استمع إلى الملخص
- تضررت تسعة برامج رئيسية تشمل الصحة والتعليم والبيئة والزراعة، مما أثر على الدعم الفني والتمويل، وتأثر 1100 طالب مصري كانوا يحصلون على منح دراسية.
- أثار القرار جدلاً واسعاً بسبب اتهامات بدعم أنشطة مثيرة للجدل، وتأمل الوكالة في تدخل القضاء الأميركي لوقف تقليص الموظفين.
بدأ العشرات من الموظفين الأجانب في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، في مغادرة مصر، والعودة إلى بلادهم، من بين نحو 1200 موظف مصري وأجنبي يعملون في مصر، ولم يتلقوا رواتبهم عن شهر يناير/كانون الثاني حتى الآن، حسبما قال موظف مصري بالوكالة لـ "العربي الجديد".
كذلك توقف عمل المئات من موظفي الوكالة المصريين بعدما أصيبت أعمالهم بالشلل من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعليق العمل بالوكالة وغلق مقرها في أميركا ووقف موقعها الإلكتروني يوم 3 فبراير/شباط الجاري وحتى 3 مايو/أيار المقبل (90 يوماً). ومنحت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية موظفيها المصريين والأجانب في مصر إجازة مفتوحة، وسط أجواء تشاؤمية حول إمكانية معاودة أنشطة الوكالة في مصر، على الأقل وفق ما كانت تسير عليه قبل تولي ترامب السلطة وإصداره هذا القرار.
ويقول الموظف المصري بالوكالة، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن سبب الأجواء التشاؤمية ومغادرة الأجانب العاملين بها لمصر، وبدء بحث المصريين عن وظائف أخرى، هو كشف وكالة رويترز، نقلاً عن أربعة مصادر أميركية، يوم 7 فبراير الجاري أنه لن يبقى بوكالة التنمية سوى 294 موظفاً فقط من بين أكثر من 10 آلاف موظف كانوا يعملون فيها على مستوى العالم، منهم 12 فقط في مكتب أفريقيا من 1200 حالياً.
وأصبح مستقبل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في خطر، وأحاط الغموض بمستقبلها وتمويلها، بعد اتهام الرئيس دونالد ترامب لها يوم 2 فبراير الجاري بأنها "تدار من قبل مجموعة من المجانين المتطرفين"، ووصفها وزيره لإدارة الكفاءة إيلون ماسك بأنها "منظمة إجرامية" و"حركة سياسية يسارية راديكالية"، وطُرد عدد من كبار موظفيها وغلق مقرها، حسبما ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" 4 فبراير الجاري.
والوكالة مسؤولة عن إدارة برامج المساعدات الخارجية والتنمية الأميركية، لكن ترامب أسند إدارتها لوزير الخارجية، الذي ينوي تقليص أنشطتها بصورة كبيرة وتخفيض موازنتها بصورة ضخمة، ما يعني تخفيض تمويل برامج المساعدة العالمية. ووفقاً لـ "دائرة البحوث بالكونغرس"، فقد وظفت الوكالة أكثر من عشرة آلاف شخص حول العالم، ثلثاهم خارج الولايات المتحدة، وتمكنت الوكالة أيضاً من إدارة أكثر من 40 مليار دولار في السنة المالية 2023.
ويقول عاملون في الوكالة بمصر إنهم يأملون أن يتصدى قضاه أميركيون لقرار ترامب، حيث منع قاضٍ فيدرالي خطة ترامب منح 2200 عامل في الوكالة إجازة مدفوعة الأجر، وأمر بوقف مؤقت لخطط سحب الآلاف من موظفي الوكالة من وظائفهم، يوم 8 فبراير الجاري. وأوقف القاضي الأميركي مؤقتاً خطة ترامب، التي تقدم حوافز إلى العاملين الفدراليين للاستقالة طواعية، ورددت إدارة ترامب أن 40 ألفاً منهم قبلوا عرض الاستقالة مقابل التعويض.
وقال القاضي الفيدرالي جورج أوتول جونيور، إن الخطة ستتوقف مؤقتاً حتى جلسة استماع تتقرر خلالها الأسس الموضوعية للدعوى القضائية التي رفعتها نقابات الموظفين الفيدراليين، وفقاً لشبكة سي بي إس.
تضرر 9 برامج لوكالة التنمية الأميركية في مصر
وللوكالة الأميركية للتنمية تسعة برامج رئيسية نشطة في مصر، تغطي مجالات الصحة، والتعليم، والبيئة، والزراعة، والغذاء، والحماية الاجتماعية، وتمكين المرأة. ويشير تقرير لموقع إنتربرايز الاقتصادي المحلي إلى أن إغلاق الوكالة الأميركية أبوابها سيعني أن هذه البرامج ستفقد أكثر من مجرد التمويل، وهو الدعم الفني الذي كانت تقدمه الوكالة، عبر خبراء يحضرون لدعم البرامج، أو مبعوثين يسافرون لتلقي التدريب في الخارج.
