النظام السوري يقلّص دعم الطاقة لتخفيف خسائره المالية

النظام السوري يقلّص دعم الطاقة لتخفيف خسائره المالية

19 نوفمبر 2021
ارتفاع أسعار الوقود يرهق السوريين (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

بدأت سلسلة رفع أسعار حوامل الطاقة تنطلق من قطاع لآخر، بالتزامن مع إعلان النظام السوري عن مبلغ الدعم المخصص للمحروقات في مشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2022، والبالغ 2700 مليار ليرة، " ما يعادل 770 مليون دولار" حيث تم رفع سعر المازوت الصناعي، من 650 ليرة إلى 1700 ليرة (الدولار = 3500 ليرة)، وبعدها بيوم تم رفع سعر الغاز خارج البطاقة الذكية، ليصبح سعر الأسطوانة المنزلية سعة 10 كغ بـ 30600 ليرة، والأسطوانة الصناعية والتجارية سعة 16 كغ بـ 49000 ليرة سورية.
ويأتي الحديث عن رفع أسعار الكهرباء، بعد عدة تصريحات لوزير الكهرباء في حكومة النظام، غسان الزامل، والتي أعلن فيها عن مجمل خسائر قطاع الكهرباء خلال السنوات العشر السابقة، مقدرا إياها بأكثر من 100 مليار دولار، كما تحدث في تصريحات لجريدة "الثورة" التابعة للنظام، عن أن الوزارة تقوم بمشاريع لإعادة تأهيل وصيانة محطات التوليد في عدد من المحافظات بقيمة 918 مليون يورو.
بدوره رأى المحلل الاقتصادي، أحمد المسالمة، أن الظاهر في قرارات رفع الأسعار التي يقوم بها النظام على حوامل الطاقة، أنها تخص أكثر الصناعيين والتجار وأصحاب رؤوس الأموال، من أجل إيصال رسالة بأن رفع الأسعار لم يقترب من ذوي الدخل المحدود أو المواطن العادي، لكن من جهة ثانية، فإن المتأمل في هذه العملية سوف يلاحظ أنها تخص المنتجين، أي أن ذلك سوف ينعكس حكما على أسعار السلع التي ينتجونها، والتي في النهاية يشتريها المواطن ذو الدخل المحدود.

وأشار المسالمة في تصريح لـ "العربي الجديد"، إلى أن الأسعار بدأت تتحرك في الأسواق منذ إعلان النظام رفع أسعار المازوت، وبعدها بيوم رفع أسعار الغاز، لافتا إلى أن الأسعار سوف ترتفع أكثر الفترة المقبلة.
وأشار المسالمة إلى أن خطة رفع أسعار حوامل الطاقة، تمت قراءتها في مشروع الموازنة العامة للدولة، لدى إصدارها، من خلال مبلغ الدعم المخصص للمحروقات والبالغ 2700 مليار ليرة، مبينا أن هذا المبلغ يشير بوضوح إلى أن النظام سيتنصل من التزاماته تجاه دعم المحروقات، تحت ذرائع الخسائر الكبيرة التي يتكبدها، جراء اضطراره لاستيراد أكثر من 80 بالمائة من حاجته من النفط من الأسواق الخارجية بالعملة الصعبة، بعد أن كان الإنتاج المحلي يغطي كامل حاجته قبل العام 2011.
وختم المسالمة تصريحاته لـ "العربي الجديد" بالقول، إن "حاجة النظام من المحروقات من الأسواق الخارجية، بين نفط وغاز، تصل إلى نحو 15 مليار دولار سنويا، فيما حدد مبلغ الدعم بـ770 مليون دولار في موازنة العام 2022، أي أقل بكثير من واحد بالمائة "، مشيرا إلى أن "الفارق الكبير بين الرقمين، يؤكد أن النظام يخطط للمزيد من رفع أسعار الطاقة خلال العام القادم، أو التقتير كثيرا في استخدامها، وكما هو حاصل خلال الفترة الحالية".
ويعاني قطاع الكهرباء في سورية، من أزمات كثيرة، تتمثل بالدرجة الأولى، بحسب تصريحات سابقة لوزير الكهرباء، بنقص الوقود اللازم لتشغيلها، أو بسبب التخريب الذي تعرضت له وحاجتها للإصلاح والترميم، حيث أشار الوزير غير مرة، إلى الحاجة لأكثر من 25 مليون متر مكعب يوميا من أجل تشغيل محطات التوليد لتعمل بكامل طاقتها، بالإضافة إلى كميات كبيرة من الفيول، بينما المتوفر لا يتجاوز الـ 9 ملايين متر مكعب من الغاز.
وهو ما دفع وزارة الكهرباء إلى وضع برنامج تقنين جائر على المناطق السورية كافة، يتمثل بخمس ساعات وصل مقابل ساعة قطع واحدة، غير أنه على أرض الواقع، فتصل ساعات القطع إلى أكثر من هذه الأرقام بكثير، وقد يستمر القطع لعدة أيام.

يعاني قطاع الكهرباء في سورية، من أزمات كثيرة، تتمثل بالدرجة الأولى، بحسب تصريحات سابقة لوزير الكهرباء، بنقص الوقود اللازم لتشغيلها، أو بسبب التخريب الذي تعرضت له وحاجتها للإصلاح والترميم


وفي المقابل يرى مراقبون، أن ازمة قطاع الكهرباء في سورية، يحاول النظام أن يختصرها في الفترة بعد العام 2011، من أجل تحميل المسؤولية للثورة، حيث يشير المهندس، نعيم عواد، الذي كان يشغل سابقا منصب مدير لأحد فروع شركات الكهرباء التابعة للدولة، أن قصة خسائر قطاع الكهرباء في سورية، تعود إلى ما قبل هذا التاريخ بكثير، عندما كان المسؤولون يقدرون خسائر هذا قطاع بـ10 مليارات دولار سنويا، ثم يقولون إن هذه الخسائر تتحملها الحكومة في سبيل دعم المواطنين.
ويؤكد عواد في تصريحات خاصة بـ"العربي الجديد" أن سبب هذه الخسائر يعود بالدرجة الأولى إلى تقصير الدولة بعدم بناء محطات تحويل كافية، لتربط بين محطات التوليد ومناطق الاستهلاك، كاشفا أن المسافة القانونية بين محطة تحويل وأخرى، يجب أن تكون نحو 45 كيلومترا، من أجل التخفيف من الفاقد الكهربائي، بينما في سورية، تصل المسافة أحيانا إلى أكثر من 100 كيلومتر، وهو ما يؤدي حسب قوله، إلى ضياع الطاقة الكهربائية، والتسبب بخسائر كبيرة للدولة، أما النظام فكان على الدوام يعتبرها جزءا من عمليات الدعم التي يقدمها للمواطنين.

وأكد عواد في ختام تصريحاته أن المشكلة الكبرى التي يواجهها قطاع الكهرباء في سورية هو قدم محطات التوليد، والتي يعود بعضها إلى أكثر من خمسين عاما، بينما البعض الآخر تم بناؤه وفقا لمواصفات بدائية.

المساهمون