المناطق الاقتصادية.. مفتاح عُمان لربط الخليج بسلاسل الإمداد العالمية

18 أكتوبر 2025   |  آخر تحديث: 11:24 (توقيت القدس)
القرار يوفر إعفاءات جمركية على الواردات والصادرات، سوق مطرح في 1 مايو 2025 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أصدر سلطان عُمان مرسومين لإنشاء منطقتين اقتصاديتين خاصتين في عبري ومحضة لتعزيز التنويع الاقتصادي ضمن رؤية عُمان 2040، مستفيدتين من موقعهما الاستراتيجي على الحدود مع السعودية والإمارات.
- تجاوزت الاستثمارات في المناطق الاقتصادية 22 مليار ريال عُماني بحلول 2025، مسهمة بنسبة 7.5% من الناتج المحلي و11.6% من الأنشطة غير النفطية، مما يدعم إعادة هيكلة الاقتصاد وتوفير فرص عمل.
- تسهم المناطق الجديدة في خلق فرص وظيفية وتعزيز التجارة مع الإمارات والسعودية، وتفتح الباب للوصول إلى أسواق أوسع، مما يدعم القطاع السياحي والخدمي ويعزز الاستقرار.

سلط إصدار سلطان عُمان هيثم بن طارق، مرسومين بإنشاء منطقة اقتصادية خاصة في محافظة الظاهرة بولاية عبري ومنطقة اقتصادية خاصة في الروضة بولاية محضة في محافظة البريمي، الضوء على استراتيجية السلطنة للتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف رؤية عُمان 2040، وموقع المناطق الاقتصادية منها، ومدى ما تمثله من إضافة لاقتصاد السلطنة. فالمنطقتان، وفق قرار إنشائهما الصادر في 8 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، تحملان قيمة اقتصادية كبيرة بفضل موقعهما الاستراتيجي المميز عند الحدود مع السعودية والإمارات.

وتقع المنطقة الاقتصادية في الظاهرة على بعد 5 كيلومترات من منفذ الربع الخالي الحدودي، بينما تقع منطقة الروضة على بعد 85 كيلومترا من ولاية البريمي، ما يجعلهما نقطتي اتصال حيويتين للتجارة الإقليمية، وفقا لما أورده تقرير نشرته "عمان أوبزرفر". وتخضع المنطقتان لأحكام قانون المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 38/2025، والذي يوفر إعفاءات ضريبية لمدة 10 سنوات قابلة للتمديد، بالإضافة إلى الإعفاءات الجمركية على الواردات والصادرات وحرية نقل الأرباح والملكية الأجنبية الكاملة، ويوحد الإطار التنظيمي لجميع المناطق الاقتصادية، ما يقلل التعقيدات الإدارية ويعزز جاذبية عُمان للمستثمرين الأجانب، بحسب تقدير نشرته "ميدل إيست بريفنغ".

ويأتي إنشاء المنطقتين في وقت تشهد فيه الاستثمارات في المناطق الاقتصادية والمناطق الحرة والمدن الصناعية في سلطنة عمان نموا ملحوظا، حيث تجاوزت 22 مليار ريال عُماني بحلول النصف الأول من 2025، بزيادة 10% عن العام السابق، وتساهم بنسبة 7.5% من الناتج المحلي الإجمالي و11.6% من الأنشطة الاقتصادية غير النفطية، وفقا لتقرير نشرته مجلة "الدقم إيكونوميست" الاقتصادية.

رؤية عُمان 2040

وفي هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي العُماني، مؤسس البوابة الذكية للاستثمار والاستشارات، يوسف بن حمد البلوشي، لـ "العربي الجديد"، إلى أن سلطنة عمان تعمل على تنفيذ رؤية عمان 2040، التي دخلت مرحلتها الثانية ضمن الخطة الخمسية الحادية عشرة، الممتدة من عام 2026 إلى عام 2030، وتستهدف إعادة هيكلة الاقتصاد وتنويع القاعدة الإنتاجية، إلى جانب توفير فرص عمل للعدد المتزايد من المواطنين، ومن بين الأدوات الأساسية لتحقيق هذه الأهداف، استحداث وبناء مناطق اقتصادية وصناعية خاصة.

ويوضح البلوشي أن مناطق كهذه تُصمم لخدمة محاور استراتيجية متعددة، أبرزها العلاقات المتميزة التي تربط سلطنة عمان بجيرانها من الدول الشقيقة، لافتا إلى أن موقع بعض هذه المناطق بالقرب من دولة الإمارات العربية المتحدة يمنحها ميزة تنافسية، نظرا إلى ما تمتاز به الإمارات من زخم تجاري كبير، وقدرة على إعادة التصدير، وحراك استثماري متنام. كما تولي سلطنة عُمان اهتماما متزايدا بتوطيد علاقاتها الاقتصادية مع المملكة العربية السعودية، من خلال إنشاء منطقة اقتصادية مشتركة من شأنها تعظيم الاستفادة من زخم النمو الاقتصادي في المملكة، وكذلك من الحجم الكبير للمعاملات التجارية والاستثمارية التي تشهدها السوق السعودية، بحسب البلوشي.

