النظام المالي في سورية: مشروع عربي للهيكلة واستعداد تركي للمساعدة

18 فبراير 2025
استعداد عربي وتركي لدعم تحديث النظام المالي السوري، دمشق في 16 ديسمبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواجه النظام المالي السوري تحديات بسبب تخلف المصارف الحكومية، بينما تمتلك المصارف الخاصة منظومات حديثة. بعد إسقاط نظام الأسد، ظهرت دعوات لتحديث النظام المصرفي بدعم عربي وتركي.
- أشار خبراء إلى ضرورة تحديث الأنظمة وتأهيل الكوادر، مع التركيز على تعزيز رأس المال ومعالجة الديون المتعثرة. يمكن لاتحاد المصارف العربية أن يسهم في إعادة التعاون مع المصارف الدولية.
- دعا الخبراء إلى دمج المصارف الحكومية المتشابهة لتلبية احتياجات السوق، مع التركيز على دور المصارف في تطوير الاقتصاد وتوفير التمويل لإعادة الإعمار.

يقرّ اقتصاديون سوريون، قبل المراقبين العرب والدوليين، بتخلف النظام المالي السوري، خاصة المصارف الحكومية، في حين تمتلك المصارف الخاصة التي دخلت سورية بعد عام 2004، منظومات عمل وطرق استثمار حديثة، الأمر الذي أدى لتأخر المصارف الحكومية لدرجة اعتبار بعضها فائضاً عن الحاجة، ولا بد من الدمج أو الخصخصة، كما يرى البعض.

ويعود سبب تخلف المصارف الحكومية لأسباب تاريخية لها علاقة بالتحوّل الاشتراكي ودعم القروض الشخصية، كمصرف التسليف الشعبي ومصرف التوفير. وبعد إسقاط نظام الأسد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بدأ البعض يطرح ضرورة تحديث بنية النظام المصرفي السوري ليواكب التطورات الحديثة، وهو ما لقي دعماً عربياً وتركياً.

وقال مدير المكتب المالي بالرئاسة التركية، غوكسال أشان، إن بلاده مستعدة لتقديم المساهمة ومشاركة خبراتها لدعم النظام المالي الذي ستنشئه سورية. وأضاف أشان لوكالة الأناضول اليوم الثلاثاء، أن الحكومة السورية يمكن أن تستفيد من التجربة التركية في بناء نظام خاص بالخدمات المصرفية المفتوحة والرقمية. أما أمين عام اتحاد المصارف العربية، وسام فتوح، فقد التقط الحاجة السورية لتأهيل القطاع المصرفي وأعلن في تصريحات إعلامية، الاثنين، عن نية الاتحاد إطلاق مشروع لإعادة هيكلة القطاع المصرفي السوري، بالتعاون مع جهات أوروبية، عبر خطط وصفها بـ"الجادة". 

ضرورة تحديث النظام المالي السوري

من جهته، قال أستاذ المالية بجامعة باشاك شهير بإسطنبول، فراس شعبو، لـ"العربي الجديد" إن المصارف السورية ليست متخلفة على صعيد الكوادر والأنظمة أو السلع المقدمة، ولكنها ليست متقدمة بالوقت ذاته، فهي تحتاج لتحديث الأنظمة والأهم تأهيل الكوادر، لكن الأهم الذي تحتاجه المصارف السورية هو تعزيز رأس المال لاستعادة ثقة المتعاملين وعودتها للأسواق، وهذا ما لا نتوقع أن يقدم عليه اتحاد المصارف العربية. 

ويستدرك شعبو أن العناوين التي طرحها الاتحاد العربي ضرورية وعاجلة، سواء قضية الديون المتعثرة المقدرة بالمصرف الصناعي فقط بأكثر من 30 مليار ليرة (نحو 2.9 مليون دولار)، أو إدخال التقنيات الحديثة بالعمل المصرفي السوري الذي يعاني من شبه عزلة دولية بسبب الحرب، زادتها العقوبات الأوروبية والأميركية. ويمكن للاتحاد العربي أن يعيد التعاون مع المصارف العربية وحتى الدولية، لأن هذا أهم أدواره. 

وحول الخصخصة وما لمّح اتحاد المصارف العربية إليه، يضيف أستاذ المالية أن الاتحاد يمكن أن يتقدم بدراسة أو مقترح حول المصارف التي لم يعد لها مبرر، ليجري دمجها مع مصارف أخرى أو حتى بيعها للقطاع الخاص، إذ وبالفعل، توجد مصارف بسورية عفا عن دورها الزمن، ويمكن لأي قسم بمصرف كبير أن يؤدي مهامها. 

كانت وزارة الخزانة الأميركية، قد خففت الشهر الماضي، بعض العقوبات المفروضة على سورية، لستة أشهر فقط، بهدف السماح بوصول المساعدات الإنسانية، وتوفير الخدمات، والسماح بالمعاملات مع المؤسسات الحاكمة في سورية، بعد إسقاط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

أما الخبير المالي السوري، غسان الرفاعي فيرى أنه "من الضروري إعادة النظر بالمنظومة المصرفية الحكومية السورية، ولكن بحذر ومن دون ردات فعل على الفترة السابقة، سواء لجهة القوانين الناظمة للاستثمار المصرفي والمالي أو التعامل مع المصارف القائمة". وأكد أنه "لا بد من إعادة النظر بالمنظومة بأكملها، التي شابها فساد كبير وكانت أهم القطاعات التي دخلها المال الفاسد وسيطر على قرارها وعلاقتها وطريقة عملها، رجال النظام السابق". 

وأضاف الخبير السابق بالبنك الدولي لـ"العربي الجديد" أن للمصارف دوراً رئيساً بتطوير واستقرار الاقتصاد، وهي عملياً المسؤولة عن تنفيذ السياسات النقدية وبعض المالية، فضلاً عن دورها الحاسم بالتحكم بالتضخم عبر سعر الفائدة وغيره، وتزيد من شروط النمو والاستقرار المالي بأي بلد. ووفقاً للرفاعي هناك ضرورة لإعادة النظر بالمصارف الحكومية الموجودة اليوم والتي تعمل على أساس تخصصي مثل البنك الصناعي، والزراعي، والتوفير، والعقاري، والتجاري.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

واعتبر أن هذه التخصصات وجدت لأسباب تاريخية وربما أيديولوجية، داعياً لإعادة النظر بتقسيمها ودمج المتشابه منها للوصول إلى مصرف أو مصرفين كبيرين بتخصصات وخدمات وسلع متعددة، تلبي حاجة السوق السورية الواعدة، خاصة لجهة التمويل. 

ويلفت الرفاعي الذي دخلت المصارف الخاصة سورية عام 2004 حين كان وزيراً للاقتصاد، إلى أن بلاده جذبت مصارف خاصة وشركات تأمين مهمة على صعيد المنطقة، لذا برأيه فإن القصة ليست بالمصارف بل بآلية عملها والتعامل معها، مؤكداً أن المرحلة المقبلة مختلفة بالمطلق عن الفترة السابقة، فإعادة إعمار سورية وإطلاق العمل الصناعي والزراعي وحتى التجاري، يحتاج لتمويل.

وأشار إلى أنه على الصعيد الشخصي، يحتاج السوريون قروضاً لترميم بيوتهم وأخرى لمشروعاتهم الصغيرة، ما يعني أن قطاع المصارف والتأمين من الضرورات القصوى، دون استعجال أواحتكار أو تضييق.

(الدولار= 10400 ليرة سورية تقريباً)

المساهمون