استمع إلى الملخص
- يندرج تركيز السعودية على الهيدروجين الأخضر ضمن رؤية 2030 لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، مستفيدة من الموارد الطبيعية لخفض التكاليف وجذب الاستثمارات العالمية.
- رغم التحديات، تسعى السعودية لتحقيق التنمية المستدامة والتحول نحو الطاقات النظيفة، مع توقع انخفاض تكاليف التقنية، مما يدعم التوسع في السيارات الكهربائية وتحقيق أهداف رؤية 2030.
يعتمد إنتاج الهيدروجين الأخضر على الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والتي تتمتع السعودية بوفرة منها، ومع زيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء، يمكن أن تنخفض تكاليف توليد الكهرباء في المملكة، ما قد ينعكس إيجابا على فواتير الطاقة المنزلية للمواطنين.
في هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي علي سعيد العامري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن مشاريع الهيدروجين الأخضر في السعودية تؤثر على فواتير الطاقة المنزلية للمواطنين بعدة طرق، فمن المعروف أنه يتم إنتاج الهيدروجين الأخضر عبر التحليل الكهربائي للماء باستخدام طاقة متجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ومع توسع مشاريع الطاقة المتجددة قد تنخفض كلفة توليد الكهرباء محليا، وهو ما يُقلل الاعتماد على النفط والغاز في توليد الطاقة الكهربائية المخصصة للاستهلاك المحلي.
أيضاً يمكن تصدير الهيدروجين الأخضر إلى الأسواق العالمية (مثل أوروبا وآسيا)، التي تبحث عن بدائل نظيفة للوقود الأحفوري، وقد تستفيد السعودية من العائدات الناتجة عن التصدير وتستخدمها لدعم الخدمات العامة أو تخفيض فواتير الطاقة محليا، خاصة مع تنويع مصادر الدخل القومي، بحسب العامري.
ويضيف الخبير الاقتصادي أن الهيدروجين الأخضر يمكن استخدامه كوسيلة لتخزين الطاقة المتجددة الفائضة في السعودية، ما يعزز استقرار الشبكة الكهربائية ويقلل الهدر، وهو ما قد يساهم في خفض التكاليف على المدى الطويل، مشيرا إلى أن الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة المحلية يُقلص تعرض السعودية لتقلبات أسعار النفط العالمية، ما يوفر استقرارا في تكاليف الطاقة للمواطنين.
وعن تركيز السعودية استثماراتها بقطاع الهيدروجين الأخضر أخيرا، يلفت العامري إلى أن هذا التوجه يندرج في إطار تنويع الاقتصاد وفق رؤية 2030 التي تستهدف تقليل الاعتماد على النفط باعتبار ذلك جزءاً من استراتيجية التنويع الاقتصادي. ولأن السعودية تتمتع بأشعة شمس قوية ومساحات شاسعة، فهي بلد مناسب لإنتاج الطاقة الشمسية بكلفة منخفضة، وهو عامل حاسم في إنتاج الهيدروجين الأخضر تنافسي السعر، حسب تقدير العامري.
كما يعزز الاستثمار في الهيدروجين الأخضر التزام السعودية بأهداف خفض الانبعاثات الكربونية، مثل مبادرة "السعودية الخضراء"، ما يعزز صورتها دولةً فاعلة في مكافحة التغير المناخي، بحسب العامري، مشيرا إلى أن جذب الاستثمارات وتطوير التقنيات ومشاريع السعودية مثل "نيوم" و"الهيدروجين الأخضر في مدينة أكوا باور" تجذب شركات عالمية وتمول أبحاثا في التقنيات النظيفة، وهو ما يعزز الابتكار ويخلق فرص عمل جديدة.
لكن العامري يلفت إلى تحديات في هذا الإطار، منها أن إنتاج الهيدروجين الأخضر ما زال مكلفا مقارنة بالهيدروجين الرمادي (المُنتج من الغاز الطبيعي)، كما أن المشروع بحاجة إلى بنية تحتية متخصصة، ويتطلب تطوير شبكات نقل وتخزين الهيدروجين استثمارات ضخمة.
وفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي محمد الناير، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن توجه السعودية نحو تبني الهيدروجين الأخضر يأتي في إطار سعي المملكة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والتحول نحو الطاقات النظيفة والمتجددة، كما هو الحال مع دول الخليج الأخرى التي تسعى جاهدة للابتعاد عن الاعتماد على الوقود الأحفوري المسبب الرئيسي للتلوث البيئي والتغيرات المناخية، مشيرا إلى أن التغير المناخي يمثل تحديا عالمياً كبيرا، ما يدفع العديد من الدول إلى التسابق نحو اعتماد الطاقات النظيفة.
ورغم أن الكلفة الأولية لهذه التقنية مرتفعة، إلا أن الناير يتوقع أن تنخفض مع مرور الوقت، وفق مؤشرات السوق الحالية، ما يجعلها في متناول الجميع في المستقبل، موضحا أن ارتفاع الكلفة في المراحل الأولى يعد جزءا من سياسة الدولة، وليس عبئا على المستهلكين أو الأفراد.
فالسعودية تسعى جاهدة لتحقيق رؤيتها 2030، من خلال التركيز على الموارد الجديدة والمتجددة، والطاقة النظيفة، استعداداً للمرحلة التي سيتم فيها التخلي عن الوقود الأحفوري بشكل تدريجي، بحسب الناير، لافتا إلى أن هذا التوجه يتوافق مع التوسع في استخدام السيارات الكهربائية والاعتماد على الطاقات النظيفة في السعودية.
ويخلص الناير إلى أن مشروعات الهيدروجين الأخضر تعكس التزام السعودية بتحقيق أهدافها الاقتصادية الطموحة برؤية 2030، وهي مشروعات قد تكون بكلفة أعلى من الطاقة الأحفورية في المرحلة الأولى، إلا أنها ستكون مناسبة ومتاحة للجميع في المستقبل.