النظام يحجّم الاستيراد ويشن حملات أمنية لوقف انهيار الليرة السورية

نظام الأسد يحجّم الاستيراد ويشن حملات أمنية لوقف انهيار الليرة السورية

26 مارس 2021
تحسن سعر الليرة أمام الدولار (فرانس برس)
+ الخط -

تحسن سعر العملة السورية بأكثر من 600 ليرة مقابل الدولار، ليسجل، أمس الخميس، نحو 3990 ليرة، بعد أن هبط خلال آخر إقفال الأسبوع الماضي إلى نحو 4600 ليرة مقابل العملة الأميركية.

وقالت مصادر إعلامية من العاصمة السورية دمشق إن نظام بشار الأسد شدّد الحملة الأمنية بالتوازي مع إجراءات لكبح الاستيراد. وكشفت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، لـ"العربي الجديد" عن "إغلاق شركتي صيرفة بدمشق ومنع مكاتب الصيرفة بمنطقتي المرجة والحريقة من البيع والشراء".

وفي حين يحمّل نظام بشار الأسد أسباب تراجع سعر الليرة لما حصل في لبنان، يكشف مسؤول مالي سوري أن حكومة بشار الأسد "اتخذت خلال الساعات القليلة الماضية سلسلة من الإجراءات" لتحسين سعر الليرة السورية، واعداً بمزيد من التحسن خلال الأيام المقبلة.

ويضيف المسؤول المالي، وفق ما نقلت وسائل إعلامية سورية أول من أمس، أن بلاده حدت بشكل كبير من عمليات التهريب بين الحدود السورية واللبنانية، ومنعت استيراد العديد من المواد التي تعتبر من الكماليات ويمكن الاستغناء عنها عدة أشهر، فضلاً عن التدخل في سوق الصرف من خلال توقيف عدد ممن يمارسون مهنة الصيرفة بشكل غير نظامي.

وعلّقت وزارة الاقتصاد السورية استيراد أجهزة الهواتف المحمولة "حتى إشعار آخر"، وفق قرار رسمي نشرته صحيفة الوطن، أول من أمس، في خطوة برّرتها الهيئة الناظمة للاتصالات بمنح "الأولوية" لاستيراد مواد أساسية وسط شحّ الدولار وتدهور الليرة.

ويموّل المصرف المركزي جزءاً من كلفة إجازات الاستيراد الرسمية، ومع هذا القرار، سيذهب الجزء المخصص للهواتف المحمولة إلى تمويل مواد أساسية أخرى، حسب مراقبين. وفور التداول بالقرار، شهدت أسواق الهواتف المحمولة ارتفاعاً متفاوتاً في أسعارها.

وتعاني سورية التي تشهد أزمة اقتصادية حادة بعد 10 سنوات من الحرب، وتطاولها عقوبات غربية، في توفير الدولار الضروري لاستيراد احتياجاتها الأساسية، في وقت تسجّل الليرة منذ مطلع العام انخفاضاً غير مسبوق، فوق 4 آلاف ليرة، ولا يزال سعر الصرف الرسمي يعادل 1256 ليرة.

وما فاقم من الأزمة الاقتصادية أخيراً تدابير التصدي لوباء كوفيد-19. كذلك تواصل الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان المجاور لها مع الأزمة السورية، حيث يودع سوريون كثر، بينهم رجال أعمال، أموالهم، ما زاد الوضع سوءاً في سورية.

وفي محاولة من النظام السوري لكبح جموح الدولار، شدد الحملة الأمنية على شركات الصرافة وأغلق بعضها.

وفي هذا السياق، يرى الاقتصادي السوري، حسين جميل، أن سعر الصرف لا يعالج بالقمع والإغلاق لمكاتب الصرافة، بل بالبحث عن الأسباب الحقيقية وتلافيها، مبيناً خلال اتصال مع "العربي الجديد" أن السوق يعاني من خلل كبير بالعرض النقدي، خاصة بعد طرح نظام الأسد كتلا نقدية كبيرة من العملة السورية، مع نقص كبير بالعملات الأجنبية واستمرار تجار سورية ولبنان في شراء الدولار من السوق السوداء لتمويل التجارة، بواقع الأزمة التي يعيشها البلدان.

ويتوقع جميل أن تعاود العملة السورية الهبوط بعد موجة الملاحقة والحلول الأمنية، لأن مقومات استقرار سعر العملة مفقودة بسورية، بل ومرشحة برأيه لمزيد من التأزم، بواقع اضطرار النظام لاستيراد الضروريات من قمح ونفط، وعدم كفاية سد الصادرات خلل الدولار، لأنها تقتصر على الخضر والفواكه وغذاء السوريين، إذ لا يمكن وقف استيراد مستلزمات الدواء والغذاء من الخارج أو اعتبار النفط كماليات.

ويضيف الاقتصادي السوري: قرأنا منع استيراد الهواتف المحمولة ومستلزماتها ضمن ما أعلنته وزارة الاقتصاد عن وقف استيراد الكماليات، فمن هي الشركات الحصرية بهذا القطاع؟ وهل نسيت الوزارة أن شركة أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري، هي من استوردت عبر شركتها "ايماتيل" آخر إصدار "آيفون" قبل شهرين؟ وأقامت حفلاً بدمشق لبيعها بما بين 5 و5.5 ملايين ليرة سورية.

وكان مجلس الوزراء قد أكد على الوزارات في جلسته الأسبوعية، الثلاثاء الماضي، دعم جهود فريق العمل المشكل لدى مصرف سورية المركزي، والذي يضم مختصين من القطاعين العام والخاص والأجهزة الرقابية المعنية، لمتابعة تطورات سوق الصرف وتقديم المقترحات اللازمة لاتخاذ الإجراءات المناسبة لمعالجة ذلك، بالتوازي مع تشكيل فريق عمل لمتابعة منعكسات هذه الإجراءات على استقرار وتخفيض أسعار السلع الأساسية.

كما جدد رئيس مجلس الوزراء، حسين عرنوس، الوعيد بفرض عقوبات رادعة بحق المضاربين على الليرة، واتخاذ أشد العقوبات وفق القانون بحق محتكري المواد الغذائية والمتاجرين بالمواد المدعومة، مع الاستمرار ببذل أقصى الجهود وتقديم التسهيلات اللازمة لزيادة الإنتاج لتوفير المتطلبات اليومية للمواطن بأسعار وجودة مناسبة.

وتعاني الأسواق السورية من ارتفاع في أسعار السلع تعدى 30% خلال الأسبوعين الماضيين، بعد تراجع سعر صرف الليرة رغم وفرة العرض السلعي، كما تقول مصادر من دمشق لـ"العربي الجديد".

وتشير المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، إلى أن عادات شراء الخضر والفواكه بـ"الحبة" باتت سمة أسواق العاصمة دمشق، بل ويوجد إعلان سعر من الباعة للقطعة الواحدة "حبة الطماطم 150 ليرة سورية"، وذلك بعد ارتفاع سعر الكيلو من 1200 إلى 1500 ليرة خلال أسبوع.

كما وصل سعر كيلو الخيار إلى 1300 ليرة والبطاطا إلى 1000 ليرة، علما أن راتب الموظف يكفيه لشراء كيلو بندورة وكيلو خيار يومياً لمدة شهر من دون أي نشاط أو إنفاق آخر"، حسب المصادر.

المساهمون