الممتلكات السورية المصادرة: إعادة الحقوق واستعدادات لرفع الحجز الاحتياطي

18 يناير 2025
شارع في دمشق، 24 ديسمبر 2024 (عمر حاج قدور/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- استعادة الممتلكات المصادرة: بعد سقوط نظام بشار الأسد، بدأت عملية استعادة الممتلكات المصادرة في سوريا، حيث تم إعادة جامعة اليرموك الخاصة في درعا إلى مالكها، واسترداد العديد من الأصول والعقارات والشركات التي كانت تحت سيطرة النظام أو حزب البعث.

- تفعيل ملف الحجز الاحتياطي: تعمل اللجنة المختصة على إعادة العقارات المصادرة بمجرد إثبات الملكية، مع توقعات بإنصاف السوريين الذين صودرت ممتلكاتهم أو جُمدت حساباتهم، وسط تساؤلات حول قانونية الإجراءات السابقة.

- الابتزاز بالأملاك: استخدم نظام الأسد الحجز الاحتياطي كأداة عقاب جماعية، مما أدى إلى بيع الممتلكات في المزادات أو تحويلها لشركائه، مستغلاً القانون رقم 10 لعام 2018 لسلب أملاك السوريين.

بدأت ملامح الأمل باستعادة الممتلكات المصادرة في سورية، إثر هروب بشار الأسد وسقوط النظام البعثي الذي حكم البلاد منذ مطلع ستينيات القرن الماضي. وآخر ما تمت إعادته من ممتلكات مصادرة من نظام الأسد المخلوع، كانت جامعة اليرموك الخاصة بمحافظة درعا جنوبي سورية، بعد استيلاء النظام عليها منذ عام 2011 لوقوف مالكها إلى جانب الثورة واتهامه بدعم الإرهاب، لتضاف إلى ما سبقها من إعادة الحقوق لأصحابها، ويتوالى استرداد الأصول والعقارات والشركات.

ويبقى رفع الحجز الاحتياطي عن أموال وممتلكات بقية المعارضين والثوار مرهونًا بقرارات وزارة المال، وطَيّ قرارات الحجز والمصادرة وعودة المؤسسات السورية للعمل بهذا الملف. وتكشف مصادر رسمية في دمشق لـ "العربي الجديد" عن بدء توزيع البيوت المصادرة من نظام الأسد لأصحابها بعد تكليف "الهيئة السياسية" بكل محافظة لدراسة قانونية التملك، بعد تقديم أصحاب البيوت الأصليين سند الملكية والإثباتات اللازمة.

استعادة الممتلكات

وتؤكد مصادر "العربي الجديد" استمرار تسليم المنازل والمباني المصادرة من قبل نظام الأسد المخلوع أو لمصلحة حزب البعث، كما حدث أخيرًا من استعادة مباني القيادتين القومية والقطرية لمصلحة الدولة، وشقق سكنية لأصحابها كما حدث في أحياء "المزة وزقاق الجن والمالكي"، حتى قصر الروضة الجمهوري في دمشق الذي عاد لأصحابه من عائلة الجرائي، كما عاد بناء الاستعلامات التابع للقصر الجمهوري في المالكي لأصحابه من عائلة الحافظ، ومبنى رابطة المحاربين عاد لعائلة كيّال، وبيت في ساحة عدنان المالكي سبق أن استولى عليه عدنان مخلوف ابن عم والد رامي مخلوف، عاد أيضًا لمالكيه الأصليين من عائلة غيبة.

وسبق أن كشفت مصادر إعلامية سورية عن استعادة ورثة برهان العظم والمحامي أسامة المؤيد العظم وأشقائه، بناءهم الخاص في منطقة الجبة بدمشق، والذي تم الاستيلاء عليه بعقد إيجار قسري وغير عادل منذ عام 1963. وأكدت مصادر إعلامية سورية استرجاع مالكين في حي المالكي بدمشق مبنى، كان مستولى عليه من قبل أحد أفراد النظام السابق وآخر في حي شارع بغداد بدمشق، بعدما كان مستولى عليه من قبل أحد الضباط. إضافة إلى استعادة عائلة منزلها بعد 42 عامًا من مصادرته قسرًا وأخرى من حي ركن الدين الدمشقي، حيث تمت استعادة أحد بيوت العائلة بعد 50 عامًا من السيطرة عليه.

طي الحجز الاحتياطي

رغم تأكيد المصادر الحكومية لـ "العربي الجديد" أن اللجنة المختصة "مستعدة لإعادة العقارات والمنازل المصادرة والموضوع اليد عليها بمجرد إثبات الملكية"، وذلك بعد التأكد من الملكية ومنح المالك عبر "ورقة من النائب العام ليستلموا العقار فورًا"، إلا أن ملف العقارات والشركات وحتى الأموال المحجوزة احتياطيًا لم يستكمل بعد، وفق ما يؤكده وزير الثقافة السوري السابق، رياض نعسان آغا لـ "العربي الجديد"، والذي طاوله الحجز الاحتياطي لتأييده الثورة بتهمة الإرهاب، كما طاول آلاف السوريين الذين انتصروا لثورة الشعب ووقفوا بوجه نظام الأسد. ويضيف نعسان آغا أن ممتلكاته وأمواله المحجوزة أو التي هدد الأسد ببيعها بمزاد علني، بعد طرد ذويه منها، "لم تعد لعائلته حيث طلبوا سجل ملكية، ولكن مكتب السجل العقاري لم يفتح بعد".

