النظام السوري يستولي على نصف المساعدات الدولية عبر تلاعبه بسعر الصرف

النظام السوري يستولي على نصف المساعدات الدولية عبر التلاعب بسعر صرف الدولار

22 أكتوبر 2021
النظام يجبر وكالات الإغاثة الدولية على استخدام سعر صرف غير حقيقي (فرانس برس)
+ الخط -

التقى مسؤولون اقتصاديون من النظام السوري مع نظرائهم في عدد من الدول العربية خلال مشاركتهم في معرض تجاري في مدينة دبي، فيما أشار تقرير دولي إلى أن نظام بشار الأسد يستولي على نصف المساعدات الدولية المقدمة عبر وكالات الأمم المتحدة من خلال تلاعبه بأسعار صرف الدولار.

وذكرت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري أن وفد النظام عقد في دبي سلسلة من الاجتماعات الاقتصادية مع ممثلين عن مصر ولبنان والجزائر وماليزيا وبولندا، بهدف مد جسور التعاون واستكشاف الفرص الاقتصادية، وذلك خلال مشاركته في معرض "إكسبو دبي 2020".

وأضافت الوكالة أن النقاشات ركزت على قطاع الصناعات الثقيلة لإنتاج الهياكل الفولاذية عالية الجودة.

إلى ذلك، ورغم العقوبات التي فرضتها على النظام السوري، باتت الحكومات الغربية أكبر مصدر للعملة الصعبة لنظام بشار الأسد، وفق تقرير لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.

ويشير التقرير الذي نشر أول من أمس، إلى أن النظام السوري لطالما وجه المساعدات إلى المناطق التي يعتبرها موالية له، وأعاق وصولها إلى المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة. كما يحول النظام السوري سلال الطعام إلى الوحدات العسكرية، وعندما تشحن وكالات الإغاثة البسكويت الغني بالبروتين لإنقاذ حياة الأطفال، يأكله الجنود، في وقت يعاني خمس الأطفال دون سن الخامسة من سوء التغذية، بحسب التقرير.

وأوضح التقرير أن النظام يجبر وكالات الإغاثة الدولية على استخدام سعر صرف غير حقيقي، ما سمح له بالحصول على ما يقرب من 51 سنتا من كل دولار مساعدات دولية، أنفق في سورية عام 2020. واستخدم النظام هذه الأموال أيضا لدعم البنك المركزي السوري بالعملة الصعبة، وهو مؤسسة فرضت عليها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة عقوبات.

وتقدم الدول المانحة حوالي 2.5 مليار دولار كمساعدات كل عام منذ عام 2014 لمساعدة المحتاجين في سورية، لكنهم يساعدون في الوقت نفسه النظام.

وتقوم وكالات الأمم المتحدة بتحويل الأموال اللازمة لعملياتها إلى بنوك خاصة تعمل في سورية أو إلى "بنوك مراسلة" في بلدان أخرى، وفي كلتا الحالتين، تقوم الوكالات بصرف العملات الأجنبية (عادة بالدولار الأميركي) بالليرة السورية بسعر يحدده البنك المركزي السوري.

ويشير التقرير إلى أن سعر الصرف يكون أقل بكثير من المعدل الذي يحدده العرض والطلب، ويتعين على البنوك الخاصة أن تبيع نصف عملتها الصعبة مباشرة إلى البنك المركزي السوري.  

ورغم انخفاض سعر العملة السورية إلى 4700 ليرة مقابل الدولار بحلول مارس/ آذار الماضي، إلا أن البنك المركزي لم يسمح لوكالات الإغاثة إلا باستخدام السعر الرسمي وهو 1500 ليرة مقابل الدولار.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وهذا يعني أن ما يقرب من ثلثي أموال المعونة التي تنفق داخل البلد تختفي حتى قبل وصولها إلى وجهتها. ويشير التقرير إلى أنه في حين تحسن سعر الصرف الرسمي للبنك المركزي هذا العام بواقع 2500 ليرة سورية للدولار، وصل سعر السوق السوداء إلى 3500 ليرة سورية، مضيفا أن التجار والمستهلكين الشرعيين يستخدمون سعر السوق السوداء، لأنه يوفر المزيد من الليرات السورية مقابل العملة الأجنبية.

ويقول التقرير إن فرض سعر صرف محدد هو نهج من النظام، للحصول على المزيد من الأموال لتعزيز احتياطاته من العملة الصعبة.

وبحسب البيانات الدولية التي اعتمدها التقرير والتي تخص عام 2020، فقد خسرت المساعدات الموجهة للشعب السوري أكثر من 100 مليون دولار على مدى عامين، إذ إن المنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة تستخدم أيضا الليرة السورية، التي لا يمكن الحصول عليها إلا في المناطق التي يسيطر عليها النظام، لدفع رواتب موظفيها.

وفي تعليقه على هذا التقرير، قال الباحث الاقتصادي السوري عمر النايف إن نظام الأسد لطالما عمد إلى بيع أو توزيع المساعدات الإنسانية التي تقدمها الأمم المتحدة والمنظمات لفئات معينة مقربة منه، وحرمان ما يعتبرها مناطق معارضة، حتى تلك الخاضعة لسيطرته، من تلك المساعدات.

وأضاف النايف أن مسؤولي الأمم المتحدة على علم بهذا السلوك من جانب النظام، ويدركون أيضا تلاعبه بسعر صرف الدولار، لكنهم واصلوا تقديم الأموال بهذه الآلية العرجاء، وخضعوا لابتزاز النظام، خلافا لعدد محدود من المنظمات غير التابعة للأمم المتحدة مثل منظمة "مديكو إنترناشونال" و"آفاد تل وكوستر" التي أوقفت أعمالها في سورية بسبب الضغوط التي تعرضت لها من قبل النظام.

وتشارك منظمات مختلفة تابعة للأمم المتحدة في تقديم المساعدات من بينها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، وبرنامج الغذاء العالمي، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة الأغذية والزراعة، ومنظمة اليونيسيف.

المساهمون