وتشير مصادر من العاملين المصريين بالوكالة الأميركية للتنمية لـ "العربي الجديد" إلى أن من البرامج التي ستتضرر برامج دعم القطاع الزراعي المصري التي دعمتها الوكالة بـ 1.4 مليار دولار على مدار 40 عاماً، ومبادرة إصلاح واستقرار الاقتصاد الكلي الممولة من الوكالة، وجميع مشروعات الصحة العامة الممولة من الوكالة، بما في ذلك تلك التي تدعمها منظمة الصحة العالمية.
ورغم أن قرار ترامب بوقف المساعدات الخارجية لمدة 90 يوماً، استثنى المساعدات العسكرية المقدمة إلى كل من مصر وإسرائيل، إلا أن البرامج الأخرى التي تمولها الولايات المتحدة في مصر، خصوصاً في مجالات الصحة والتعليم والأسرة والتدريب توقفت تماماً.
وكان أكثر المتضررين بشكل مباشر، 1100 طالب مصري من الحاصلين على منح دراسية ممولة من الوكالة، الذين باتوا من دون تمويل لمواصلة تعليمهم، حتى إن بعضهم أصبح مهدداً بفقدان السكن، وقد تدخلت الجامعات ووزارة التعليم العالي المصرية لتغطية المصروفات الدراسية لـ 877 طالباً منهم، ولم تشمل حزم الدعم المصرية 124 طالباً في الجامعة الأميركية بالقاهرة.
ويشير تقرير لموقع "بيزنس منثيلي businessmonthlyeg" التابعة للغرفة التجارية الأميركية بالقاهرة في 5 فبراير الجاري إلى أن تجميد مساعدات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "عطل قطاع التعليم العالي في مصر". وأوضح أنه في يونيو/حزيران 2024، حصلت مصر على 130 مليون دولار من منح الوكالة الأميركية للتنمية الدولية عبر قطاعات متعددة، مع تخصيص حوالى 47 مليون دولار لمبادرات التعليم، وشمل ذلك 35 مليون دولار لمبادرة التعليم العالي المصرية الأميركية، و12 مليون دولار للمرحلة الثانية من التعليم الأساسي، و13.5 مليون دولار للحوكمة الاقتصادية.
ومن خلال المنح الدراسية وبرامج التبادل والشراكات الجامعية، تمكنت الوكالة الأميركية للتنمية من تمكين آلاف الطلاب المصريين من متابعة دراساتهم العليا، سواء في الداخل أو الخارج، ما ساهم في تعزيز الاقتصاد المصري القائم على المعرفة من خلال تعزيز الإبداع والبحث والتعاون الدولي، وفق "بيزنس منثيلي".
وبحسب الموقع الرسمي للمساعدات الخارجية الأميركية، تلقت مصر أكثر من 237 مليون دولار من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في عام 2023، موزعة على التعليم العالي والتعليم الابتدائي والتنمية الزراعية.
برنامج واحد يعطل باقي البرامج
وقالت مصادر اقتصادية وحقوقية مصرية لـ "العربي الجديد" إنه بسبب وجود برنامج واحد من بين 9 برامج تمولها الوكالة الأميركية في مصر خاص بتمكين المرأة وحماية حقوق (المثليين)، ستتضرر باقي البرامج. وفور انتصار ترامب، تلقت مكاتب الوكالة في جميع أنحاء العالم توجيهات بوقف تمويل أي برامج لتمكين المرأة أو النوع الاجتماعي، والمساواة بين الجنسين الذي كان على رأس قائمة أولويات إدارة بايدن السابقة.
وقالت وكالة أسوشييتد برس، 7 فبراير الجاري، إن إدارة ترامب تسعى لتفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "USAID" بموجب "معلومات مضللة" على وسائل التواصل الاجتماعي يروجها ترامب نفسه وإيلون ماسك، تزعم أن الوكالة تدعم أنشطة للمثليين وعمليات التحول الجنسي التي تحاربها إدارة ترامب.
وزعمت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، كارولين ليفيت، أن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أنفقت مبالغ على مشاريع شملت "1.5 مليون دولار لتعزيز التنوع والمساواة والشمولية في أماكن العمل في صربيا، و70 ألف دولار لإنتاج عرض موسيقي في أيرلندا، و47 ألف دولار لأوبرا عن المتحولين جنسيًا في كولومبيا، و32 ألف دولار لكتاب هزلي في بيرو"، إلا أن التحليل يظهر أن هذه الادعاءات غير دقيقة، وفق "أسوشييتدبرس".
وأكدت أسوشييتد برس أن المنحة الوحيدة التي قدمتها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية كانت لمنظمة صربية تدعى Grupa Izadji بهدف تعزيز التنوع والمساواة في أماكن العمل في صربيا. أما باقي المشاريع، فقد مولتها وزارة الخارجية الأميركية من خلال مكتب وكيل الوزارة للدبلوماسية العامة.
وخصصت الوزارة نحو 71 ألف دولار في عام 2022 لشركة أيرلندية لإنتاج عرض موسيقي يعزز القيم المشتركة بين الولايات المتحدة وأيرلندا، و25 ألف دولار لجامعة في كولومبيا لإنتاج أوبرا تعزز تمثيل المتحولين جنسيًا، و32 ألف دولار لمنظمة في بيرو لإنتاج كتاب هزلي يعالج قضايا اجتماعية وصحية عقلية.