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

ملف طي الحجز الاحتياطي بدأ تفعيله لتسوية جميع حقوق السوريين التي صادرها نظام الأسد "بالقريب العاجل"، كما توقع القانوني السوري محروس فؤاد. ويشير الأخير لـ "العربي الجديد" إلى أن نهج الإدارة الجديدة في دمشق يتجه نحو إنصاف السوريين المغبونة حقوقهم أو من صودرت ممتلكاتهم وتجمدت حساباتهم، متوقعًا إنصاف السوريين واسترداد حقوقهم وممتلكاتهم، سواء كانوا سياسيين أو رجال أعمال، بعد اتهامهم بتمويل مجموعات إرهابية والتآمر على كيان الدولة، وزعزعة استقرارها الداخلي، والقيام بأعمال تستهدف إثارة الحرب الأهلية والاقتتال الطائفي، وفق مسوغات الحجز والمصادرة الصادرة عن نظام الأسد.

وحول المستند القانوني للحجز ومصادرة ممتلكات السوريين، يبين القانوني السوري أن نظام الأسد المخلوع اعتمد على قانون مكافحة الإرهاب رقم 19 الصادر عام 2012 في جميع الإجراءات المتخذة ضد السوريين المصادرة ممتلكاتهم أو المحجوز على أموالهم احتياطيًا.

ابتزاز بالأملاك

ويقدر المفتش المالي إبراهيم محمد خلال تصريحه لـ "العربي الجديد" عدد الأشخاص المحجوزة أموالهم بعشرات الآلاف "حداً أدنى"، حيث إن الحجز الاحتياطي خلال النصف الأول من العام الماضي 2024 في بلدة زاكية الصغيرة غربي دمشق، طاول نحو 817 مدنيًا، وفق تقرير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان".

وتبين الشبكة خلال تقرير في 18 يوليو/ تموز 2024 تحت عنوان "النظام السوري يستخدم الحجز الاحتياطي على الأموال كأداة عقاب جماعية"، أن هذه القرارات "لا تستند إلى أية معايير قضائية، وإنما جاءت عبر قرارات أمنية". تؤكد مصادر من دمشق أن نظام بشار الأسد "تصرّف ببعض الممتلكات والأصول" لمن حجز عليهم احتياطيًا، "كممتلكات شركة عنزروتي للصناعات الغذائية"، رغم أن الحجز الاحتياطي، وفق القانوني محروس فؤاد، هو عملية احترازية، وليست تنفيذية، ولا تتيح التصرف بالممتلكات، كما لا يتم رفعها إلا بدفع مبالغ مالية على شكل مصالحة مع وزارة المالية.

وشملت قرارات وزارة المالية لعام 2017 فقط بالحجز الاحتياطي، الآلاف من الشخصيات الحكومية والوزارية الرسمية السابقة، ومعارضين ومنشقين عن الجيش، وفنانين وإعلاميين سوريين معروفين، بينهم الوزير السابق أسعد مصطفى، ورئيس الوزراء السابق رياض حجاب، والإعلامي فيصل القاسم، ورائد الفضاء محمد الفارس، ومؤسس الجيش الحر المعارض رياض الأسعد، ووزير الدفاع السابق بالمعارضة سليم إدريس.

كما شملت القائمة الفنان العالمي علي فرزات، والمطربة أصالة نصري، وأيضًا الفنانين والفنانات: فارس الحلو، يارا صبري، كندا علوش، سامر المصري، عبد الحكيم قطيفان، جمال سليمان، مي إسكاڤ، عابد فهد، فدوى سليمان، والإعلامية زينة اليازجي، والموسيقي مالك الجندلي، وغيرهم. ولم ينجُ من الحجز الاحتياطي في سورية معظم الاستثمارات الخليجية في سورية، وحتى رجل الأعمال رامي مخلوف "ابن خال بشار الأسد"، وتجار وصناعيون مقربون من النظام مثل عصام أنبوبا وطريف الأخرس، فضلًا عن أولئك الذين لا ملكية لهم، مثل رئيس المجلس الوطني المعارض جورج صبرا، الذي أكد سابقًا لـ "العربي الجديد" صدور قرار بالحجز الاحتياطي رغم أنه لا يملك أي شيء في سورية، قائلاً إنه "حتى منزلي كان بالإيجار".

وكان رئيس إدارة قضايا الدولة بسورية، صلاح ونوس، أكد في تصريح سابق أن إجمالي مبالغ الحجز الاحتياطي التي حصلتها الدولة خلال العام 2021 بلغ نحو 19 مليار ليرة تقريبًا، ومليون ونصف المليون دولار، و30 ألف يورو، و1007 ريالات سعودية، وذلك من أصل 115 مليار ليرة.

ويقول الاقتصادي السوري عماد الدين المصبح إن نظام الأسد البائد اعتمد الحجز الاحتياطي ومنع السفر والتذرع بالتهرب الضريبي، لإجبار السوريين على دفع إتاوات ورشى، أو بيع المصادرات والمحجوز عليها، كي يكمل حربه ويرمم العجز والإفلاس، خاصة بعد عام 2017.

ويضيف المصبح لـ "العربي الجديد" أنه ورغم عدم جواز بيع الممتلكات أو التصرف بالأصول والأموال للمحجوز عليه احتياطيًا، كان النظام المخلوع يبيع بالمزاد العلني أو يحوّل الملكية لشركائه، حتى قبل صدور حكم المحاكم وتحويل الاحتياطي إلى تنفيذي. ولكن، جاءت الكارثة الكبرى، برأي المصبح، بعد صدور القانون رقم 10 لعام 2018، والذي أطلق يد نظام الأسد في سلب أملاك السوريين، كونه جاء شاملاً لجميع الأراضي السورية، بذريعة إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإدارية.

المساهمون