي العام بعيداً عن الأزمة الداخلية التي تشهدها البلاد. فبعد قرارها قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب ومنع طائراته من استعمال مجالها الجوي، ها هي تلقي بورقتها الأخيرة، ألا وهي إغلاق محابس خط غاز المغرب العربي- أوروبا الذي يمر عبر الأراضي المغربية اعتباراً من أول الشهر الجاري. 

وتابع بوكّوليني، في مقال نشرته مجلة "فورميكي" الإيطالية مؤخراً تحت عنوان "الجزائر تغلق خط غاز جي إم إي في وجه المغرب، وتضع إسبانيا في مأزق"، أن الجزائر وعدت الإسبان بتعويضهم عما فقدوه من إمدادات خط الغاز المغربي عبر زيادة طاقة خط ميدغاز إلى 10 مليارات متر مكعب، إلا أن هذا التدخل غير كافٍ ولا يعادل حجم إمدادات الغاز المعتادة لشبه جزيرة أيبيريا".

وأشار إلى أن " تعهد الجزائريين بمضاعفة توريد الغاز الطبيعي لإسبانيا عن طريق البحر، ليس بمقدوره تأمين الإمدادات بشكل منتظم، وذلك لندرة سفن النقل في السوق علاوة على تسببها في زيادة ملحوظة في الأسعار" .

🛑 La decisione unilaterale, immotivata, dell’Algeria di non rinnovare l’accordo sul gasdotto Maghreb-Europa (Gme) 🛑 ...

تم النشر بواسطة ‏‎Urania Giulia Papatheu‎‏ في الأربعاء، ٣ نوفمبر ٢٠٢١

ورأى أن "هذا الإجراء الأخير ألحق الضرر على وجه الخصوص بإسبانيا، وأن الجزائر تريد من ورائه ممارسة نوع من الابتزاز حيال أوروبا" بحسب الكاتب، مضيفاً أن "القرار اتُخذ في إطار وضع اقتصادي يشهد ارتفاعاً ملحوظاً في سعر الغاز ويمثل تهديداً لإمدادات الطاقة الأوروبية، وتُضاف إلى نقص كميات الغاز، الذي أضحى أمراً واقعاً بالنسبة للموردين اعتباراً من سبتمبر/ أيلول الماضي، المشكلات المتعلقة بالتموين، وبصفة خاصة عبر خط غاز نورد ستريم".

ولفت إلى أن المعارضة الجزائرية ترى أن الأزمة الاقتصادية العميقة في البلاد التي فاقمتها قرارات مثل إغلاق خط غاز المغرب العربي - أوروبا تجازف بتهيئة الأسباب المعينة على تدفقات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا من الجزائر التي قدم منها العدد الأكبر من المهاجرين إلى إسبانيا تحديداً، والتي ترفض أي تعاون مع المؤسسات الأوروبية بذات الخصوص.

تعهد الجزائريين بمضاعفة توريد الغاز الطبيعي لإسبانيا عن طريق البحر، ليس بمقدوره تأمين الإمدادات بشكل منتظم

بدوره، قال مصدر مغربي قريب من الملف للمجلة إننا "ندرك الآن أنه ليس من الممكن الاعتماد على شريك غير موثوق به، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بمسائل استراتيجية".
كذلك نقلت المجلة عن توفيق لعابي، المسؤول السابق بالمكتب الوطني المغربي للكهرباء والماء، قوله إن "المغرب قادر تماماً على توفيق أوضاعه على الوضع الجديد، بفضل هامش المناورة المريح الذي أوجده من خلال استراتيجياته للتنويع".

قلق إيطالي

وفي هذا الإطار، نقلت وكالة "ديري" الإيطالية للأنباء عن أندريا كافا، رئيس رابطة الاتحادات المستقلة للشركات الصغيرة والمتوسطة، قوله "أشعر بقلق بالغ حيال ما حدث مؤخراً بين الجزائر والمغرب وإسبانيا، حيث من الممكن أن يؤدي قرار إغلاق خط غاز جي إم إي إلى زيادة تكلفة الطاقة، سواء على المواطنين أو الشركات في أوروبا بأسرها"، مضيفاً أنه "يتعين على أوروبا رفض استغلال الطاقة كسلاح سياسي وابتزازي، وأن تتخذ تحركات حاسمة وقاطعة بذات الخصوص".
ورأى كافا أنه "ليس من الممكن إطاحة المغرب، وذلك لأن استقراره أمر أساسي من أجل إقامة حوار هادئ ومثمر مع القارة السمراء على طريق بناء منطقة أورومتوسطية".

وكتبت السيناتور أورانيا جوليا باباتيو، عضو مجلس الشيوخ عن حزب "فورتسا إيطاليا" اليميني، على صفحتها الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أن "القرار الأحادي للجزائر بعدم تجديد الاتفاق الخاص بخط غاز المغرب - أوروبا غير مبرر، وأرجو ألا يخضع الاتحاد الأوروبي لهذا الابتزاز، وأن يتدخل من أجل التصدي لهذا التحرك الذي يمثل انتقاماً حقيقياً بحق المغرب".

ورأت أن "الجزائر بهذا القرار، الذي يأتي في سياق من التوترات والزيادة الكبيرة في أسعار الطاقة، إنما تستخدم الغاز لغايات سياسية بحتة، ومن ثم تتسبب في زعزعة الأمن الطاقوي للاتحاد الأوروبي عبر قطع الإمدادات في هذا التوقيت الحرج بينما يدق الشتاء أبوابنا. لنقل لا إذاً لابتزاز الطاقة".

ويتفق معها في الرأي النائب باولو غريمولدي، عضو مجلس النواب عن رابطة الشمال (اليمينية المتطرفة)، إذ اعتبر على حسابه الشخصي في موقع "تويتر" أن "قرار الجزائر ابتزاز مرفوض بشأن الغاز"، في حين عبر زميله باولو لاتانسيو، من الحزب الديمقراطي اليساري، عن قلقه بقوله إن "زيادة أسعار الطاقة وتصعيد التوتر ليسا بالتأكيد ما نحتاج إليه في البحر المتوسط".

المساهمون