النفط يتجاوز كارثة الهند ويقترب من 70 دولاراً وسعر الغاز يسجل قفزات

النفط يتجاوز كارثة الهند ويقترب من 70 دولاراً وسعر الغاز يسجل قفزات

06 مايو 2021
ازدحام المسافرين في مطار أورلاندو بفلوريدا
+ الخط -

تغلبت المؤشرات الإيجابية في أسواق النفط والغاز الطبيعي على المخاوف التي سيطرت على المستثمرين خلال الأسبوعين من تداعيات موجة كورونا الحالية في الهند. وبدأ تجار الخامات النفطية يركزون أنظارهم على العوامل الإيجابية التي تدعم أسعار العقود المستقبلية، وعلى رأسها ارتفاع الطلب على وقود الطائرات في الولايات المتحدة الذي ارتفع بنحو 200 ألف برميل يومياً في إبريل/ نيسان الماضي وزيادة عدد المسافرين في المطارات الأميركية إلى 1.4 مليون مسافر يومياً في إبريل/ نيسان الماضي، وذلك إضافة إلى توجه أوروبا لفك حركة التنقل والسفر بين دول الاتحاد خلال الصيف الجاري.
زيادة النمو الاقتصادي
يضاف إلى ذلك ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي في كل من الصين والولايات المتحدة فوق التوقعات السابقة، إذ نما الاقتصاد الصيني بنحو 18.3% في الربع الأول من العام الجاري. وتشير توقعات المصارف التجارية الكبرى إلى أن الاقتصاد الأميركي ربما سينمو فوق 7.0% خلال العام الجاري. وتستهلك أميركا نحو 20 مليون برميل يومياً بينما تستورد الصين أكثر من 13 مليون برميل يومياً من النفط. وبالتالي فإن الدولتين تقودان الطلب العالمي على الطاقة إلى جانب دول جنوب شرقي آسيا وأوروبا.

وحسب بيانات الطيران الأميركي، ارتفع الطلب على وقود الطائرات في أميركا بنحو 200 ألف برميل يومياً في إبريل/ نيسان. كما أظهرت بيانات أمن المطارات الأميركية ارتفاع عدد المسافرين خلال نفس الشهر إلى 1.4 مليون مسافر يومياً. وفي تعليق على مؤشرات حركة السفر بالولايات المتحدة، قال المحلل الأميركي تاماس فارقا، إن "الولايات المتحدة تقود الطلب العالمي على الغازولين بعد عودة السفر بالسيارات عبر أميركا ونهاية فترة الإغلاق".

وفي ذات الشأن، قال الخبير النفطي الأميركي، فيل فلين، المحلل بمجموعة "برايس فيوتشر غروب" بشيكاغو، إن "السوق متفائلة بعودة رحلات الطيران للتحليق بين أوروبا وأميركا". وفي مؤشر على تحسّن المعنويات الاستهلاكية، ارتفع سعر الغاز الطبيعي في السوق الفورية بآسيا إلى نحو 8.85 دولارات لمليون وحدة حرارية بريطانية.

وهذا الارتفاع في الأسعار يأتي في فترة ما قبل الصيف وليس الشتاء، وهو ما يمنح مؤشراً على أن دورة انتعاش كبيرة متوقعة في أسعار الغاز المسال خلال الشتاء في آسيا. وكانت أسعار الغاز بلغت أكثر من 32 دولاراً لمليون وحدة حرارية بريطانية في الشتاء الماضي.

وفي أكبر مؤشر على الطلب القوي على الغاز، بدأت شركات الطاقة الآسيوية الاستعداد مبكراً لشراء إمداداتها من الغاز الطبيعي المسال للشتاء المقبل لتفادي ما حدث من الاختناقات التي رفعت أسعار الغاز الطبيعي بمستويات قياسية في يناير/ كانون الثاني الماضي.

وحسب نشرة "أويل برايس" الأميركية، تعاقدت شركة "ساينوبيك" الصينية للطاقة على شراء 35 شحنة غاز مسال لتسلم لها بين يونيو/ حزيران وفبراير/شباط. ولكن الشركات الصينية ليست وحدها التي تعاقدت على شحنات الغاز المسال، فإن الشركات اليابانية وكوريا الجنوبية تتجه للتعاقد لشراء صفقات غاز مسال خلال الشهر الجاري لتفادي أزمات الغاز المسال والارتفاع الجنوني في الشتاء، خاصة في حال ارتفاع درجات البرودة.
تأرجح جنوني للغاز
وشهدت أسعار الغاز المسال تأرجحاً جنونياً خلال الشتاء الماضي، حيث ارتفع سعر مليون وحدة حرارية بريطانية من الغاز من سعرها الأدنى نحو دولارين في الربع الثاني من العام الماضي وهي فترة إغلاقات النشاط الاقتصادي إلى 32.5 دولاراً في فترة الشتاء حينما بدأت اقتصادات جنوب شرقي آسيا تظهر علامات انتعاش اقتصادي، خاصة الاقتصاد الصيني.