ويضيف الخبير الاقتصادي العماني أن هناك ديناميكية جديدة في اقتصاد السلطنة تهدف إلى استغلال الموارد الطبيعية المتعددة المتوافرة في السلطنة، إلى جانب الاستفادة من الميزة الجغرافية الفريدة لموقعها خارج الممرات المائية الضيقة، مثل مضيق هرمز، منوها إلى أن موقع عُمان المطل على المحيط الهندي يمنح خطوط الملاحة الدولية مسارا أكثر أمانا ويقلل من التعرض للمخاطر والتحديات الجيوسياسية التي تحيط بالمنطقة. ويتوقع البلوشي أن يشهد الاقتصاد العُماني نموا جيدا في المرحلة المقبلة، مؤكدا أن إنشاء المناطق الاقتصادية والمناطق الحرة من شأنه أن يعزز هذا النمو ويدعم مسيرة التحول الاقتصادي التي تقودها رؤية عمان 2040.

وظائف وتنشيط الاقتصاد

وفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي العماني، خلفان الطوقي، لـ "العربي الجديد"، إلى أن المناطق الاقتصادية الحدودية التي تعمل سلطنة عمان على تطويرها مختارة بعناية، فالأولى منها تقع في محافظة تعاون مشترك بين عُمان والإمارات، وتحديدا مع إمارة دبي، بينما الثانية تُنفذ بالشراكة مع المملكة العربية السعودية، واصفا هذا التوجه بالإيجابي نظرا إلى ما يحمله من فوائد اقتصادية واعدة. 

فهذه المناطق تسهم في خلق فرص وظيفية جديدة، وتنشيط حراك اقتصادي عبر إنشاء مراكز تجارية وخدمات مساندة، ما يفتح الباب أمام تبادل الخبرات بين العمانيين والأجانب، كما أنها تعزز من حجم التبادل التجاري بين عُمان والإمارات من جهة، وعُمان والسعودية من جهة أخرى، مع امتداد الأثر ليشمل كل دول مجلس التعاون الخليجي، بحسب الطوقي. كما أن هذه المناطق لن تقتصر على خدمة السوق العمانية فحسب، بحسب تقدير الطوقي، بل ستُستخدم أيضا محطاتٍ لإعادة التصدير، مستفيدة من موقع عُمان الاستراتيجي القريب من دبي، التي تمثل مركزا لوجستيا وتجاريا رائدا في المنطقة.

ومن شأن مبادرات كهذه أيضا أن تفتح الباب أمام عُمان للوصول إلى أسواق أوسع، بدءا من السوق السعودية الضخمة، ثم التوسع تدريجيا إلى أسواق أخرى، بحسب الطوقي، مضيفا أن الاستثمارات في هذه المناطق ليست محلية بالكامل، بل تشمل مشاركات خارجية كبيرة، خاصة من صناديق سيادية خليجية مثل الصندوق العماني والإماراتي والسعودي، إلى جانب صناديق استثمارية خاصة والقطاع الخاص، ما يشكل فرصة مثالية لبناء منصات استثمارية متكاملة على أرضية مهيأة بالبنية التحتية اللازمة بفضل الدعم الحكومي المشترك.

ويلفت الطوقي إلى أن هذه المناطق الحدودية شبه خالية من السكان، لذا فإن تنشيطها سيعزز الحضور البشري والحركة المنظمة على الحدود، ما ينعكس إيجابا على الأمن والاستقرار في سلطنة عمان، كما أن تطويرها سيدعم القطاع السياحي والخدمي، عبر تأمين احتياجات المسافرين بين عُمان والإمارات أو بين عُمان والسعودية، وتحويل مناطق كانت شبه مهجورة إلى مراكز حيوية متكاملة. ويخلص الطوقي إلى أن المنطقتين الاقتصاديتين في الظاهر والبريمي تمثلان مثالا ناجحا على هذا التوجه العماني الاستراتيجي، حيث يتم توليد فرص استثمارية جديدة، ودعم بناء قصص نجاح مشتركة، سواء في عُمان، كونها بيئة حاضنة ملائمة، أو في باقي دول الخليج التي تمتلك أسواقا كبيرة وقدرات لوجستية وعمالة مؤهلة وتكلفة تشغيل تنافسية.

المساهمون