وحسب نشرة "هيلينك" العالمية للشحن البحري، فإن 95% من النمو المتوقع في الطلب العالمي على الغاز ستأتي من آسيا حتى نهاية العام 2022.
ويرى محللون أن هنالك ثلاثة عوامل ستدعم الطلب العالمي على الغاز المسال خلال العام الجاري وشتاء العام 2022، من أهمها مؤشرات النمو الاقتصادي الإيجابية التي تدعم الطلب والأسعار.

أما العامل الثاني الذي يدعم الطلب على الغاز المسال، فهو ارتفاع الاستهلاك في دول جنوب شرقي آسيا، غير المرتبطة بخطوط أنابيب غاز تغذيها براً مثلما هو الحال في أوروبا التي ترتبط بأنابيب الغاز الروسية وإنما تعتمد بدرجة رئيسية في تلبية احتياجاتها على شحنات الغاز الطبيعي المسال.

أما العامل الثالث، فهو أن الدول الآسيوية الكبرى المستهلكة للطاقة تتجه نحو تنفيذ تعهداتها الخاصة بالبيئة النظيفة وبالتالي تقليل استخدام الفحم الحجري والنفط الثقيل والمواد المنتجة لغازات ثاني أكسيد الكربون والاعتماد أكثر على الطاقة الزرقاء لسد النقص المتوقع في توليد الطاقة خلال السنوات المقبلة. وعلى الرغم من الموجة الثانية من جائحة كورونا وتداعياتها السلبية على الطلب على الطاقة العالمية، فإن توقعات خبراء الطاقة تشير إلى أن الطلب الآسيوي على الغاز الطبيعي المسال سيواصل الارتفاع خلال العام الجاري وبداية العام المقبل 2022. وعادة ما تشهد أسعار الغاز المسال دورة ارتفاعات سعرية بين شهري نوفمبر/ تشرين الثاني ونهاية فبراير/ شباط. وهي فترة الشتاء التي ترتفع فيها أسعار الغاز المسال الفورية بسبب ارتفاع احتياجات التدفئة وتتحسب لها الشركات في آسيا وأوروبا.
توقعات بارتفاع الطلب
على صعيد النفط، تتوقع وكالة الطاقة الدولية ارتفاع الطلب العالمي على النفط بنحو 5.7 ملايين برميل يومياً إلى 96.7 مليون برميل يومياً خلال العام الجاري. ويرى محللون بشركة "رايستاد أنيرجي" النرويجية، أن السوق العالمية قادرة على امتصاص التراجع في الطلب النفطي بالهند الذي حدث بسبب تفشي جائحة كورونا. وتقدر شركة "رايستاد أنيرجي" تراجع الطلب العالمي على النفط بسبب الجائحة بنحو 914 ألف برميل يومياً في شهر مايو/أيارالجاري.

وهنالك العديد من المصارف التي أظهرت تفاؤلاً حول مستقبل النفط وقدرة العالم على السيطرة على جائحة كورونا خلال العام الجاري. من بين هذه المصارف، مصرف "غولدمان ساكس" الاستثماري الأميركي، الذي توقع ارتفاع أسعار النفط خلال الصيف الجاري إلى 80 دولاراً للبرميل. من جانبها، توقعت "رايستاد أنيرجي" لأبحاث الطاقة النرويجية، ارتفاع الطلب العالمي على الخامات النفطية بنحو 3 ملايين برميل بين مايو/أيار الجاري ونهاية يونيو/ حزيران المقبل.

وترى الخبيرة لويس ديكسون بشركة رايستاد، أن الطلب العالمي على النفط سيرتفع بغض النظر عن تداعيات الجائحة على الهند، وذلك وفقاً لتعليقات أدلت بها لنشرة "ريغ زون" الأميركية. وتتوقع ديكسون ارتفاع أسعار النفط فوق 70 دولاراً خلال الصيف الجاري. من جانبه، يتوقع مصرف "يو بي أس" السويسري ارتفاع أسعار خام برنت إلى 75 دولاراً في النصف الثاني من العام الجاري. وهنالك العديد من خبراء النفط وشركات الوساطة النفطية، الذين يتوقعون ارتفاعات فوق 75 دولاراً للبرميل خلال النصف الثاني من العام.

يُذكر أن أسعار النفط ارتفعت أمس الأربعاء، مواصلة المكاسب بسبب تراجع مخزونات الخام الأميركية بأكثر من المتوقع الأسبوع الماضي، وهو ما يعزز وجهات النظر الإيجابية حيال الطلب على الوقود في أكبر اقتصادات العالم.

وحسب رويترز، صعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 48 سنتاً في سوق سنغافورة بما يعادل 0.7 بالمائة إلى 66.17 دولارا للبرميل، وذلك بعد تقدمها إلى 66.58 دولارا، وهو مستوى لم تبلغه منذ الثامن من مارس/ آذار. كما ارتفع خام برنت في السوق الآجلة مقترباً من مستوى 70 دولاراً للبرميل. وحسب بيانات بلومبيرغ، بلغ سعر خام برنت لعقود يوليو/ تموز في تعاملات منتصف الظهيرة أمس الأربعاء سعر 69.82 دولاراً للبرميل.

المساهمون